ماذا يفعل الرئيس عون في الجزائر؟

كتبت نداء الوطن:
بينما يسود التوتر في لبنان على خلفية ارتفاع إمكانية أن تمنح أميركا الضوء الأخضر لإسرائيل لشن هجوم جديد على حزب الله، من أجل فرض تطبيق صارم لبنود القرار الدولي «1701» بالقوة، أتت الزيارة التي أجراها الرئيس جوزاف عون إلى الجزائر على مدى يومين لتطرح التساؤل عن ماهية النتائج المتوخاة من زيارة خارجية من هذا القبيل.
في الواقع، يرتكز نهج الرئيس جوزاف عون على مسألتين أساسيتين في صلب خطاب القسم، تكمل إحداهما الأخرى: الأولى، حصرية السلاح كمدخل إلزامي لإجراء إصلاحات جدية تندرج ضمن مشروع استعادة الدولة وتفعيل مؤسساتها. فيما الثانية ترميم علاقات لبنان مع الدول العربية والغربية ضمن مسار يروم توظيف الفرص التي تتيحها التحولات الجارية من أجل إعادة تشكيل سياسة لبنان الخارجية.
فإن رئيس الجمهورية يسعى خلال السنوات الأولى من عهده إلى وضع لبنان على سكة التعافي الدبلوماسي عبر سلسلة من الجولات الخارجية المكثفة، تتجاوز سياق علاقات لبنان التقليدية للاستفادة من رغبة بعض الدول ذات الوزن الإقليمي في الانفتاح على الدول الصغيرة، والقيام بمبادرات لتفعيل دورها الإقليمي، إلا أن الحصاد يحتاج وقتًا يعتمد على مدى صلابة النهج اللبناني واستمراريته.
والزيارة إلى الجزائر تندرج ضمن هذا الإطار، حيث أراد رئيس الجمهورية طي صفحة الخلاف المفتعل مع شركة «سوناطراك» الجزائرية وذيوله السياسية، والتباحث معها في كيفية تدعيم سياسة لبنان الطاقوية وتنويع مصادرها، وإنشاء خط بحري مع مرفأ طرابلس، في تأكيد على أن الأخيرة في صلب اهتمامات العهد وليست على هامشه. وفي الوقت نفسه إشراكها في عملية إعادة الإعمار في ظل ما تتمتع به من قدرات تتيح لها الإسهام بشكل فاعل، ولا سيما أن هذه العملية تحتاج الكثير من الشركاء. ولذلك اصطحب رئيس الجمهورية مستشاره لشؤون إعادة الإعمار علي حمية ضمن الوفد المرافق.
وتتلاقى الزيارة في توقيتها وسياقاتها مع الجهود التي تبذلها الجزائر لإعادة تشكيل سياستها الخارجية، وكسر ما تعتبره نوعًا من العزلة، غداة جملة من التوترات مع فرنسا وبعض الدول الأفريقية التي تتشارك معها الحدود، وتوجهها نحو استحداث نماذج جديدة من الهياكل الإقليمية أكثر فعالية، والتي تكتسب أهمية أكبر في ظل السياسة التي يتبعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في زيادة مستوى الضغوط على الهياكل الإقليمية التقليدية.
وباالتالي فإن مسارعة الجزائر إلى إرسال باخرتين من الفيول أويل كـ «هبة» تعد رسالة تؤكد من خلالها أنها شريك موثوق في تزويد بيروت باحتياجاتها من مشتقات الطاقة على المدى الطويل وبشروط تنافسية. المثير في الأمر هو أن لبنان لم يستفد إبان وصاية «حزب الله» على قراره وحكوماته من قرب الجزائر المعروفة في مواقفها من «محور الممانعة» لتزويد البلاد بالطاقة، بل افتعل معها إشكالًا اجتمعت فيه الرغبة في تحويل البلاد إلى منصة لاستيراد النفط والغاز الإيرانيين، ومن ثم إعادة تصدير قسم منهما للتحايل على العقوبات الدولية، وشراهة بعض «الجيوب» التي تفوح الآن رائحة فسادها.