الرئيس عون والشيخ قاسم: مشتركات… وتباينات

كتب عماد مرمل في الجمهورية:
تنطوي جلسة مجلس الوزراء الثلاثاء المقبل على أهمية استثنائية، كونها ستناقش ملف حصرية السلاح في يَد الدولة، فوق حبل رفيع يفصل بين كل الاحتمالات.
ما يزيد الجلسة الحكومية المرتقبة حساسية وتعقيداً، هو أنّها تنعقد تحت ضغط سياسي وإعلامي متعدّد الجهات، وتترافق مع تهويل متصاعد بحرب إسرائيلية محتملة، إلى درجة أنّ البعض في الداخل راح يضرب مواعيد لها.
كذلك، ستلتئم الجلسة على وقع خطابَين، الأول لرئيس الجمهورية جوزاف عون، الذي شدّد خلال الاحتفال بعيد الجيش على أنّ من واجبه وواجب الأطراف السياسية كافة اقتناص الفرصة التاريخية والدفع نحو حصرية السلاح بيد الجيش والقوى الأمنية دون سواها على الأراضي اللبنانية كافة اليوم قبل الغد، داعياً «الذين واجهوا العدوان وبيئتهم الوطنية الكريمة إلى أن يكون رهانهم على الدولة اللبنانية فقط، وإلّا سقطت تضحياتهم هدراً وسقطت معها الدولة».
أمّا الخطاب الثاني الذي لا يمكن للحكومة أن تتجاهله أيضاً، فهو للأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، الذي أكّد أنّه «لو اجتمعت الدنيا كلّها من أوّلها إلى آخرها، ولو قُتلنا ولم يبقَ منا أحد لن تستطيع إسرائيل أن تهزمنا»، معتبراً «أنّ كل مَن يطالب بتسليم السلاح قبل وقف العدوان إنما يطالب عملياً بتسليمه إلى إسرائيل وإعطائها قوة لبنان».
من هنا، ستكون جلسة مجلس الوزراء أمام تحدّي التوفيق بين سقوف عدة، تنعقد تحتها وهي:
– حماية تماسك الحكومة نفسها وعدم المغامرة بتفجيرها من الداخل.
– السعي إلى مراعاة مقاربة الجانب الأميركي الذي يلحّ عبر برّاك على ضرورة إقران الأقوال بالأفعال في مسألة سحب السلاح.
– تفادي المواجهة مع المكوّن الشيعي، خصوصاً «حزب الله»، ومحاولة التوصّل إلى تفاهمات أو تقاطعات معه.
– تجنّب إعطاء العدو الإسرائيلي أي ذريعة لشنّ عدوان واسع على لبنان من جديد.
وإزاء صعوبة التوفيق بين تلك المسارات المختلفة، ليس معروفاً بعد كيف ستدير الحكومة ومرجعياتها السياسية هذا التحدّي المركّب، وما هي الخلطة السحرية التي تستطيع أن تبتكرها لإرضاء جميع الأطراف من جهة وتقوية خيار الدولة من جهة أخرى؟
وإذا كان الرئيس عون قد بدا صريحاً ومباشراً في مخاطبته «حزب الله» بالاسم، وتأكيده ضرورة حصر السلاح في حوزة المؤسسات العسكرية والأمنية وسحبه من «الحزب»، إلّا أنّ هناك مَن يلفت إلى أنّ ذلك يجب أن يكون مسبوقاً، وفق ما كشفه عون حول الردّ اللبناني على الورقة الأميركية، بالآتي:
1 – وقف فوري للأعمال العدائية الإسرائيلية، في الجو والبر والبحر، بما في ذلك الاغتيالات.
2 – إنسحاب إسرائيل خلفَ الحدودِ المعترفِ بها دولياً وإطلاق سراح الأسرى.
ضمن هذا الحيّز تحديداً، يوجد تقاطع مع «حزب الله» الذي أكّد أمينه العام الاستعداد لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية أو استراتيجية الأمن الوطني وكيف يكون السلاح جزءاً من قوة لبنان، لكن بعد وقف العدوان وانسحاب إسرائيل من الأراضي التي تحتلها، «وعندها خذوا منّا أفضل أنواع التجاوب».
بهذا المعنى، يلتقي عون و»الحزب» في مساحة مشتركة قوامها أنّ وقف العدوان وانسحاب الإحتلال هما الممر الإلزامي للإنتقال إلى المرحلة الثانية التي تتصل بمصير السلاح، وإن كانت مقاربة كل منهما لتلك المرحلة لا تبدو واحدة في ظل طرح الرئيس لمسألة تسليم السلاح تلقائياً إلى الجيش، ورفض الحزب لمبدأ التسليم، مع إبداء الانفتاح على البحث في أفضل السبل الممكنة للاستفادة منه في مسار خدمة مصلحة لبنان.
ولئن كان رئيس الجمهورية قد دعا «حزب الله» وبيئته إلى الرهان على الدولة اللبنانية، إلّا أنّ المشكلة هنا، وفق قريبين من «الحزب»، هي أنّ الدولة لم تثبت، منذ اتفاق وقف إطلاق النار، قدرتها لوحدها على حماية لبنان والدفاع عن سيادته ومواطنيه في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية للاتفاق والإعتداءات المتكرّرة.
ويُشير هؤلاء إلى أنّ الدولة كانت أمام فرصة ثمينة لاستعادة ثقة الجنوبيِّين فيها، بعدما تسلّمت منذ تشرين الثاني 2024 مسؤولية الحماية والدفاع بدعم من «حزب الله»، غير أنّ الوقائع أظهرت عجزها، ديبلوماسياً وميدانياً، عن لجم العدوانية الإسرائيلية وتحرير الأرض، ما يعزّز الهواجس ولا يعالجها.