لبنان

زياد الرحباني.. ممنوع أن تموت

كتبت الديار:

لا يمكن لزياد الرحباني ان يرحل؟ مستحيل. مكانه بيننا، بين الناس. هو «منا وفينا».

زياد الرحباني دخل قلوبنا بعفويته وببساطته وجنونه اللطيف. مسرحياته وموسيقاه، وكل اعماله الابداعية والعبقرية حفرت مكانا عميقا في ذاكرتنا وقلوبنا، حتى بتنا نكرر جملا من مسرحياته في مجالسنا، لوصف الواقع بسخرية مميزة لم يعرف سواه ان يتقنها.

زياد الرحباني ، الفنان العبقري، السياسي بامتياز، الوطني المتمرد، هو صوت الناس والفقراء والمهمشين. يقول ما نفكر فيه، ولكن بطريقته الخاصة البسيطة والعفوية والصادقة. انسانيته وتواضعه هما الميزتان الاحب على قلب الناس، واللتان جعلتاه قريبا منهم.

لم ولن نشبع من الاستماع الى موسيقى زياد الرحباني التي تشبهنا، متعبة، عميقة ومجنونة. موسيقاه تخفف من مللنا، ومن خيبات املنا، ومن مآسي شعبنا، اذ تجعل ايامنا اجمل، فنستهزىء بالالم كما استهزأ زياد الرحباني به.

مسرحياته التي تكلمت على واقع مجتمعنا، وعلى الحرب الاهلية التي سرقت سنينًا كثيرة من عمر زياد الرحباني، ومن اعمار اناس كثر، اضحت ذاكرة وطن ورؤية عميقة لشعب لا بد ان يتعلم من اخطائه، ويستفيق من ثباته العميق.

زياد الرحباني ممنوع ان تموت. حواراتك في المقاهي، تنقلك في شوارع الحمرا، احاديثك مع الفقراء والعشاق، ومع كل من تعبوا من البلد، لم تنته ولم تكملها بعد. نحن بحاجة اليك، بحاجة الى جنونك بوجه الجنون المريض الذي يعصف ببلدنا.

ممنوع ان تموت يا زياد، لأننا لم نجد بعد من يضحكنا بمرارة كما كنت تفعل. من يقول الحقيقة برشفة «ويسكي» ونَفَس سجائر متعب، من يصرخ بما لا نستطيع قوله، من يغنّي للبسطاء لا للسلطة، للشارع لا للمنصات.

ممنوع ان تموت يا زياد. وكيف يموت زياد الرحباني، المفعم بالحياة، النابض بالذكاء، الساخر المضحك؟ نحتاج دوما الى نقدك الساخر الذكي.

أنت يا زياد ضروري للبنان، كما الأرز والمناقيش صباح الأحد، كما فيروز في السادسة صباحا.

لا نريد أن نحيا في وطن بلا زياد، لان موتك إعلان نهائي بانتهاء مرحلة، كنا لا نزال نكابر ونقول إنها لا تزال حية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى