لبنان

النائب العام التمييزي السابق يمتنع عن حضور استجوابه.. عويدات للبيطار: لن أعطيك الشرعية!

كتبت لينا فخر الدين في الأخبار: 

من المؤكّد أنّ جلسة الإثنين المقبل التي حدّدها المحقّق العدلي في انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار لاستجواب النائب العام التمييزي السابق غسان عويدات لن تُعقد كما أرادها.

فالمحقّق العدلي اعتقد أنّ ملاحقة عويدات باتت في متناول اليد بعد إحالته إلى التقاعد، وهو الذي سبق وكفّ يد البيطار في عام 2023، وطلب من رئيس وموظفي قلم النيابة العامة التمييزية عدم استلام أي قرار أو تبليغ أو مستند صادر عنه، إلى جانب الادّعاء عليه بتهمة اغتصاب السلطة، وإصدار قرار بمنعه من السفر.

ورغم أنّ شخصيات قضائية وأمنية وسياسية وافقت على حضور جلسات الاستجواب، بعد تلقّيهم تطمينات من مرجعيات رسميّة بأنّ البيطار لن يصدر مذكّرات توقيف وجاهية، بل سيكتفي بتسجيل إفاداتهم وضمّ مذكّرات التوقيف إلى قراره الظنّي الذي يُحال إلى المجلس العدلي – مع ترجيحات بعدم تنفيذ تلك المذكّرات فعلياً – فإنّ عويدات لم يتراجع عن مواقفه السابقة.

فقد رفض التبليغ عندما قصد رئيس قلم النيابة العامة التمييزية، شارل بو خير، منزله في شحيم قبل يومين، حاملاً ورقة تبليغه بجلسة استجواب كمدّعى عليه بمواد اتهام تشمل القتل والإيذاء والتخريب والإحراق، معطوفة على القصد الاحتمالي، فضلاً عن الإخلال بالواجبات الوظيفية ومخالفة القوانين.

وعليه، أبلغ بو خير النائب العام التمييزي جمال الحجّار بالأمر، كما ضمّ جواب عويدات الذي كتبه بخط يده، ووقّعه بصفة «نائب لدى محكمة التمييز شرفاً»، ودوّن مكان التوقيع «شحيم – الجرد»، في إشارة ضمنيّة إلى البلدة التي تجمعه بالحجّار، وإلى صفته الشرفية التي ينطبق عليها أحكام القاضي الفعلي، ما يعني أنّه يتمتّع بالحماية القانونية ذاتها التي توفّرها المادة 354 من قانون أصول المحاكمات الجزائية للنائب العام التمييزي.

وتفيد المعلومات بأنّ الحجّار، ومنذ اتخاذه قراراً بتمكين البيطار من استئناف عمله من دون مسوّغ قانوني ومن ثم ادّعاء الأخير على عويدات، حاول الحجّار التواصل مع سلفه لتبرير موقفه وإقناعه بالموافقة على حضور جلسة استجوابه، إلا أنّ عويدات رفض الأمر بشدّة، بل ذهب إلى حدّ إبلاغ جهات رسمية بأنه مستعدّ – نظرياً – لحضور جلسة الإثنين المقبل والاعتراف بأنه من فجّر مرفأ بيروت، شرط أن تكون إجراءات التبليغ والاستجواب قانونية بالكامل!

وفي ردّه على الحجّار، ذكّر عويدات بأنّ المادة 354 من قانون أصول المحاكمات الجزائية تنصّ على آلية خاصة لملاحقة ومحاكمة النائب العام التمييزي، وتتطلّب تشكيل هيئة قضائية من خمسة قضاة تُعيَّن بمرسوم في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير العدل.

وتشترط المادة أيضاً أن يتولّى النائب العام التمييزي العامل بنفسه الملاحقة، ما يجعل الإجراءات التي يتّبعها البيطار – وفق عويدات – باطلة وغير قانونية.

لهذه الأسباب، يصرّ عويدات على عدم حضور الجلسة، انطلاقاً من «عدم قانونيتها» أولاً، ومن كون البيطار لا يتقدّمه في السلّم القضائي ثانياً، فضلاً عن وجود خصومة شخصية بينهما، إذ سبق لعويدات أن ادّعى على البيطار نفسه.

ويرى بعض المتابعين أنّ البيطار، الذي يتمتّع بشخصية صدامية، فقد يستغلّ تقاعد عويدات لـ«ردّ الثأر» عبر إصدار مذكّرة توقيف غيابية بحقّه وإحالتها إلى التنفيذ، ما قد يشكّل تصعيداً سياسياً كبيراً، في ظلّ ما يُتداول عن ضغوط حزبية تشجّع البيطار على رفع السقف في الملف لاستثماره سياسياً.

«احترموا المركز المؤتمنين عليه»

وفي رسالة مكتوبة، خاطب عويدات البيطار بالقول: «حضرة المحقّق العدلي المكفوفة يده والملاحق وصاحب هذه الدعوة، عملاً بأحكام المادة 354 من أصول المحاكمات الجزائية والمادة 3 من القانون الرقم 129 تاريخ 26/10/1999، أنت غير ذي صفة، وغير ذي صلاحية، وغير ذي أهلية.

فأنت ممنوع بحكم القانون من القيام بأي عمل أو إجراء. فلا شرعية لك، ولن نعطيك إيّاها. أنت جهة غير صالحة، وبالتالي نكون قد تبلّغنا الادّعاء المزعوم وتاريخ الجلسة من العدم.

أمّا أنتم، حضرة النائب العام لدى محكمة التمييز، الذين ارتضيتم تنفيذ قرارات مجبولة بالأخطاء الجسيمة والمخالفة للقانون، والتي تسلبكم صلاحياتكم، فأطلب منكم تصحيح المسار، والادّعاء عليّ ومقاضاتي أصولاً، والادّعاء على بقية القضاة الذين أجبرتهم على المثول أمام جهة غير صالحة، وذلك عملاً بأحكام المواد 344 وما يليها من أصول المحاكمات الجزائية، حرصاً على العدالة، واحتراماً للمركز الذي أنتم مؤتمنون عليه، وصوناً لدولة القانون التي تنشدون».

ورأى العديد من القانونيين أنّ «ردّ عويدات يستند بوضوح إلى النصوص القانونية، ويشكّل دفاعاً عن قضاة استُجوبوا خلافاً للأصول. علماً أنّ هؤلاء يشيرون إلى أنّ القاضيَين غسّان خوري وكارلا شويح، اللذين حضرا إلى مكتب البيطار، لم يسمحا له باستجوابهما، وأصرّا على احترام المسار القانوني»، مشدّدين على أنّ «عويدات هو الوحيد الذي يقف حالياً في وجه استئثار البيطار بالسلطة الممنوحة إليه وعودته إلى العمل بطريقة غير قانونية».

وفي المقابل، كتب وزير العدل عادل نصّار، على منصة «أكس»، في ما اعتُبر ردّاً غير مباشر على عويدات: «في ما يتعلّق بالتحقيقات، وخصوصاً تحقيق المرفأ، الجميع تحت سقف القانون، ولا أحد فوقه».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى