لبنان

هل المصالح الأميركية في لبنان ضمن دائرة الاستهداف؟

كتبت منال زعيتر في اللواء:

أقدمت الولايات المتحدة الأميركية على توجيه ضربة عسكرية مباشرة ضد البرنامج النووي الإيراني، معلنةً عبر رئيسها دونالد ترامب «القضاء التام» عليه… هذا التطور المفصلي، وإن كان يحمل في طياته رسائل عسكرية وسياسية واضحة، إلّا أنه يفتح الباب أمام تغييرات استراتيجية خطيرة في المنطقة، قد يكون أولها لا آخرها الردّ الإيراني المرتقب… ومع هذه الضربة، بات من الممكن القول إن الشرق الأوسط دخل طوراً جديداً من المواجهة المفتوحة، حيث لم تعد الخيارات الديبلوماسية مطروحة على الطاولة.

أولاً: سقطت بهذه الضربة كل مبررات المفاوضات النووية، فواشنطن، التي كانت تزجّ بنفسها في أروقة التفاوض لأجل تحجيم المشروع النووي الإيراني، أعلنت الآن أنها أنهته عسكرياً، ما يجعل أي حوار قادم بلا جدوى سياسية أو منطق تفاوضي، بل إن هذه الخطوة تُقرأ كنسف كامل للمسار الديبلوماسي واستبداله بالخيار العسكري كأداة وحيدة لإدارة الصراع.

ثانياً: بهذا الإعلان، أسقطت واشنطن وتل أبيب مبرراتهما السابقة في مهاجمة إيران، فالحجة المتكررة حول «منع إيران من حيازة سلاح نووي» لم تعد صالحة بعدما ادّعت الولايات المتحدة القضاء على البرنامج، وبالتالي، فإن أي هجمات تالية ستُعدّ عدوانا يفتقر للشرعية أو التبرير الأخلاقي والدولي… ومع ذلك، تبدو الرواية الأميركية متسرّعة، إذ لا توجد مؤشرات فعلية حتى الآن على انهيار البرنامج النووي الإيراني، بل إن الإعلان المبكر عن نجاح الضربة قد يتحوّل إلى ورطة سياسية وعسكرية، خاصة إذا تبيّن لاحقاً أن المنشآت النووية لم تُدمّر أو أن القدرات الإيرانية لا تزال قائمة.

ثالثاً: قد تشكّل هذه الضربة مبرراً قانونياً لإيران للانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، خصوصاً وأن المعاهدة لم تحمِ أمنها القومي من ضربة مفاجئة، ومع هذا الانسحاب، يمكن لطهران أن تعلن صراحة امتلاكها للسلاح النووي، أو على الأقل حقها الكامل في تطويره كوسيلة ردع استراتيجية، وهو سيناريو سيقلب موازين القوى الإقليمية والدولية.

رابعاً: إن الهجوم الأميركي كشف حدود القوة الإسرائيلية، فإسرائيل، التي كانت رأس الحربة في استهداف المشروع النووي والصاروخي الإيراني، فشلت في حسم المواجهة، ما دفعها للاستنجاد مراراً بواشنطن، وهذا الفشل أظهر الفارق الكبير في القدرات بين إيران وإسرائيل، لصالح الأولى، خاصة في ظل تراجع أداء المنظومات الدفاعية الإسرائيلية مؤخراً، وانكشاف الداخل الإسرائيلي أمام وابل الضربات.

خامساً: يبدو أن المعركة مقبلة على تصعيد جديد، فالهجوم الأميركي سيؤدّي على الأرجح إلى توسيع نطاق الضربات الإيرانية ضد إسرائيل، التي باتت الحلقة الأضعف في مثلث الصراع (أميركا – إيران – إسرائيل)، ومن المرجح أن تعتمد طهران على القوة والدقّة في الاستهداف، في ظل انهيار المنظومة الدفاعية للكيان الصهيوني، وتزايد هشاشة جبهته الداخلية.

سادساً: تفيد معلومات ان لبنان يدخل ضمن دائرة استهداف المصالح الأميركية في المنطقة، فلبنان، الذي يحتضن بعثات دبلوماسية أميركية ومقر السفارة في عوكر، ليس بعيدا عن ارتدادات التصعيد الإيراني.

وبالتالي، فإن المنطقة دخلت مربعاً جديداً من الصراع، حيث انتهى زمن التحذيرات وبدأ زمن الردود، وبحسب ما نقل عن مسؤول إيراني، فإن الرد الإيراني المرتقب لن يكون مجرد رد عابر، بل هو الذي سيحدّد شكل المرحلة المقبلة، واتجاه الصراع الإقليمي برمّته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى