عربي و دولي

بيان مشترك لوزارة الخارجية الايرانية ومنظمة الطاقة الذرية..

نشرت وزارة الخارجية الايرانية ومنظمة الطاقة الذرية بيانا مشتركا حول تقرير المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية المقدم لاجتماع مجلس المحافظين في حزيران 2025.

وفي ما يلي نص البيان:

“نظرًا لنشر التقرير الأخير الصادر عن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية المدرج في الوثيقة رقم GOV/2025/25 بتاريخ 31 مايو 2025، ترى وزارة الخارجية ومنظمة الطاقة الذرية ضرورة التأكيد على النقاط التالية:

انتهكت حكومات بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، والولايات المتحدة الأمريكية مرارًا التزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) والقرار 2231، وفي الوقت نفسه لجأت إلى فرض عقوبات أحادية غير قانونية وضغوط تتعارض مع مبادئ القانون الدولي ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وفي اجتماع مجلس المحافظين للوكالة في نوفمبر 2024، قدمت هذه الدول قرارًا ضد إيران في خطوة سياسية غير مبررة، دون اعتبار لنتائج زيارة المدير العام لإيران، الأمر الذي قوبل بعدم تأييد من عدد كبير من الأعضاء، ما أظهر عزلة مقدّمي القرار.

هذا النهج أكد مجددًا أن الدول الأوروبية الثلاث وأمريكا ليست صادقة في ادعائها الحفاظ على مصداقية الوكالة والسعي للوصول إلى اتفاق، بل لم تتوانَ عن استغلال الوكالة أداةً لتحقيق أهدافها السياسية.

رغم تحفظ الجمهورية الإسلامية الشديد على محتوى وتوجه قرار مجلس المحافظين بتاريخ 21 نوفمبر 2024، واعتراضها المشروع على نهج الدول الأوروبية الثلاث وأمريكا، واصلت إيران تعاونها الصادق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضمن إطار معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية واتفاق الضمانات الشاملة، من منطلق مبدئي قائم على التعاون البنّاء. وقد جرت زيارتان للمدير العام لطهران، كما استُضيف نائب مدير قسم الضمانات مرتين.

للأسف، ورغم هذا التعاون الواسع، لم يعكس التقرير الشامل الصادر المستوى الحقيقي لهذا التعاون، رغم إقراره به من حيث المبدأ. حيث أعاد المدير العام تكرار اتهامات سابقة مغرضة ولا أساس لها، مستندًا بشكل موسع إلى وثائق مزورة قدمها الكيان الصهيوني. الاتهامات الحالية تستند إلى مزاعم بأنشطة وأماكن غير معلنة من عقود مضت، رغم تأكيد إيران مرارًا على عدم وجود مثل هذه الأنشطة أو المواقع.

وقد تعاونت إيران بشكل فاعل مع الوكالة من خلال منحها إمكانية الوصول إلى المواقع المزعومة، وأجرت الوكالة أخذ عينات، واطلعت على معلومات وتفاصيل متعددة حول الخلفية الفنية لتلك المواقع، ما يدل على الشفافية والتعاون اللازم مع الوكالة.

ومن المآخذ الأخرى المطروحة في هذا التقرير ما يتعلق بحق السيادة الوطنية في قبول المفتشين، والكود التعديلي 3.1، والبيان المشترك، ومستوى التخصيب، وقراءة النوايا. وفيما يتعلق بتعيين المفتشين، فمع أن الوكالة تمتلك حاليًا 125 مفتشًا معيّنين لمراقبة الأنشطة في إيران، فإن إلغاء تعيين عدد قليل من هؤلاء المفتشين قد تمّ استنادًا إلى الحقوق السيادية والثابتة للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وفقًا للمادة 9 من اتفاق الضمانات الشامل، ويُعدّ إجراءً طبيعيًا تمامًا وحقًا مكفولًا للدول الأعضاء في المعاهدة.

بالتزامن مع استمرار التعاون بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والوكالة في إطار اتفاق الضمانات الشاملة، وإصدار البيانات المشتركة، تضمّن التقرير المنشور إشارات إلى مسائل جزئية تتجاوز نطاق المهام المحددة، ولا صلة لها بطبيعة التفويض، وتُعد خارج إطار اتفاق الضمانات.

تؤكد الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن عدم التمييز الصحيح في هذا التقرير بين الالتزامات الناشئة عن معاهدة عدم الانتشار، والالتزامات الطوعية في إطار خطة العمل الشاملة المشتركة، يُعد من أبرز عيوب التقرير. إذ تم تقديم بعض الإجراءات الطوعية للجمهورية الإسلامية الإيرانية بشكل خاطئ على أنها التزامات قانونية ضمن اتفاق الضمانات، بينما لا يوجد أي أساس قانوني لهذا التفسير في الوثائق الأساسية للوكالة، كما أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تتحمل مثل هذه الالتزامات.

كما أن الاعتماد على مصادر معلومات غير موثوقة ومنحازة، مقدمة من الكيان الصهيوني كطرف ثالث غير عضو في معاهدة عدم الانتشار، يمتلك أسلحة دمار شامل وارتكب أفظع الجرائم ضد الإنسانية، بما فيها الإبادة الجماعية، يتعارض مع المبادئ المهنية للتحقق التي تعتمدها الوكالة.

كل ما ذُكر، يقود الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى استنتاج أن هيكل ومضمون هذا التقرير يفتقران إلى التوازن، ولا يقدمان تقييمًا شاملًا ودقيقًا للعوامل المؤثرة في الوضع الراهن، خاصة انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وعدم التزام الدول الأوروبية بتعهداتها.

تعرب الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن أسفها لنشر هذا التقرير، الذي تم إعداده بهدف ممارسة الضغط السياسي على الوكالة، وتعلن رفضها الصريح لمضمونه. فالتقرير يتجاوز نطاق مهمة المدير العام، ويتعارض مع المبادئ المهنية التي تحكم المؤسسات الدولية، خاصة مبدأ الحياد.

تكرار المزاعم الباطلة التي لا يمكن أن تضفي عليها أي مصداقية، مقرونًا بإبداء قلق مفرط إزاءها، ليس إلا ذريعة لخلق أجواء سياسية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ويأتي هذا في الوقت الذي يمتلك فيه الكيان الصهيوني غير الشرعي ترسانة نووية، دون أن يكون عضوًا في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، وفي الوقت نفسه يهدد بمهاجمة المنشآت النووية السلمية لدولة عضو في هذه المعاهدة. وللأسف، فإن المدير العام للوكالة، على الرغم من مسؤولياته القانونية والمطالبات المتكررة للجمهورية الإسلامية الإيرانية بإدانة هذه التهديدات، لم يتخذ أي إجراء يُذكر.

تعرب الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن بالغ أسفها إزاء غياب الحيادية وتجاهل المدير العام للنهج المهني الواجب اتباعه، نتيجة تأثره بالضغوط السياسية في إعداد هذا التقرير ونشره وتُحذّر من أي استغلال سياسي لمضامين هذا التقرير، وتؤكد مجددًا على النقاط التالية:

وفقًا لفتوى قائد الثورة الإسلامية، لا مكان للسلاح النووي في العقيدة الدفاعية للجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ بموجب المبادىء الأسياسية للقانون الدولي لا يوجد أي منع أو تقييد على الحق الطبيعي وغير القابل للتصرف في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية؛
برنامج التخصيب الإيراني مخصص فقط للأغراض السلمية، ويخضع لمراقبة الوكالة بالكامل، وهو شفاف تمامًا ويتماشى مع اتفاق الضمانات الشاملة؛
لو لم تكن التسييس والنفاق على جدول أعمال الدول الأوروبية الثلاث وأمريكا في الوكالة، لما كان هناك مبرر لإعداد مثل هذا التقرير المتكرر وغير المنصف.

وفي الختام، تُؤكّد الجمهورية الإسلامية الإيرانية أنه في حال سعت بعض الدول إلى استغلال تعاون إيران وتفاعلها مع الوكالة، ونهجها الشفاف والقائم على بناء الثقة في أنشطة التحقق التي تقوم بها الوكالة، أو التقرير الحالي خلال اجتماع مجلس المحافظين، فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستتخذ وتنفّذ الإجراءات المناسبة ردًّا على هذا النهج، بما يصون حقوق ومصالح البلاد المشروعة، وستقع تبعات ومسؤولية ذلك على عاتق تلك الدول”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى