لبنان

التوتّر يُظلّل البرلمان: معراب تصرُّ على فرض أجندتها الانتخابية!

كتبت رلى ابراهيم في الأخبار: 

يزداد مستوى التوتّر بين القوى السياسية حول قانون الانتخابات النيابية، قبل عام من موعدها.

وهو ما سيظهر في الجلسة النيابية اليوم، بعدما قرّرت هيئة مكتب المجلس عدم إدراج اقتراح القانون المعجّل المكرّر، المُقدّم من تسعة نواب، لتعديل بعض مواد قانون الانتخاب 144/2019، على جدول أعمال الجلسة.

فبعض النواب يُصرّون على طرح إلغاء المادة 122 التي تنصّ على تخصيص المغتربين بستة مقاعد نيابية، على التصويت، ليُصبح متاحاً أمامهم الاقتراع للمرشحين على المقاعد الـ 128، في الدوائر الانتخابية الـ 15، في لبنان.

لكن لأنّ ثمة لجنة نيابية مكلّفة مناقشة كل التعديلات المطروحة على قانون الانتخابات، وتعقد جلسات دورية بهذا الخصوص، أُحيل اقتراح القانون إلى هذه اللجنة، لمناقشته إلى جانب خمسة اقتراحات قوانين انتخابية جديدة.

ويرى رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّه في ظل عدم تقديم الحكومة مشروع القانون الذي تعمل عليه وأنشأت لجنة وزارية مخصّصة من أجله، لا يمكن مناقشة اقتراح واحد على حِدة، بل يُفترض دمجه مع باقي الاقتراحات المقدّمة من أحزاب سياسية ومستقلين. على أنّ هذا الاقتراح أعدّته 16 مجموعة مدنية على رأسها مجموعة «كلنا إرادة»، وتقدّمَ به تسعة نواب (جورج عقيص، ميشال دويهي، نعمة أفرام، أديب عبد المسيح، أحمد الخير، هاغوب ترزيان، إبراهيم منيمنة، فيصل الصايغ وأسامة سعد).

وقد عقد ثلاثة منهم مؤتمراً صحافياً منذ أيام، طالبوا فيه بوضع الاقتراح على جدول أعمال جلسة اليوم، و«تطبيق المادتين 109 و112 من النظام الداخلي لمجلس النواب اللتين تتعلّقان بطرح اقتراحات ومشاريع القوانين المعجّلة المكرّرة الواردة إلى المجلس على الهيئة العامة، ليصار أولاً إلى التصويت على صفة الاستعجال المكرّر، ثم التصويت على القانون في حال لم يُسقط المجلس عنه صفة الاستعجال المكرّر ولم تتمّ إحالته إلى اللجان المختصة».

وقال عقيص إنّ الدعم النيابي لهذا الاقتراح يفوق الستين نائباً، ممّا يعني أنه سيحوز على الأصوات الكافية لتثبيت صفة العجلة ومن ثم إقراره.

بينما أشار الدويهي إلى أنّ الاقتراح هو موضوع عريضة شعبية موقّعة من أكثر من 13 ألف لبناني في الاغتراب و16 مجموعة اغترابية، في حين برّر ترزيان دعمه للاقتراح بـ«الإجحاف اللاحق بالأرمن، لناحية استثنائهم من المقاعد الستة في الاغتراب».

محاولة لتطيير النصاب

إذاً، يبدو أنّ عرّابي قانون الانتخابات 144/2017 وعلى رأسهم «القوات اللبنانية»، قرّروا إطاحته لعدم تناسبه مع مصالحهم السياسية.

ويخوضون اليوم معركة تعديل القانون من منطلق ترجمة ما حصل في المنطقة وفوز محورهم السياسي داخل مجلس النواب.

من هذا المنطلق، تُعارض معراب أي بحث في أي تعديل مطروح، باستثناء التعديل المطلوب من قبَلها، وهو ما دفعها إلى تقديم الاقتراح بصيغة «معجّل مكرّر» لمحاولة إقراره مباشرة في الجلسة، دون الحاجة إلى مناقشته مع باقي الأفرقاء في اللجان. وقد جرى تكليف عقيص بجمع تواقيع أكثر من ستين نائباً على عريضة تطالب بطرح الاقتراح في الجلسة ومناقشته، إلّا أنه وحتى مساء أمس، فشل في إنجاز هذه المَهمة.

كما فشلت محاولة تأمين التفاف نيابي مع «القوات» لتطيير نصاب الجلسة في حال إصرار بري على عدم وضع الاقتراح على جدول الأعمال، بعد أن عارض نواب «اللقاء الديمقراطي» وعدد من النواب المستقلين السّير بهذا الخيار. على أنّ «القوات» وعدداً من النواب «التغييريين» يعتزمون طلب الكلام بالنظام اليوم، لفتح موضوع قانون الانتخاب والإدلاء بآرائهم حوله، وأيضاً مناقشة صلاحيات رئيس المجلس انطلاقاً من المادتين 109 و110 من النظام الداخلي للمجلس.

إذ تنصّ المادة 109 على أنه «للرئيس طرح الاقتراح أو المشروع المعجّل المكرّر على المجلس في أول جلسة يعقدها بعد تقديمه حتى ولو لم يدرج في جدول الأعمال»، بينما تتحدّث المادة 110 عن «حق الحكومة وأي من النواب مع تقدّم مشروع أو اقتراح قانون أن يطلب بمذكّرة معلّلة مناقشته بصورة الاستعجال المكرّر، شرط أن يكون مؤلّفاً من مادة وحيدة».

في المقابل، تقول مصادر مقرّبة من رئيس المجلس إنّ بعض النواب «يتعمّدون تفسير النظام بما يتناسب مع مصالحهم، إلا أنّ المادة 109 واضحة في معناها وتنصّ على أنه «للرئيس طرح الاقتراح»، ما يعني أنّ الصلاحية تعود له فقط، وهو من يقرّر طرح الاقتراح، أي أنّ الأمر ليس واجباً عليه».

وترى المصادر أنّ «ثمة من يريد اليوم تنفيذ رغبات الـ NGO التي يعمل لديها، في مجلس النواب، غير أنّ كل هذه المحاولات لإهانة النواب وفرض أجندات خارجية عليهم لم تلقَ أكثرية في المجلس».

«القوات» تحتكر المغتربين!

من ناحية أخرى، يعترض بعض النواب على احتكار المغتربين من قبل «القوات» و«التغييريين»، وحديثهم باسم «لوبي الانتشار»، وكأنهم يملكون الحق الحصري بتمثيل ملايين الناخبين، مما يُعدُّ عملية تزوير لرغبة المغتربين ومتطلّباتهم.

فمبدأ المساواة في حقوق المواطن اللبناني الذي يطالبون به غير متوفّر لدى ناخبي حزب الله وحركة أمل بشكل خاص، والحلفاء بشكل عام، ولا سيّما مع وضع الحزب في بعض البلدان الأوروبية والولايات المتحدة على قوائم الإرهاب، ومنعهم حتى من الحصول على مندوبين في تلك الدول، عدا عن دول الخليج العربي.

فأين المساواة في المنافسة. وهل من سأل المغتربين الشيعة عمّا يريدونه، وهم يمثّلون قسماً كبيراً من الناخبين في الخارج؟

ولماذا تريد «القوات» مناقشة التعديل الذي تطلبه فقط والمتمثّل بإلغاء المقاعد الستة النيابية المخصّصة للاغتراب دون مناقشة باقي الاقتراحات، كالتصويت بصوتين تفضيليّين وتغيير توزيع الدوائر ووضع حدّ أدنى من الأصوات التي يجب أن يحصل عليها المرشح كي يفوز؟

ثمة من يعتقد، في هذا الإطار، أنّ سلوك «القوات» الذي يسعى لعدم مناقشة أي تعديل (ما عدا التعديلات المطروحة من قبَلها)، تحت حجة أنّ الوقت غير مناسب لمناقشة طروحات في ظل عدم نزع سلاح حزب الله كاملاً، سيؤدّي إلى توسيع الخلاف بين القوى السياسية، ممّا سيقود إلى استحالة إجراء أي تعديل، وبالتالي يُهدد بتطيير الانتخابات النيابية!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى