لبنان

30 مليون دولار من ضريبة المحروقات

كتبت الأخبار: 

والآن، بفعل قرار مجلس شورى الدولة، أوقفت هذه الضريبة غير الشرعية، ما يخلق أزمة لدى وزارة المال بحثاً عن إيرادات بديلة، إضافة إلى أنها جمعت أموالاً غير شرعية.

لم يطل الأمر قبل أن يتبيّن زيف ما أشاعته الحكومة وبعض وزرائها عن ضريبة المحروقات. كان غالب الظن أن هذه الضريبة هي عبارة عن تجميد للسعر على مستوى معيّن، فيما كانت الأسعار على مسار انخفاضي، ما يعني أنه كلما انخفض السعر العالمي ارتفعت قيمة حاصلات الضريبة، وكلما ارتفع السعر انخفضت قيمة الحاصلات الضريبية إلى حدود الصفر.

لكن الواقع كان مغايراً تماماً. فالخبث الوزاري كان مدركاً لهذه العملية، فتقرّر صياغة قرار يثبّت هامش الضريبة مهما تغيّرت الأسعار ارتفاعاً أو نزولاً، وهو أمر لم يكن واضحاً حتى لعدد من الوزراء الذين شاركوا في جلسة 29 أيار الماضية التي خلصت إلى إقرار الضريبة.

وقد ورد في متن القرار الآتي: «اعتماد أسعار المحروقات السائلة (من دون الغاز السائل والبوتان والبروبان ومن دون الفيول بنوعيه) بالقيمة عينها التي كانت تبلُغها بتاريخ تشكّل الحكومة في 8/2/2025، وعلى أن تسري هذه التسعيرة بصورة فورية، ويكون الفارق ضمن خانة المعاملات الجمركية في جدول تركيبة أسعار مبيع المحروقات السائلة، وأن تكون قيمته المعتمدة بتاريخ هذا القرار ثابتة في جميع الجداول المستقبلية».

عملياً، جرى اعتماد «سعر» 8 شباط الماضي بالتوازي مع تثبيت «الفارق» بين السعر السابق والسعر الحالي.
كانت هذه خدعة خبيثة من الحكومة لإقرار زيادات ضريبية من دون تشريع قانوني. وبموجب هذه الزيادة، ترتّب على كل صفيحة بنزين ضريبة أو رسم استهلاك بقيمة 1.11 دولار، وعلى كل صفيحة مازوت رسم استهلاك بقيمة 1.94 دولار. وبحسب المعطيات التي حصلت عليها «الأخبار»، فإن مجموع حاصلات هاتين الضريبتين وصل إلى 30 مليون دولار تراكمت في الخزينة.

وكان يفترض أن تواصل تراكمها لجمع مبلغ يتجاوز الـ360 مليون دولار كانت وزارة المال تريد تغطيتها لتسديد منحة مالية شهرية للعسكريين العاملين في الخدمة الفعلية بقيمة 14 مليون ليرة وللمتقاعدين بقيمة 12 مليون ليرة.

يومها برّر وزير المال ياسين جابر، ضرورة إقرار الضريبة، بأنها سهلة وسريعة لتغطية أي نفقات إضافية في الخزينة. أيضاً قال إن صندوق النقد الدولي يفرض عليه ألا يصرف أي نفقات إضافية من دون أي إيرادات إضافية من أجل الحفاظ على مستوى العجز في المالية العامة على ما هو عليه.

في الواقع، جرى نقاش في هذا الأمر مع مجموعة من الوزراء المحسوبين على القوات اللبنانية الذين زاروه في تلك المدة. قال له أحدهم إن الخزينة تراكم فائضاً من الأموال المحصلة من الضريبة على مدى السنوات الماضية يصل إلى 2.7 مليار دولار. وتبيّن أن هذا الرقم الدقيق مصدره صندوق النقد الدولي الذي اطلع على البيانات المالية وحسابات الخزينة. أبلغهم جابر بأنه ينوي استخدام المبلغ المتراكم في إعادة رسملة مصرف لبنان.

لذا يرفض جابر إنفاق أي قرش إضافي لا من أجل تسديد نفقات مرتبطة برواتب وأجور العاملين في القطاع العام، ولا من أجل إعادة الإعمار… رغم ذلك، قرّر مجلس النواب أن يفتح اعتمادات إضافية للقضاة بقيمة 1500 مليار ليرة، أي ما قيمته 16.8 مليون دولار، وهذا أمر لم يناقشه فيه جابر ولا رئيس الحكومة ولا أي منهم في سياق رفضهم لزيادة النفقات المترتبة على الخزينة.

على أي حال، سقطت الخدعة الحكومة الخبيثة بصدور قرار عن مجلس شورى الدولة يفرض وقف العمل بهذه الضريبة لأنها مخالفة للدستور. وكان القرار غير ملزم للحكومة، لكن القرار صدر بعد شكوى اعتراضية قدّمتها القوات اللبنانية إلى مجلس الشورى، وبما أنّ لكتلة القوات وزناً في هذه الحكومة متمثّلاً بعدد من الوزراء أبرزهم وزير الطاقة، فقد صدر أمس جدول تركيب أسعار المحروقات ملتزماً بقرار مجلس شورى الدولة، أي بأسعار منزوعة منها الضريبة. وانخفض سعر مبيع صفيحة البنزين عيار 95 أوكتان بقيمة 100 ألف ليرة أو ما نسبته 6.4% من 1,556,000 ليرة إلى 1,456,000 ليرة. أيضاً انخفض سعر مبيع صفيحة المازوت بقيمة 161 ألف ليرة أو ما نسبته 10.2% من 1,566,000 ليرة إلى 1,405,000 ليرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى