عربي و دولي

كيف فشلت خطة ترامب للتسوية مع “طالبان”

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” أمس تقريراً لعدد من مراسليها في واشنطن وكابول عن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لدعوة قادة حركة “طالبان” الأفغانية إلى منتجع كامب ديفيد للتوثيع على خطة سلام تضمن انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان بعد 18 عاماً على غزوها لها.

وكتب معدو التقرير بيتر بيكر ومجيب مشعل ومايكل كراولي، يقولون إن ترامب جمع في يوم الجمعة (30 آب – أغسطس) قبل عيد العمال، كبار المستشارين للنظر في ما قد يكون أحد القرارات التاريخية لرئاسته وهي خطة سلام مع “طالبان” بعد 18 عاماً من الحرب الدموية في أفغانستان.

وقد وصل الاجتماع إلى صراع حاد وقسّم فريق سياسته الخارجية لأشهر عدة، ووضع وزير الخارجية مايك بومبيو ضد مستشار الأمن القومي جون بولتون، في معركة التنافس على كسب رئيس يستمتع بالحديث الصارم لكنه وعد بإنهاء حروب أميركا التي لا نهاية لها.

وبينما ناقش المجتمعون شروط الاتفاق، صرّح بومبيو ومفاوضه، زلماي خليل زاد، بأن هذا الاتفاق سيمكن الرئيس ترامب من البدء في سحب القوات من أفغانستان مع ضمان التزام من “طالبان” بعدم حماية الإرهابيين. وقد جادل بولتون، مبتهجاً عبر الفيديو من وارسو، حيث كان في زيارة، ج بأن ترامب يمكن أن يفي بتعهده في حملته على خفض القوات من دون أن ينام مع القتلة الذين تلطخت أيديهم بالدماء الأميركية.

لم يتخذ ترامب أي قرار على الفور، لكن في وقت ما خلال الاجتماع، تم طرح الفكرة لوضع اللمسات الأخيرة على المفاوضات في واشنطن، وهو احتمال تم اللجوء إليه بسبب ميل الرئيس إلى المشهد الدرامي. اقترح ترامب بأنه سيدعو الرئيس الأفغاني أشرف غني، الذي لم تكن حكومته طرفاً في المحادثات، وحمله على التوقيع.

وفي الأيام التي تلت ذلك، توصل ترامب إلى فكرة أكثر وضوحاً، وهي أنه لن يجلب “طالبان”إلى واشنطن فحسب، بل إلى كامب ديفيد، جوهرة تاج الرئاسة الأميركية. ستتم استضافة قادة منظمة متشددة تعتبرها الولايات المتحدة إرهابية في المصيف الجبلي الذي يُستخدم لاستضافة ملوك ورؤساء ورؤساء الوزراء وذلك قبل ثلاثة أيام فقط من ذكرى هجمات 11 أيلول / سبتمبر 2001 التي أدت إلى الحرب الأفغانية.

وأضافت الصحيفة أنه “هكذا بدأت أيام عدة غير عادية من المشاحنات الدبلوماسية المخصصة التي أوقفت المفاوضات في عطلة نهاية الأسبوع من على موقع تويتر. وبدت فيها كل الصفات المميزة لرئاسة ترامب: التوق الشديد لنيل الجائزة الكبرى، والسعي الحثيث لتحقيق ما لم يحققه أي رئيس آخر، والرغبة في تحدي التقليد، والتقلبات المزاجية والاقتتال القبلي”.

ما كان يمكن أن يكون أحد أكبر اللحظات البارزة في فترة رئاسة ترامب، تم إقراره في لحظة ثم تم إلغاؤه في لحظة. فقد تم الاستغناء عن الاستشارة المعتادة لمجلس الأمن القومي؛ حيث كانت هناك دائرة صغيرة فقط من المستشارين.

وقالت “نيويورك تايمز” إنه حتى بعد انهيار الاتفاق، أخذ ترامب على عاتقه الكشف عن القرارات السرية في سلسلة من التغريدات على “تويتر” ليلة السبت، الأمر الذي فاجأ ليس فقط العديد من مسؤولي الأمن القومي في الحكومة ولكنه فاجأ حتى بعض المسؤولين من القلة الذين كانوا جزءاً من المداولات.

فبالنسبة للسيد ترامب، كان إنهاء الحرب في أفغانستان محط اهتمامه منذ توليه منصبه، وهو إنجاز رائع قد يساعده في إعادة انتخابه رئيساً العام المقبل. فمنذ ما يقرب من عام، شارك خليل زاد، السفير السابق في أفغانستان، في محادثات مع “طالبان” لتحقيق ذلك.

في الأسابيع الأخيرة، كان من الواضح بشكل متزايد أن الولايات المتحدة و”طالبان”، بعد تسع جولات من المفاوضات المضنية في الدوحة، عاصمة قطر، قد تمكنتا من تسوية معظم القضايا بينهما. وأعلن السفير خليل زاد أنه تم الانتهاء من وضع نص الاتفاقية “من حيث المبدأ”.

ودعت الاتفاقية إلى سحب تدريجي للقوات الأميركية المتبقية البالغ عددها 14000 جندي على مدار 16 شهراً، حيث سيغادر نحو 5000 منهم في غضون 135 يوماً. في المقابل، ستقدم حركة طالبان ضمانات في مكافحة الإرهاب لتخفيف المخاوف الأميركية من تكرار هجمات 11 أيلول / سبتمبر من الأراضي الأفغانية.

لكن المفاوضات أهملت الحكومة الأفغانية، وانتقدها الرئيس غني بسبب افتقارها إلى تدابير تضمن الاستقرار. وقد تم تحذير ترامب من عدم الوثوق بـ”طالبان” من قبل كل من السناتور ليندسي غراهام، وهو جمهوري يمثل كارولينا الجنوبية؛ والجنرال المتقاعد جاك كين، نائب رئيس الأركان السابق، والجنرال المتقاعد ديفيد بترايوس، القائد السابق في أفغانستان والعراق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى