لبنان

رحلة شاقة من إيران إلى لبنان وتعب لا سياحة في تركيا!

كتبت زينب حمود في الأخبار: 

كما في كل حرب، فإن للبنان، دولة أو شعباً، حصته من الأزمة. وهو حال عدد غير قليل من اللبنانيين الذين اضطروا إلى البقاء في الخارج نتيجة التعثر الذي أصاب حركة الطيران بعد اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل. لكن، يبدو أن الحظّ حالف اللبنانيين العالقين في العراق.

فبغداد لم تترك رعاياها العالقين في بيروت دون توفير طائرات لإعادتهم، ما أتاح للبنانيين فرصة العودة على متن الطائرات العراقية المُرسلة إلى بيروت لإعادة العراقيين.

لتتم «إعادة نحو 1120 لبناني على الأقل عبر خطوط الطيران العراقية»، وفقاً للسفير اللبناني في العراق علي الحبحاب، الذي يقول إنه لا يعلم الرقم النهائي للعالقين في العراق، «خاصةً أنه من بينهم أشخاص غير مسجّلين ضمن الحملات الدينية، ويمكثون عند الأقارب، ولكن هؤلاء لا يشكلون ضغطاً علينا من أجل العودة حالياً». لكن الثابت بقاء لبنانيين عالقين في العراق، وقد لا تتاح لهم الفرصة نفسها للعودة عبر رحلات توفرها الحكومة العراقية، ولا سيما أن عدد اللبنانيين ازداد مع انضمام الواصلين من إيران إليهم، ما يتطلب خطة طارئة تتولاها شركة «طيران الشرق الأوسط». وقد وعدت إدارة «الميدل إيست» بذلك، بعد انتهائها من إعادة الحجاج العالقين في السعودية.

في العراق، ينحصر العمل في مطار البصرة، فهو الأقرب إلى الكويت ويمكن للطائرات التي تقلع منه أن تسلك مساراً جوياً آمناً نسبياً: العراق – الكويت – السعودية – خليج العقبة – مصر – البحر الأبيض المتوسط – قبرص – لبنان.

لكن لبنانيين لفتوا «الأخبار» إلى أن «هناك ازدحاماً وفوضى، إذ يصعب حجز تذاكر على الخطوط الجوية العراقية عبر الإنترنت، بسبب توقّف «السيستم» عن العمل، ما يجبرهم على الحضور شخصياً والانتظار حتى تتوافر الرحلة إلى بيروت.

وهو ما يدفع البعض إلى المبيت في المطار لأيام، خصوصاً أن الفنادق القريبة «فوّلت» وصارت الأسعار خيالية. وكما في كل أزمة، يخرج من يستغل الأوضاع، ما دفع الناس إلى الحديث عن «سوق سوداء» لبيع تذاكر السفر تبدأ من 900 دولار وتتجاوز 2400 دولار أحياناً.

من جهته، يشرح السفير اللبناني أن «الأولوية لمن يحمل تذكرة من شركة الطيران العراقية، بعدما دخلت الوساطات على الخط، أما سعر التذكرة، فيساوي 300 دولار فقط، ولكن هناك من يسدد تكاليف إضافية لمن يقوم بالحجز عوضاً عنه»، لافتاً إلى أن «محافظ البصرة والحشد الشعبي العراقي والعشائر العراقية تنبهوا إلى الوضع الصعب للبنانيين العالقين، فأرسلوا فريقاً إلى المطار لتأمين احتياجاتهم، كما جرت استضافة عدد منهم».

الرحلة من إيران

أمّا الوجه الأصعب للأزمة، فهو عند اللبنانيين العالقين في إيران، وبينهم 500 طالب لبناني يدرسون في جامعات إيران، ناشدوا الدولة اللبنانية «التواصل مع السلطات العراقية لتأمين عودتنا من مطار البصرة بعدما مشينا 15 ساعة براً بالحدّ الأدنى، وتعبنا حقاً، من دون أن نقدر على مغادرة المطار، لأن حجز التذاكر يجب أن يتم حضورياً».

وإلى جانب تدهور الأوضاع الأمنية في إيران التي تجعل إجلاءهم أولوية، فإن غالبية العالقين هناك طلاب، ولا يستطيعون تحمّل الأعباء المادية للعودة. ومع ذلك، لم يصدر أي موقف ولا حتى تصريح رسمي يضع الدولة أمام مسؤوليتها تجاه هذه الفئة… فما الحل؟

بعد توقف الملاحة الجوية في إيران، لم يبقَ أمام الناس سوى سلوك المعابر البرية، وقطع مسافات طويلة، للوصول إلى العراق.

في رحلة تستغرق نحو 17 ساعة، محفوفة بالمخاطر الأمنية، ومكلفة مادياً. وتقول نور الزهراء من طهران إن الطلاب «اضطروا إلى اللجوء إلى وسائل النقل الخصوصية، بعدما توقف النقل العام كلياً، وهذا لا يحصل بسهولة لأنه بالكاد نجد سائقين يخاطرون بحياتهم ونثق بهم خاصة الفتيات منّا.

غير أن الأسعار ارتفعت بصورة غير منطقية، ففي اليوم الأول للعدوان طلب سائق 50 دولاراً بدلاً من طهران إلى معبر الشلامجة (شرق محافظة البصرة)، ثم طلب في اليوم التالي 150 دولاراً، بدل الرحلة نفسها».

وأمام المغادرين طهران مساران، إما التوجه مباشرة إلى البصرة في رحلة تُصنّف أكثر خطورة، أو المرور ببغداد في رحلة تحمل مشقة أكبر وكلفة أعلى. إضافة إلى ذلك، يواجه بعض العالقين في إيران عوائق، مثل الذين أنهوا دراستهم وكانوا ينتظرون تسلم جواز سفرهم من الشرطة الإيرانية بعد وضع ختم الخروج النهائي عليه.

حتى بعد اجتياز إيران، يواجه القادمون صعوبات في التنقل داخل العراق، ويروي السفير الحبحاب قصة «دخول 20 طالباً الأربعاء الماضي من تبريز إلى منفذ حاج عمران الحدودي مقابل السليمانية، بختم كردي من الشرطة المحلية في كردستان، وهو ختم غير معترف به داخل العراق، ليُصار بعدها إلى تسوية أوراقهم بعد تدخل أكثر من جهة».

«شركة نخال» و«سواح أنطاليا»

في هذه الأثناء، كان لبنانيون آخرون يواجهون الأزمة نفسها. لكن في منطقة أخرى. ففي مدينة أنطاليا التركية، واجه السياح مشكلة بعد انكفاء شركات الطيران العاملة عن الإقلاع إلى بيروت.

وناشد العالقون الدولة اللبنانية التحرك لإعادتهم بعدما مكثوا أياماً في المطار بحالة صعبة. وقد عبّرت «الميدل إيست» عن «الضغط الكبير الذي تمرّ به بعد توقف عدد كبير من شركات الطيران عن العمل»، معتذرةً عن تسيير رحلات من أنطاليا. لتحاول الشركات الكبرى للسياحة والسفر تأمين عودة زبائنها عبر التواصل مع شركات طيران تركية.

ونجحت شركة «نخّال للسياحة والسفر» في «إعادة العدد الأكبر من زبائنها، بعدما أطلقت رحلة من أنطاليا إلى بيروت الخميس الماضي»، بحسب صاحبها إيلي نخّال، الذي روى أن «شركة كورندون إيرلاينز التي اتفقنا معها تراجعت عن الإقلاع في اللحظات الأخيرة، ولم تطلق رحلتها إلا بعد أن ضغطنا عليها من باب وصول الركاب إلى المطار وعدم وجود أي خيارات أخرى للعودة إلى بلدهم». مع العلم أن شركة «صن إكسبرس» التركية كانت قد أقلّت الأسبوع الماضي 186 راكباً كانوا عالقين في أنطاليا.

لكن، المشكلة لم تحلّ بصورة جذرية، وسط تخوّف جدي لدى شركات الطيران من التحرك في أجواء المنطقة. ليبقى أمام اللبنانيين العالقين في أنطاليا خياران: إما الانتقال إلى إسطنبول براً أو جواً، ومنها يمكن حجز تذاكر على الرحلات المتجهة إلى بيروت، أو العودة عبر باخرة سياحية من ميناء مرسين إلى ميناء طرابلس. كما حصل مع «رحلة انطلقت صباح الأربعاء الماضي ووصلت في اليوم التالي إلى طرابلس»، وفق بيان لوزارة الأشغال العامة والنقل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى