ناصر الدين: نسعى للانتقال من المساعدة إلى التغيير ومن المشاريع المتفرقة إلى البرامج والسياسات

افتتحت الجمعية الطبية اللبنانية الدولية ILMA، مؤتمرها الطبي، في فندق إنتركونتيننتال فينيسيا – بيروت، بحضور وزير الصحة الدكتور ركان ناصر الدين ممثلا رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، الدكتورة سعاد الرامي ممثلة وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي، والنائبين عبد الرحمن البزري والياس جرادي، وزير الصحة السابق الدكتور فراس الابيض، نقيب اصحاب المستشفيات الخاصة البروفسور بيار يارد، نقيب الاطباء الدكتور الياس شلالا، رئيس الجمعية الدكتور وليد الأحمر، نقيب الصيادلة الدكتور جو سلوم، وحشد من أطباء وعلماء ومتخصصين في الرعاية الصحية من أصل لبناني من أكثر من 30 دولة، بهدف دعم الابتكار الطبي وتوطيد أواصر التعاون بين لبنان وطاقاته الطبية المنتشرة حول العالم.
بداية النشيد الوطني ثم كلمة ترحيبية لعريفي الاحتفال الدكتور مرجان مسو والدكتور شادي صراف حيث رحب بالمشاركين وكل الحضور واشاد بأهمية المناسبة.
الأحمر
ثم القى رئيس الجمعية الدكتور وليد الأحمر كلمة قال فيها: “يسعدني ويشرفني أن أرحب بكم في مؤتمرنا العالمي السنوي الثاني في بيروت، في 26 تموز 2025. إن هذا اللقاء يتجاوز كونه فعالية مهنية فحسب — فهو احتفال بالتواصل، والتعاون، والالتزام. إنه يجمع بين مهنيي الرعاية الصحية اللبنانيين من جميع أنحاء العالم، والذين يتشاركون الشغف بالطب والتعليم وخدمة مجتمعاتنا المحلية ووطننا الأم”.
أضاف: “يأتي مؤتمر هذا العام في وقت يجمع بين التحديات والفرص. فأنظمة الرعاية الصحية حول العالم تواجه ضغوطاً متزايدة، في حين أن التقنيات الحديثة والتعاونات العابرة للحدود تعيد تشكيل طريقة ممارستنا للطب. وفي هذا السياق، تبرز الجمعية الطبية اللبنانية الدولية كقوة موحدة — تتجاوز الحدود، وتعزز تبادل المعرفة، والتضامن، والابتكار. يعكس برنامجنا لهذا العام تنوّع وديناميكية شبكتنا. فبالإضافة إلى استكشاف الدور التحويلي للذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية، سنتناول أيضاً مواضيع بالغة الأهمية مثل أخلاقيات الطب، والطب عن بُعد، والمسؤوليات المتطورة للمهنيين الطبيين في عالم يتزايد تعقيده. ويملؤني فخرٌ خاص بأننا نلتقي مرة أخرى في بيروت — المدينة التي تجسّد صمود وذكاء الشعب اللبناني. إن وجودنا هنا يبعث برسالة قوية مفادها أننا، مهما كانت أماكن إقامتنا أو عملنا، نظل مرتبطين بلبنان وملتزمين بصحته وتعافيه”.
وتابع: “يُعد مؤتمر ILMA السنوي حدثًا بارزًا على روزنامة الطب في لبنان، إذ يجمع نخبة من الأطباء والعلماء والمتخصصين في الرعاية الصحية من أصل لبناني من أكثر من 30 دولة. ويهدف هذا الحدث إلى دعم الابتكار الطبي، وتعزيز الصحة العامة، وتوطيد أواصر التعاون بين لبنان وطاقاته الطبية المنتشرة حول العالم. وسيتناول المؤتمر هذا العام مواضيع متقدمة تُعيد رسم ملامح مستقبل الطب والرعاية الصحية، أبرزها:
الذكاء الاصطناعي في الطب، الطب عن بُعد والتحول الرقمي، الأخلاقيات الطبية والمسؤولية المهنية.
ناصر الدين
ثم القى الوزير ناصر الدين كلمة قال فيها: “اسمحوا لي أولاً أن أتوجّه بالشكر إلى الجمعية الطبية اللبنانية الدولية (ILMA) على تنظيم هذا اللقاء الاستثنائي، وعلى تمسّكها الدائم برسالتها النبيلة: توحيد العاملين في القطاع الصحي اللبناني حول العالم، في سبيل بناء لبنان أكثر صحة. أرحب بكم جميعاً بفخر في وطنكم، لبنان، هذا البلد الذي صمد رغم الشدائد، ولا يزال يسطع من خلال تألق أبنائه وبناته، المقيمين والمغتربين على حد سواء”.
أضاف: “اليوم، في هذه القاعة، نحن نُحيي الروابط بين الوطن وأبنائه، العقول اللامعة التي حملت لبنان في قلوبها أينما ذهبت، والتي تعود اليوم، لا فقط تعبيراً عن التضامن، بل حاملة معها الحلول، والخبرات، والالتزام الراسخ. إن إنجازات الجالية الطبية اللبنانية في الخارج تتحدث عن نفسها، من ابتكارات جراحية رائدة، إلى تطوير الرعاية الصحية الأولية، إلى ريادة الأبحاث في مجال التشخيص المعتمد على الذكاء الاصطناعي. لقد ساهمتم في رفع مكانة الطب اللبناني على المستوى العالمي. ولكن، وبينما نحتفل بهذه المساهمات، علينا أيضاً أن نتأمل في كيفية تحويل هذا الدعم من سخاء متقطع إلى تعاون منظم واستراتيجي. فاحتياجات شعبنا الصحية تتغير، ويجب أن تتغير معها طريقة تواصلنا مع جاليتنا. ولكي يكون تأثيرنا فعّالاً بحق، لا بد أن تكون شراكاتنا منسّقة، ومبنية على الحاجات الفعلية، ومتناغمة مع الاستراتيجية الوطنية الصحية. لهذا السبب، نعمل على وضع أطر واضحة لتفعيل دور الجالية، لتوجيه خبراتكم وابتكاراتكم واستثماراتكم في الاتجاه الذي يستجيب مباشرة لأولوياتنا الصحية. نحن نطمح إلى الانتقال من المساعدة إلى التغيير، ومن المشاريع المتفرقة إلى البرامج والسياسات، ومن الزيارات العرضية إلى الأثر المستدام”.
وقال: “ومن أبرز الأمثلة على هذا النوع من التعاون المستقبلي الواعد، التحول الرقمي. ففي وجه الأزمات والتشرذم، يقدّم لنا الصحة الرقمية خيطاً جامعاً قادراً على ربط مقدمي الرعاية، وتمكين المرضى، واستعادة الثقة في النظام الصحي. اليوم، يشكّل الذكاء الاصطناعي جوهر الرعاية الصحية الحديثة. إنه يعيد تشكيل كيفية اكتشاف الأمراض، وتقديم الرعاية، وتصميم الأنظمة الصحية. وأقول هذا ليس فقط بصفتي وزيراً، بل أيضاً كجراح أوعية دموية أُتيح له استكشاف التقاء الجراحة والذكاء الاصطناعي، وهي تجربة سأشارككم إياها في إحدى جلسات هذا اليوم. وفي إطار التزامنا بالتحديث والإصلاح، يسعدني أن أعلن أنه خلال الأسابيع المقبلة، سنُطلق رسمياً “استراتيجية لبنان للصحة الرقمية”، خارطة طريق تهدف إلى دمج الأدوات الرقمية والذكاء الاصطناعي في جميع مستويات الرعاية. هذه الاستراتيجية هي إعلان واضح عن نيتنا في بناء نظام صحي أكثر ذكاءً واستجابة، يرتكز على البيانات، والابتكار، والعدالة”.
وختم: “رغم التحديات التي نواجهها من أزمات اقتصادية، وعدم استقرار، ونزاعات، نرفض أن نسمح لليأس أن يرسم مستقبلنا. هذا المؤتمر، وحضوركم، ودعمكم، كلها دلائل على أن لبنان لا يزال حياً، وأن إمكاناته ما زالت حاضرة. وسأنهي بكلمة أمل، أعتقد أنها تشكّل قناعةً مشتركة بيننا جميعاً: سيأتي يوم لا نعود فيه نتحدث عن “اللبنانيين في الخارج”، بل فقط عن اللبنانيين في وطنهم. يوم تصبح فيه مستشفياتنا وجامعاتنا ومراكز أبحاثنا بقيادة مواطنين عائدين، لا زوار، بل علماء وأطباء ومبتكرين عادوا لا فقط ليعطوا، بل ليكونوا جزءاً من الوطن. شكراً لإيمانكم بلبنان، وشكراً لكم لأنكم دائماً تلبّون النداء”.