جابر: الأولوية للمكننة والـBlockchain… ولن أعطّل

كتب شربل البيسري في الجمهورية:
4 أشهر فقط مرّت على استلام الحكومة الحالية مهامها، لكنّ وزير المال ياسين جابر يعتقد أنّ الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تثبيت أسس الإصلاح المالي والإداري. في لقاء صريح مع “الجمهورية”، تحدّث جابر عمّا نُفِّذ حتى الآن، من مناقصات لتحديث النظام الضريبي، إلى خطة شاملة لبناء قاعدة بيانات رقمية موحّدة بين الجمارك ووزارتَي الاقتصاد والمال. فما الذي أنجزته وزارة المال، وما الذي يعطّل داخل المؤسسات الأخرى؟ أين أصبحت الحسابات؟ وهل ثمة نية لتجاوز المخالفات السابقة؟
عند السؤال عمّا إذا كانت وزارة المال جاهزة للانتقال إلى المرحلة الثالثة من تطبيق القانون 55 /2016 وتركيب Server يُمكِّن لبنان – الذي يُعطي المعلومات الضريبية والمالية عن أصحاب الأملاك والحسابات إلى البلدان التي يُقيمون فيها – بأن يحصل على معلومات المكلّفين المقيمين فيه ويتملّكون حسابات وأملاكاً في الخارج، أوضح جابر لـ “الجمهورية”: “هناك حالياً نقاش حول الأمر. لكنّ القضية ليست في تركيب “سيرفر” فحسب، بل في حجم الانهيار الذي شهدته مؤسسات الدولة اللبنانية خلال السنوات الأخيرة. من أولوياتي إعادة هيكلة الإدارة الضريبية والجمركية، لندخل عصر الحداثة والوصول إلى المعلومات بشكل فعّال”.
هنا يُعطي جابر مثلاً عن الأجهزة الإلكترونية في الدوائر العقارية “يتراوح عمرها بين 15 و20 عاماً. فعندما يقولون إنّ الـ System معطّل في وزارة المال، الأمر حقيقي لأنّ الأجهزة متقادمة للغاية. أول خطواتنا كانت تأمين تمويل من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي، لتحديث الأجهزة المعلوماتية، فتُحدَّث أجهزة الدفع، وصولاً إلى معرفة هوية المكلّفين المحليِّين قبل الانتقال إلى تبادل المعلومات دولياً. نعمل على رقمنة الإدارة الضريبية والجمركية والعقارية بالكامل”.
أُطلِقت مناقصة من حوالى 4 أشهر لتأمين تجهيزات لوزارة المال، فأكّد جابر أنّ “مرحلة التسليم للوزارة بدأت. وقبل أسبوع، أُطلقت مناقصة للجمارك، وستليها مناقصات للدوائر العقارية والـ VAT، ليصبح هناك تكامل بين الأجهزة، وصولاً إلى الـ Blockchain”.
علماً أنّ هناك تضارباً كبيراً في أرقام الصادرات والواردات بين الجمارك ووزارتَي الاقتصاد والمال، إذ إنّ الدول المصدّرة أو المستوردة كانت تُقدّم أرقاماً مختلفة عن تلك التي تظهر على موقع الجمارك التي حجبت لاحقاً موقعها الإلكتروني، إثر نشر منصة Gherbal للخرائط وجداول الأرقام بطريقة مبسّطة، وفقاً لقانون حق الوصول إلى المعلومات.
وبما أنّ الجمارك تضرّرت أنظمة بياناتها ومعداتها في انفجار مرفأ بيروت، يؤكّد جابر أنّ “أولويتنا تحديث أنظمة البيانات وربطها بالوزارتَين (السابق ذكرهما) خلال 6 إلى 7 أشهر، إذ أُنجزت بعض المناقصات وسُلِّم جزء من الأجهزة، والآن نعمل على القسم الثاني من التمويل والمناقصات”، بالتالي سيتأخّر تحقيق التبادل للمعلومات الضريبية وفق القانون 55 /2016 ما بين 6 أشهر إلى العام من تاريخ نهاية مشروع الهيكلة الإلكترونية في وزارة المال وإعادة هيكلة النظام المصرفي.
بشأن الموارد البشرية، يشدّد جابر على مساعي استعادة الموظفين الخبيرين الذين غادروا مؤسسات الدولة إلى الخارج “فاستعنّا بمستشارين في مجال المعلوماتية، ما يُعدّ حجر الزاوية”، بالإضافة إلى إصلاح الأساسات: المصاعد، المولدات، إزالة الورقيات، وتحويلها إلى نسخ إلكترونية، وبدأ ذلك في عدة شراكات مع UNDP وشركات ينفّذ برامجها طلاب جامعات “بهدف الدفع الإلكتروني من قبل الأفراد والشركات والمصارف. لا نريد أن يُرسل إيصال عبر البريد ثم يُدخَل يَدوياً من قِبل موظف”.
كان تحديث النظام المالي والضريبي أحد الشروط التي فرضها صندوق النقد الدولي، لكن “هناك تأخيراً في التجهيزات الضرورية قبل الانطلاق في مشاريع. فمثلاً، حساب وزارة المال في مصرف لبنان غير موصول بأنظمة إلكترونية مباشرة؟ بالتالي يتطلّب الأمر إدخال المعلومات يدوياً كل شهر”.
قطع حساب أو موازنة غير دستورية؟
توحيد الضرائب
بشأن إنجاز مشروع توحيد الضريبة على الدخل ضمن قانون واحد، بدلاً من أن تكون هناك رسوم وضريبة متعدّدة المصادر القانونية، لتكون ضمن سلّة الإصلاحات قبل التوجّه إلى صندوق النقد في الخريف، أوضح جابر: “صراحةً، الأولويات أصبحت متراكمة، لدرجة أنّنا لم نمنح هذا المشروع الوقت الكافي حتى الآن. علينا أولاً أن نجهّز العُدّة لنكون مستعدين للعمل وفق القوانين الحالية، تحسين جباية الضرائب الموجودة، وإعادة تنظيم وهيكلة الوزارة. يأتي مشروع الضرائب ضمن الخطوة الثانية في العصر الرقمي، بدءاً من علاقتنا بوسائل الدفع مع الشركات المستفيدة، وصولاً إلى علاقتنا مع المصرف المركزي وكيفية التسويات المالية. نريد إنشاء نظام رقابي تلقائي يشمل كافة المكلّفين”.
بشأن الجهوزية لمناقشات جميع الملفات مع صندوق النقد في الخريف، يُجيب جابر: “نوعاً ما، لا. لكنّ الأمر (الضرائب) لا يُشكّل أولوية مباشرة لدى صندوق النقد. يعرفون جيداً واقعنا، والأولوية القصوى بنظرهم هي إعادة هيكلة النظام المصرفي. أولاً، علينا تحديث الأنظمة الإدارية، لتصبح مصدراً موثوقاً للمعلومات. لا تزال كل وزارة تُصدر أرقاماً مختلفة، ومن دون Automation شاملة، لن نستطيع معرفة وضعنا الحقيقي. لكنّ التحدّي الأول والأهم هو إحياء النظام المصرفي”.
تدقيقٌ جنائي وتعيينات هل تتعطّل؟
أمّا في ما يخصّ آلية تنفيذ القانون رقم 2021/240 (التدقيق الجنائي بعمليات الدعم) على ضوء القرار الأخير رقم 1/582 الصادر عنه وعن وزير العدل وباقي متطلبات التدقيق الجنائي المالي، يؤكّد جابر: “أولاً، نحتاج أن تُعدّ وزارة العدل الملف. حتى اليوم لم يصلنا شيء. وبمجرّد أن يصل، فبالتأكيد لن أُعطّله. نحن لم نعرقل أي تعيينات أو مراسيم، ولا يوجد لدينا نيّة للتعطيل”. مكرّراً نفَيه لأي إمكانية للتعطيل، خصوصاً في ما يخصّ التشكيلات القضائية التي يُعدّها وزير العدل لتُعرَض على التصويت (يحتاج كل اسم إلى 16 صوتاً في مجلس الوزراء)، مضيفاً: “هذا الأمر كان يُعطَّل أحياناً في الحكومات السابقة. اليوم إذا أُقِرَّت، سنوقّعها. الموضوع يختلف عمّا حصل في عهد الوزير السابق يوسف الخليل، لأنّ الظروف كانت مختلفة”.
لذلك، يتوقّع جابر أن تنتهي التعيينات في حوالى أسبوعَين إلى ثلاثة، مضيفاً: “أول خطوة ستكون التعيينات، التي تسمح بتطبيق القوانين الإصلاحية. فمثلاً، لا يمكن إصلاح قطاعَي الكهرباء والاتصالات من دون الهيئة الناظمة. البداية مع المجلس الأعلى للخصخصة والشراكة، ثم الهيئة الناظمة للكهرباء والهيئة الناظمة للاتصالات”.
ماذا عن الكازينو؟
منذ فترة، دعا جابر إلى مناقصة لتدقيق حسابات الكازينو، فيوضّح “فُتِحَ الملف بالكامل، ويتطلّب وقتاً. أنا لا أتهم أحداً، لكن كلّفتُ لجنة خبراء بدراسة العقود وآليات الدفع وقيمة المبالغ التي تُحَوّل إلى المصارف من شركات مثل OMT وBOB وWHISH وغيرها من الشركات التي تجني أموالاً من الضرائب”.