تجريم ميشال غبريال المرّ: دفع ملياري ليرة… أو السجن
حَكَمَ القضاء بسجن رئيس مجلس إدارة Mtv ميشال المر لمدة سنة واحدة وتغريمه مليارين و74 مليون ليرة تقريباً مع إلزامه بدفع تعويض قيمته نصف مليار ليرة لإدانته بجرم التخابر غير الشرعي وهدر المال العام
هكذا عاد ملف التخابر غير الشرعي الذي تسبّب في هدر ملايين الدولارات من المال العام إلى الواجهة مجدداً. القضية بدأت عام 2016، من خلال الملف الذي فتحته لجنة الإعلام والاتصالات النيابية. لاحقاً، أحالت وزارة الاتصالات على النيابة العامة المالية تقريراً تشكو فيه وجود تخابر غير شرعي تقوم به شركة «ستوديوفيزون»، من خلال سرقة خطوط اتصالات عبر الإنترنت لإجراء اتصالات دولية. وذكرت الوزارة في تقريرها أنها قطعت خطاً يُشتبه في استخدامه للسرقة لمدة يومين، فلم تتغيّر وتيرة الاتصالات الشرعية للشركة المذكورة، ما يعني أن الخط المقطوع كان يُستعمل لاتصالات غير شرعية.
حينذاك، ادّعى النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم على رئيس مجلس إدارة «Mtv» ميشال المرّ، وأحاله على القاضي المنفرد الجزائي في المتن منصور قاعي الذي أصدر حُكماً في 5 شباط ٢٠١٨ قضى فيه بمنع المحاكمة عن المرّ وقرر إبطال التعقّبات «لعدم وجود جُرم». غير أنّ وزارة الاتصالات استأنفت الحكم بعد أسبوعين على صدوره عبر رئيس هيئة القضايا في وزارة العدل. كذلك تقدمت النيابة العامة المالية بطلب استئناف الحكم. قُبِلَ الاستئناف وفُسِخ الحكم واتُّخذ قرار بإعادة محاكمة المر.
وكُلّفت شركة متخصصة بوضع تقرير قدّر أنّ شركة المرّ أجرت اتصالات بـ300 مليون دقيقة أو ما قيمته مليونا دولار (دفع المر من أصلها مليون دولار). غير أنّ المرّ اعترض على التقرير وتقدم باستئناف طارئ مدعياً على هيئة «أوجيرو » بالتزوير. غير أنّ قراراً صدر بردّ الادعاء لتُستكمل المحاكمة أمام محكمة استئناف الجزاء لدى القاضي فيصل حيدر. واستمعت هيئة المحكمة إلى عدد كبير من الشهود والفنيين في هذا الملف لتحديد سبب الكم الهائل من الاتصالات على رقم مشبوه. وأشار الحكم إلى أنّ الأدلة تؤكد إقدام ميشال المرّ على الحصول على أجهزة وآلات خاصة من دون ترخيص من أجل تأمين تخابر غير شرعي بسعر منخفض عبر شبكات الانترنت، من دون المرور ببوابات الإدارات الرسمية. واعتبرت المحكمة أنّ المدعى عليه أقدم قصداً، وبصورة غير نظامية، على استمداد خط الهاتف عن طريق التعليق وتملّص عمداً من دفع الضريبة. كذلك تطرق الحكم إلى حصول تقصير في عملية كشف هذه الجرائم بحيث لم تتم المداهمة في الوقت المناسب لمعاينة هذه الأجهزة قبل إتلاف محتوياتها، بل تم اللجوء إلى قطع الخط لمدة يومين فقط وأعيد تشغيله بعد ذلك. كما استند الحكم إلى مضمون التقرير الذي تضمن أدلة الإدانة، بدءاً من معدل الاتصالات اليومي الذي تجاوز ٣٧٠٠ اتصال، ثم انخفاض عدد الاتصالات بشكل لافت بعد إيقاف الخط لمدة يومين من دون أن يتأثر عدد الاتصالات في الأرقام الأخرى التي تملكها الشركة. كذلك استُخدم الخط المشبوه للاتصال ليلاً ونهاراً وقبل منتصف الليل وبعده بشركات وسفارات وفنادق ومؤسسات وأشخاص، الأمر الذي اعتبره القاضي أمراً يثير الشكوك حول الهدف من استعمال هذا الهاتف العائد لمؤسسة إعلامية للتواصل مع تلك المراجع بهذه الأوقات، علماً بأنّ معدل الاتصال بكل مرجع خلال العامين ٢٠١٤ و٢٠١٥ تراوح بين ٧٠٠ و ٧٨٠٠ اتصال. كذلك استخدام المدعى عليه من خدمة الـ clear لهذا الخط فقط لحجب الرقم عن متلقي الاتصال من دون الاستفادة من هذه الخدمة بالنسبة إلى الأرقام الأخرى التي يملكونها.
تحدث الحكم عن حصول تقصير في كشف الجريمة إذ لم تجر المداهمة قبل إتلاف محتويات الأجهزة
تجدر الإشارة إلى أنّ وزير الاتصالات الأسبق بطرس حرب كان قد قدّر قيمة الهدر من جرّاء التخابر غير الشرعي في «ستوديوفيزيون» بـ60 مليون دولار، إلا أنّ خلفه الوزير جمال الجرّاح قلّل قيمة الأموال المهدورة إلى نحو ٣ ملايين دولار فقط. وبعد الجراح وحرب، انخفض المبلغ المهدور إلى مليارين وخمسماية مليون ليرة فقط.
وخلص رئيس المحكمة القاضي فيصل حيدر ومستشاراه ناظم الخوري وساندرا قسيس إلى ثبوت حصول عملية التخابر غير الشرعي من قبل المدعى عليهما شركة ستوديوفيزيون ورئيس مجلس إدارتها ميشال المرّ وإلزامهما بإعادة المبالغ التي استولوا عليها من دون وجه حق، والبالغة أربعة مليارات وثمانماية وأربعة ملايين وثلاثماية وخمسة عشر ألف وأربعماية وعشر ليرات، تضاف إليها الفوائد القانونية من تاريخ 10 كانون الثاني 2013. كما تقرر إلزامهما بدفع تعويض قدره خمسماية مليون ليرة لبنانية كعطل وضرر لوزارة الاتصالات.
قناة «أم تي في» حاولت أمس تحويل الحكم إلى «معركة حريات»، زاعمة أنه يستهدف «الإعلام»، وواعدة بتمييزه.
الأخبار _ رضوان مرتضى