لبنان

السيد فضل الله: العدوان على قطر رسالة دموية من العدو الصهيوني بأن لا دولة خارج دائرة الاستهداف

ألقى العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين ومما جاء في خطبته السياسية:

“عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بوصيَّة الإمام جعفر الصَّادق : “أكثروا من الدّعاء، فإنَّ الله يحبّ من عباده الَّذين يدعونه، وقد وعد عباده المؤمنين الاستجابة، والله مصير دعاء المؤمنين يوم القيامة لهم، عملًا يزيدهم به في الجنَّة. وأكثروا ذكر الله ما استطعتم في كلِّ ساعة من ساعات اللّيل والنَّهار، فإنَّ الله أمركم بكثرة الذكر له، والله ذاكر من ذكره من المؤمنين. وعليكم بالمحافظة على الصَّلوات والصَّلاة الوسطى، وقوموا لله قانتين. وإيَّاكم أن يبغي بعضكم على بعض، فإنَّه من بغى صيَّر الله بغية على نفسه، وصارت نصرة الله لمن بغي عليه. وإيَّاكم أن يحسد بعضكم بعضًا، فإنَّ الكفر أصله الحسد. إيَّاكم أن تشره نفوسكم إلى شيء مما حرَّم الله عليكم، فإنَّه من انتهك ما حرَّم الله عليه ها هنا في الدنيا، حال الله بينه وبين الجنَّة ونعيمها ولذَّتها وكرامتها”.

أيُّها الأحبّة: إنَّنا أحوج ما نكون إلى هذه الوصايا، لنهتدي بها، ونجعلها زادًا لنا في الدّنيا وسبيلًا لنا في الآخرة، وبها نعبِّر عن حبِّنا وولائنا لهذا الإمام، ونصبح أكثر وعيًا ومسؤوليَّة وقدرة على مواجهة التّحديات”

 اضاف:”البداية من العدوان الإسرائيليّ المستمرّ على لبنان والّذي شهدناه أخيرًا في الغارات الّتي شنّت على الجنوب والبقاع وعمليّات الاغتيال الّتي يبدو أنّها لن تتوقّف وفي منعه لأيّ مظهر لإعادة الحياة إلى القرى الحدوديّة، والّتي وصلت إلى تفجير مؤسّسة للاحتياجات الخاصّة في بلدة عيتا الشّعب، فيما تتوالى التّهديدات الإسرائيليّة عبر تصريحات قادته بضرب أهداف في لبنان وفي التّدريبات الّتي يجريها جيش العدو على مقربة من الحدود اللّبنانيّة في مواقع تحاكي قرى لبنانيّة بهدف توغّلات جديدة قد يقدم عليها هذا العدوّ. ما يدعو مجدّدًا الدّولة اللّبنانيّة إلى الأخذ في الاعتبار كلّ ما يجري والقيام بالدّور المطلوب منها واستنفار جهودها لإيقاف نزيف الدّم والدّمار هذا، والّتي لا ينبغي أن تقف عند حدود إصدار بيانات إدانة رغم أهميّتها وذلك لفضح ممارسات هذا الكيان تجاه هذا البلد بل إلى عمل جاد يشعر معه اللّبنانيّون أنّهم أمام دولة أخذت دورها وباتت تتحمّل مسؤوليّتهم ولا تدير ظهرها لمعاناتهم بحيث يمرّ الّذي يجري مرور الكرام”.

 وتابع:”اجتمعت الحكومة اللّبنانيّة في الأسبوع الماضي للاستماع للخطّة الّتي سيعتمدها الجيش اللّبنانيّ لحصريّة السّلاح بيد الدّولة، والّذي كنّا أبدينا خشيتنا من أن تؤدّي إلى انزلاق البلد إلى ما لا تحمد عقباه.

ولكن الحكمة الّتي تجلت في هذه الجلسة أدّت إلى تبريد الأجواء والّتي نأمل أن لا تكون بمثابة هدنة مؤقّتة بل تستكمل بحوار جادّ وموضوعيّ داخل الحكومة وخارجها يأخذ في الاعتبار مصلحة هذا البلد ويهدف للتوصّل إلى استراتيجيّة أمن وطني تقيه من كلّ المخاطر الّتي تحدق به في الدّاخل أو الخارج وتجعله قادرًا على مواجهات التّحديات الّتي تنصب أمامه في هذه المرحلة والّتي قد تتفاقم في المستقبل”.

وقال:”لقد أصبح واضحًا أنّ البلد لا يمكن أن يقوم على قاعدة قوّة لبنان في ضعفه واعتماده في مواجهة التّحديات على تطمينات الخارج ووعوده له باستعادة حقوقه وحماية سيادته على أرضه، ممّا تؤكّد الوقائع عدم جديّتها وعدم المصداقيّة لها فيما لبنان كما نؤكّد دائمًا يبنى على قاعدة أنّ قوّته في قوّة وعزيمة أبنائه وهو يملك الكثير ممّا يؤهّله لحماية نفسه ومواجهة التّحديات الّتي تعترضه لكن إن توحّدت جهوده ولم يكد بعضه للبعض الآخر أو يعمل بعضه لإضعاف البعض الآخر”.

وتوقّف عند العدوان الخطير الّذي استهدف دولة قطر وقال:” هو ليس بالأمر الجديد على هذا العدوّ فقد استهدف قبله أكثر من بلد عربيّ وإسلاميّ، وبعده كان استهدافه لليمن والّتي سقط فيه عدد كبير من الشّهداء والجرحى”.

واشار الى ان “الكيان الصّهيونيّ  أراد ممّا جرى ويجري أن يوجّه رسالة دمويّة إلى القاصي والدّاني أنّ لا أماكن محظورة عليه بعد اليوم ولا دولة فوق الاستهداف عندما تدعو مصالحه إلى ذلك حتّى لو كانت مطبِّعة معه ولا تكنّ العداء له، وحتّى لو أحاطت نفسها بحماية القواعد الأميركيّة أوالأوروبيّة أو أيّ قواعد أخرى”.

اضاف:”إنّنا في الوقت الّذي أدنا وندين فيه العدوان على هذا البلد كما أدنا استهداف البلدان العربيّة والإسلاميّة الأخرى، نعيد دعوة الدّول العربيّة والإسلاميّة إلى وعي خطورة استمرار العدوّ باستباحته لهذا العالم العربيّ والإسلاميّ والّذي بات واضحًا أنّها تأتي في سياق صناعة خارطة جديدة والّتي يراد لهذا الكيان أن يكون له اليد الطّولى فيها وذلك في سياق ما يطمح إليه من بناء دولة إسرائيل الكبرى، ما يفرض على هذه الدّول الخروج من حال اللامبالاة بعد هذا التغول الإسرائيليّ واتّخاذ مواقف صارمة وجديّة في مواجهة ما يجري، وعدم الاكتفاء ببيانات إدانة واجتماعات هي لا تساوي قراراتها في ميزان هذا العدوّ الحبر الّذي كتبت فيه كما يقول هو دائمًا، ونحن على ثقة أنّ الدّول العربيّة والإسلاميّة قادرة على القيام بإجراءات رادعة لهذا العدوّ ولكلّ من يقف معه إن هي وحدّت جهودها وطاقاتها وخرجت من ضعفها واستضعاف نفسها ولكن مع الأسف هي لا تفعل ذلك”.

 وأسف لان” نشهد بلدانًا غير عربيّة وإسلاميّة سارعت لأخذ مواقف تجاه هذا العدوّ بعد الّذي جرى واتّخذت اجراءات تجاهه على الصّعيد السّياسيّ والاقتصاديّ والاعلاميّ والقضائيّ واتّجهت إلى محاكمة مسؤوليه أمام المحافل الدّوليّة… فيما لا نجد ذلك في العالم العربيّ والإسلاميّ إلّا فيما نذر ممّا نشهده في اليمن على وجه الخصوص والّذي يستمرّ بدعمه لفلسطين رغم التّضحيات الجسيمة الّتي يقدّمها. إنّ على العالم العربيّ والإسلاميّ أن يعي أنّ سكوته سيجعل هذا العدوّ يتجرّأ أكثر، ودائمًا نتذكّر المثل: أُكلْتُ يوم أُكِل الثّور الأبيض”.

وعن غزّة قال:” يواصل العدوّ تدميره لأراضيها وأبنيتها وبنيتها التّحتيّة بعد أن ضرب بعرض الحائط كلّ الوساطات الّتي كانت تجري بل هو سعى لإجهاضها من خلال ما جرى من اعتداء غادر على الوفد الفلسطينيّ المفاوض في الدّوحة والّذي جاء في إطار سعيه لإفراغ غزّة من أهلها وتهجيرهم منها وهو يستكمل مخطّطه هذا في الضّفّة الغربيّة، في الوقت الّذي يصرّ الشّعب الفلسطينيّ على الاستمرار بمواجهة هذا العدو بالإرادة الصّلبة وبالإمكانات المحدودة الّتي يمتلكها والّتي شهدناها في العمليّات الأخيرة”.

 وختم مشيدا” بالقرارات الّتي صدرت عن المؤتمر العالميّ التّاسع والثّلاثون للوحدة الإسلاميّة والّذي عقد أخيرًا في طهران والّذي يدعو إليه كل سنة المجمّع العالميّ للتقريب بين المذاهب الإسلاميّة والّتي أكّدت على ضرورة استمرار العمل بمسيرة الوحدة الإسلاميّة وتعزيزها وازالة كلّ الحواجز الّتي تقف أمامها والّتي باتت الحاجة ماسّة إليها أكثر من أيّ وقت مضى لكونها السّلاح الأمضى في مواجهة الظّروف الصّعبة الّتي يعاني منها العالم الإسلاميّ وخصوصًا الاستباحة الّتي تجري لدوله من العدوّ الصّهيونيّ ومن يقف معه والّذي لا يمكن أن يواجه إلّا بها”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى