حسابات لبنانية متضاربة على ضفاف الحرب الإسرائيلية – الإيرانية

كتب عماد مرمل في الجمهورية:
خلطت المواجهة العسكرية بين إيران والكيان الإسرائيلي الأوراق في المنطقة التي تمرّ حالياً في «مرحلة الانتقالية»، قبل أن تستقر على قواعد ومعادلات جديدة تبعاً لما ستنتهي إليه الحرب.
بطبيعة الحال يراقب لبنان باهتمام تطوّرات المواجهة في اعتباره سيكون من المتأثرين بنتائجها كونه يقع، كما هو معروف، على فالق إقليمي متحرّك يربطه بمسارات المنطقة.
لكن هذا لا يعني أنّ جميع القوى الداخلية تواكب ما يجري بين طهران وتل أبيب بمقاربة واحدة وفهم مشترك، بل إنّ لكل منها رهاناته وحساباته، على ضفاف الحرب، إمتداداً للإنقسام حول الخيارات الكبرى.
وليس خافياً أنّ خصوم إيران من اللبنانيِّين يتمنّون أن تُهزَم في الحرب الحالية، مفترضين أنّه سيكون في إمكانهم صرف مثل هذه الهزيمة في «السوق المحلية» عبر التخلّص كلياً ممّا يعتبرون أنّه «نفوذ إيراني» على البلد، وصولاً إلى استكمال الحصار على «حزب الله» وإلزامه بتسليم سلاحه.
وبهذا المعنى، يقارب هؤلاء المواجهة المشتعلة من زاوية أنّها تُشكّل في رأيهم فرصة لإضعاف طهران وتصفية الحسابات معها، ولو بواسطة الكيان الإسرائيلي، وذلك ربطاً بنقمتهم على خياراتها وسياساتها في الإقليم ولبنان.
في المقابل، يعوّل الفريق المتضامن مع طهران على صمودها في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وخروجها رابحة من هذا الإمتحان المصيري لناحية عدم تقديمها تنازلات سياسية أو نووية لتل أبيب وواشنطن، ومنعهما من كسر إرادتها تحت وطأة الضغط العسكري.
ويُنبِّه الفريق عينه إلى خطورة أن يخلط البعض في الداخل بين خصومته السياسية مع إيران والمصالح الاستراتيجية التي تستوجب أن لا يحقق بنيامين نتنياهو نصراً على طهران، لأنّ من شأن نصر كهذا أن يضع الإقليم برمّته تحت الهيمنة الإسرائيلية، وأن يُعيد تفصيل «بذّة» الشرق الأوسط على مقاس نتنياهو وطموحاته العابرة للحدود والحقوق، مع ما سيرتبه ذلك من إخضاع العالم العربي إلى الإرادة الإسرائيلية كلياً وإجهاض أي حلول للقضية الفلسطينية بما فيها «حل الدولتَين» الذي تنادي به الأنظمة العربية.
ويُحذّر الفريق المشار إليه أنصار معادلة «لبنان أولاً» من أنّ لبنان نفسه سيكون أكبر المتضرّرين من تصفية الحقوق الفلسطينية المشروعة على يَد نتنياهو واليمين الإسرائيلي المتطرّف، بعدما ينتهيان من إيران، إذ سيسهل عندها توطين الفلسطينيِّين وتهديد التركيية اللبنانية الهشة والدقيقة.
كذلك، يلفت الفريق المتعاطف مع طهران إلى أنّ انتهاء الحرب بفوز نتنياهو سيضرب آخر التوازنات الوقائية في الإقليم، وسيضع لبنان في فم العدو الإسرائيلي الذي قد يستدير نحوه لاحقاً لإخضاعه كلياً على قاعدة أنّ أمامه فرصة تاريخية من أجل الإطباق عليه.
ويشير هذا الفريق، إلى أنّ العدوان الإسرائيلي الذي تتعرّض له إيران، أثبت عدم صحة كل ما روّجه خصومها خلال المرحلة السابقة حول أنّها باعت «محور المقاومة» و»حزب الله» من أجل أن تحمي رأسها ومصالحها، وأنّ الجولات السابقة التي حصلت بينها وبين تل أبيب كانت «مجرّد مسرحية».
كذلك، يلفت الفريق الداعم لطهران إلى أنّه ثبت أنّ نتنياهو لا يحتاج إلى ذرائع لتنفيذ مخططاته العدوانية، والدليل أنّه باشر هجومه على إيران فيما كانت المفاوضات تدور بينها وبين الولايات المتحدة حول الملف النووي للتوصّل إلى تسوية سلمية.