توصيات لإنجاز انتخابات تُراعي المُعوّقين: هل تتدارك “الداخلية” الأخطاء السابقة؟

كتبت زينب حمود في الأخبار:
تستبق «الحملة الوطنية لتنفيذ الحقوق السياسية للأشخاص المعوّقين في لبنان» (حقّي) الانتخابات النيابية المقرّرة بعد سبعة أشهر، وتضع المسؤولين أمام مسؤوليّاتهم عن إنجاز عملية انتخابية أكثر ديمقراطية وأكثر عدلاً، تراعي احتياجات جميع الناخبين، بمن فيهم الأشخاص المعوّقين الذين يشكّلون 15% من سكان لبنان.
إذ أطلقت، أمس، تقريراً حول «المشاركة السياسية للأشخاص المعوّقين في الانتخابات البلدية والاختيارية لعام 2025». وأشارت فيه إلى أنّ «الانتخابات البلدية السابقة شهدت تقدّماً على صعيد نقل عدد من أقلام الاقتراع إلى الطوابق السفلية، ومتابعة الشكاوى، والتنسيق بين الوزرات، ودعم ترشح الأشخاص المعوّقين.
لكنه تقدّم خجول وبطيء بسبب ضيق الوقت». وعليه، أزالت كلّ الحجج أمام عدم تصحيح الأخطاء، بلفت المعنيّين مبكراً إلى الثغرات التي تحتاج إلى معالجة، وأهمّ التوصيات من أجل انتخابات دامجة في المستقبل.
وأعلنت وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيد «استعداد فريقنا للتواصل مع وزارة الداخلية من أجل تسليم بيانات الناخبين المعوّقين»، متعجّبةً من سبب امتناع الوزراء المتعاقبين عن الإفراج عنها بحجّة الخصوصية، «فهذه البيانات موجودة للاستخدام والاستفادة منها، ونحن نضعها في أيدي مؤسسات رسمية وليس جهات غريبة».
المديرة العامة للشؤون السياسية واللاجئين في وزارة الداخلية والبلديات فاتن يونس، أكّدت هي الأخرى «انفتاح الوزارة على التعاون والعمل مبكراً على طلب بيانات الناخبين المعوّقين، من أجل تعميم خطوة نقل أقلام الاقتراع إلى الطوابق الأرضية، وتدريب أوسع للقائمين على العملية الانتخابية للتعامل مع المقترعين المعوّقين باختلاف فئاتهم واحتياجاتهم».
ورغم أنّ المدارس الرسمية تشكل 55% من إجمالي مراكز الاقتراع، لم تُمثَّل وزارة التربية في مؤتمر الأمس، للتطرّق إلى المدارس الرسمية التي تراعي معايير الدمج.
وردّاً على سؤال «الأخبار» عن عدد هذه المدارس وتوزّعها، قالت مديرة «الاتحاد الوطني للأشخاص المعوّقين حركياً»، حنين الشمالي، إنه «في الانتخابات النيابية الأخيرة طلبنا الأرقام من وزارة التربية، وكان جوابها أنه هناك 982 مدرسة رسمية جاهزة لتحويلها إلى مراكز اقتراع تراعي احتياجات المعوّقين نسبيّاً، حاولنا الكشف عليها، لكن لم تردّ جميعها على طلبنا». ومع الأخذ بعين الاعتبار أنّ المدارس الرسمية الدامجة ازداد عددها، تتحدّث مصادر الوزراة عن وجود أكثر من 116 مدرسة دامجة.
مطالب وتوصيات
بذلك، أبدت الوزرات المعنيّة حماسة وإيجابية تجاه المطالب والتوصيات التي خرج بها التقرير. وأهمّ هذه التوصيات اعتماد الـ«ميغاسنتر»، أي مركز انتخابي كبير دامج في كل قضاء. وأيضاً، اعتماد مبدأ اقتراع الناخبين المعوّقين في أقلام اقتراع على الطوابق الأرضية بعد توفير البيانات واللوائح اللازمة. كما يُوصي التقرير بتدريب جميع رؤساء الأقلام ومساعديهم على كيفية التواصل مع المقترعين المعوّقين، إضافةً إلى تغيير العازل المستخدم واعتماد عازل يضمن السرّية وإمكانية استخدامه من قبل المقترعين المعوّقين. كذلك، أوصى بتفعيل مدوّنة السلوك الإعلامية «الأشخاص المعوّقين ووسائل الإعلام» وتعميمها، وإنشاء «اللجنة الإدارية من أجل وضع الخطّة التوجيهية» المنصوص عليها في المادة الثالثة من المرسوم 2214/2009.
انتهاكات وعوائق
هذه التوصيات جاءت نتيجة رصد العملية الانتخابية البلدية الأخيرة، عبر عيّنة مؤلّفة من 261 مركزاً (19% من مراكز الاقتراع)، وتضمّ 2231 قلم اقتراع (39% من الأقلام)، وعبر مقابلات مع المقترعين. وهي بيّنت حجم الانتهاكات والتحدّيات التي يتعرّض إليها الناخب المعوّق لممارسة حقوقه السياسية، رغم التحسّن الملحوظ مقارنة بعمليات انتخابية سابقة.
على صعيد المراكز، برزت عوائق في الوصول إلى 34% منها، مثل أعمدة ولوحات إعلانات وانحدارات وحفر الطرق وغيرها، مقابل 66% سهل الوصول إليها. ولم تتوفّر مواقف للسيارات بالقرب من 54% من المراكز، وحيث توفّرت كان بعضها مقفلاً (16%)، وبعضها الآخر لم يُسمح بالدخول إليها (14%). أمّا داخل المراكز، فلم تتوفّر مواقف للسيارات في 64% منها وتوفّرت في 14% فقط، مواقف تسمح بالدخول إليها. هذا عدا عن العقبات داخل المراكز، إذ لم تتوفّر غرف في طوابق أرضية في أغلب المراكز (60%). لكنّ معظمها كانت سهلة الدخول على مستوى الطريق (64%) وفيها منحدرات آمنة (66%).
بالنسبة إلى المصاعد الكهربائية، يمكن القول إنها كانت شبه غائبة عن جميع المراكز، فلم تتوفّر في 64% منها، وكانت معطّلة أو مقفلة أو ينقصها الكهرباء في باقي المراكز، وهي لم تكن متاحة إلا في 7% منها فقط. كما لم تكن المراحيض العامة المتوفّرة متاحة للمعوّق سوى في 54 مركزاً من أصل 261، وفي 20 مركزاً فقط للمعوّق الذي يستخدم كرسي متحرّك. وغابت الإشارات التوجيهية التي تسهّل عملية الاقتراع على الأشخاص الصمّ والمعوّقين ذهنياً عن جميع باحات المراكز، ما عدا في أربع منها.
وحالت عوائق دون إتمام الناخبين المعوّقين عميلة الاقتراع باستقلالية، مثل الممرّات، التي كانت في 108 مراكز غير مناسبة، بسبب: الفوضى، الضيق، الازدحام وغيرها. الأبواب كانت ضيّقة بنسبة (42%)، وغير مناسبة مع عتبة في (33%)، وفيها زحمة لا تسمح بالوصول في عدد آخر. أمّا غرف الأقلام، فسمحت للمعوّق بالتحرّك باستقلالية في 100 مركز فقط.
وبعد رصد فرق المراقبة 229 عملية اقتراع للأشخاص المعوّقين، سجّلت سلسلة انتهاكات، منها تدخّل مندوبي المرشحين في عمليات اقتراع 71 شخصاً معوّقاً في حضور رئيس القلم، وعدم سماح رئيس القلم لمرافق المعوّق بمرافقته إلى داخل القلم و/أو خلف العازل في 85 من الحالات. إضافةً إلى ذلك، تمّ في 18 حالاً، فرض مرافق آخر على الناخب المعوّق غير مرافقه الشخصي، وتعرّض المقترع المعوّق للضغط من قبل رئيس القلم في تسع حالات. كما حصلت فوضى ثم تدافع داخل قلم الاقتراع في 40 حالاً أثّرت سلباً على اقتراع المعوّق. وأُسقطت ورقة الانتخابات نيابةً عن 47 معوّق (في سبع حالات من قبل مندوبين).
في طريقة التعاطي مع المقترعين المعوّقين، برزت 33 حالاً مرافقة قسرية من قبل جهات حزبية أو مندوبي المرشحين ومؤسسات أخرى، و14 حالاً تنمّر أو سخرية من قبل هيئة القلم، و55 حالَ عنفٍ قائم على الشفقة، و34 تأخيراً، بسبب عدم الاستعداد للتعامل مع الناخب المعوّق. وغاب مترجمي لغة الإشارة ولوائح مطبوعة بلغة البريل للمكفوفين عن جميع المراكز.
تجربة الانتخابات البلدية الأخيرة وغيرها من الانتخابات السابقة وما حملتها من انتهاكات، قد تؤدّي إلى حرمان هذه الفئة من المشاركة في الانتخابات. وقد عبّر المعوّقون وكبار السنّ عن الأسباب التي قد تمنع مشاركتهم في الاقتراع مستقبلاً، وهي: صعوبة الوصول إلى مركز الاقتراع (24%)، عدم الوعي بحقوقهم (19%)، غياب البنية التحتية (14%)، الخوف من التمييز وسوء المعاملة (11%)، عدم توفّر المواد الانتخابية المناسبة (10%)، غياب المرافق (8%)، عدم القدرة على التصويت بسرّية (8%) وعدم تدريب الهيئة (6%).