عربي و دولي

“بوليتيكو”: سياسات ترامب تهدّد تحالف الغاز الأميركي في أوروبا

نجحت الولايات المتحدة في تعزيز علاقاتها بعدد من دول أوروبا الشرقية بهدف توسيع صادرات الغاز الطبيعي الأميركي المُسال إلى القارة الأوروبية، في خطوة ساعدت على تقليص اعتماد أوروبا على واردات الغاز الروسي عقب اندلاع الحرب الأوكرانية، بحسب “بوليتيكو”.

وسلّطت المجلة الأميركية الضوء على الدور المحوري الذي أداه اللوبي الأميركي، بدعم من سفارات دول أوروبا الشرقية، في دفع واشنطن إلى فتح أسواقها الخارجية أمام صادرات الغاز، مشيرة إلى أن هذا التحالف الحيوي بات اليوم مهدداً، في ظل سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وما يُثار حول علاقاته المحتملة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ونقلت “بوليتيكو” عن دبلوماسيين ومسؤولين وخبراء في القطاع، قولهم إن تحركات ترامب الأخيرة قد تشكل “ضربة نيزكية” لصناعة الغاز الأميركية، وسط مخاوف من أن يؤدي التوصل إلى صفقة سلام محتملة مع موسكو إلى استئناف تدفق الغاز الروسي إلى أوروبا، ما قد ينسف ما تحقق خلال سنوات لتقليص النفوذ الروسي في سوق الطاقة الأوروبية.

وأضافت المجلة أن بعض التحالفات قد تنشأ بالصدفة، وتنتهي بالصدفة أيضاً، لا سيما عندما يكون ترامب طرفاً فيها. ففي خريف عام 2013، حضر فريد هاتشيسون، وهو سياسي مخضرم وناشط في جماعات الضغط المستقلة في واشنطن منذ عقود، حفل استقبال في سفارة ليتوانيا. وعلى الرغم من حضوره العشرات من المناسبات المشابهة خلال مسيرته المهنية، بقيت تلك الليلة راسخة في ذاكرته.

ففي منتصف الحفل، استرعى انتباهه حديث دبلوماسي أوروبي كان يشتكي من تردد الولايات المتحدة في تصدير كميات من احتياطاتها الضخمة من الغاز الصخري إلى حلفائها. ودخل هاتشيسون في نقاش مطوّل مع الدبلوماسي، الذي تبيّن لاحقاً أنه سيموناس شاتوناس، نائب رئيس البعثة الليتوانية، والذي أكد بدوره أن بلاده تعتمد بالكامل على الغاز الروسي، معبراً عن أمله في أن تسمح إدارة الرئيس الأميركي حينها، باراك أوباما، بتصدير الغاز الأميركي إلى أوروبا.

ويقول هاتشيسون في مقابلة أُجريت معه في صالة الأعمال بأحد فنادق لندن في حزيران: “فكرت حينها أن هناك فرصة حقيقية للضغط السياسي هنا”.

وبتشجيع من شاتوناس وعلاقاته الدبلوماسية، أسس هاتشيسون مجموعة ضغط تضم نحو 12 سفارة من دول شرق ووسط أوروبا، للتنسيق مع قطاع الغاز الأميركي سعياً إلى هدف مشترك، وهو تعزيز صادرات الغاز الطبيعي المُسال من الولايات المتحدة إلى أوروبا. وشكّلت هذه الدول الخارجة من عباءة الاتحاد السوفييتي السابق كتلة تختلف في رؤيتها عن دول أوروبا الغربية، التي كانت تؤمن بأن بإمكانها احتواء طموحات بوتين التوسعية من خلال شراكات اقتصادية ضخمة في قطاع الطاقة داخل الاتحاد الأوروبي.

ولم يكن هاتشيسون والدبلوماسي الليتواني يتخيلان أن هذه المحادثة العارضة ستضعهما لاحقاً في قلب تحوّل استراتيجي في خارطة الطاقة العالمية، يعيد رسم العلاقة بين واشنطن وأوروبا، ويحوّل بوصلة الاعتماد على الغاز من روسيا إلى الولايات المتحدة، خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

غير أن هذا التحالف يواجه اليوم تهديداً جدياً، فرغم أن ترامب يزعم دعمه له، وفرض في وقتٍ سابق اتفاقاً مبدئياً على الاتحاد الأوروبي لاستيراد طاقة أميركية بقيمة 750 مليار دولار، إلا أن هذا الرقم يبدو غير قابل للتطبيق عملياً من منظور لوجستي، بحسب “بوليتيكو”.

وتتزايد المخاوف في دول أوروبا الشرقية من احتمال أن يقدم ترامب، على الرغم من لهجته المتشددة مؤخراً تجاه بوتين، على عقد صفقات اقتصادية ضخمة تُفضي إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا، مما قد يُعيد بوتين إلى المشهد الدولي، ويقوّض في الوقت نفسه جهود فك ارتباط أوروبا بالطاقة الروسية.

ونقلت المجلة عن مسؤولين أميركيين وأوروبيين سابقين وحاليين وخبراء في الطاقة، أن خطوة كهذه ستكون بمثابة “مطرقة تحطم جدار الحماية الاقتصادي” الذي شيّده الغرب حول روسيا، وتوجه في ذات الوقت ضربة لصادرات الطاقة الأميركية.

وبدأت شركات النفط والغاز فعلياً بتحذير البيت الأبيض من هذا السيناريو، وتعمل في الوقت نفسه على وضع خطط للتعامل مع أسوأ السيناريوهات في حال تجاهلت الإدارة هذه التحذيرات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى