عربي و دولي

“موديز”: تصنيف لبنان السيادي C… ماذا في التفاصيل؟

أصدرت وكالة التصنيف الدوليّة موديز تحليلاً ائتمانيّاً للتصنيف السيادي للحكومة اللبنانيّة حافظت فيه على تصنيف لبنان السيادي عند نقطة «C»، عارِضة أبرز نقاط القوة وأهم التحدّيات التي تراها ذات صلة لتحديد وتعليل هذا التصنيف السيادي. وتجلّت نقطة القوة الوحيدة في التزام الدول المانحة بدعم لبنان شرط تطبيق برنامج الاصلاح المعدّ من قبل صندوق النقد الدولي.
في المقابل، اختصرت وكالة موديز التحدّيات القائمة كالتالي: التعرّض الآخذ بالإرتفاع لأزمة إقتصاديّة وماليّة وإجتماعيّة حادّة كما وضعف المؤسسات ونظام الحوكمة (وهو ما يؤخر الدعم الخارجي)، واستمرار استنزاف الإحتياطات بالعملات الاجنبيّة (وهو ما يؤدّي إلى تراجع كبير في سعر الصرف وإلى ارتفاع ملحوظ في مستويات التضخم).
وقد ذكرت وكالة موديز أنّ أي تحسين في تصنيف لبنان يعتمد على تطبيق إصلاحات جوهريّة على مدى سنوات عدّة من جهة، وحصول تقدّم ملحوظ في ديناميكيّة الدين (كالنموّ الإقتصادي ومستويات الفوائد وإيرادات الخصخصة والقدرة على تسجيل فوائض أولية كبيرة) من جهة أخرى، وذلك لضمان استدامة الدين في المستقبل.
من منظار آخر، يجدر التوضيح أنّ التصنيف الذي تمنحه وكالة موديز يأتي بناء على نتائج مسجلة على 4 مستويات، هي: القوة الإقتصاديّة، القوة الماليّة، القوة المؤسساتيّة والتعرّض لمخاطر الأحداث.

وقد سجل لبنان نتيجة «b3» في معيار القوة الاقتصاديّة نظراً لصغر حجمه وآفاقه الإقتصادية الضعيفة، ومحدوديّة قدرته التنافسيّة، إضافة إلى الكلفة الكبيرة للتعديل الإقتصادي نحو نموذج نموّ جديد وأكثر استدامة.
وقد ذكر التقرير أنّ القدرة التنافسيّة وقدرة النمو الإقتصادي في لبنان قد تراجعتا منذ اندلاع ثورات الربيع العربي في العام 2011، والتي نتج عنها تباطؤ شديد في الحركة السياحيّة، وتقلُّص جذري في الحركة التجاريّة، وزيادة الأعباء على البلاد مع تدفُّق النازحين السوريين إليها.
بالنسبة للقوّة المؤسساتيّة، سجل لبنان نتيجة «caa3»، ما يعكس الضعف في بيئة الحوكمة وذلك في ظل ضعف فعاليّة السياسة الماليّة للدولة تماشياً مع محدوديّة فعاليّة السياسات النقديّة والماليّة وذاك عند أخذ الضغوط الإقتصاديّة والخارجية بالإعتبار.

أما على صعيد القوة الماليّة، فقد نال لبنان نتيجة «ca»، وهي نتيجة تعكس دين الدولة الكبير الذي قد يتسبّب بخسائر كبيرة للدائنين في حال تعثرت الدولة عن الدفع.
وبحسب وكالة موديز فإنّ مسار الدين يبقى عرضة بشكل كبير لديناميّات نموّ وتضخم واحتياطات عملة أجنبيّة معاكسة، وهو ما يشير إلى إمكانيّة تسجيل خسائر إضافيّة في ظل غياب خطة إعادة هيكلة تزامناً مع دعم صندوق النقد الدولي والإنتقال إلى نظام نمو مستدام. أخيراً، حصل لبنان على نتيجة «ca» في معيار التعرّض لمخاطر الأحداث، نظراً لمخاطر السيولة والتعرّض الخارجي الكبير.
بالإضافة إلى ذلك، ذكرت وكالة موديز أن الأزمة التي يمر بها لبنان حالياً قد أصبحت أكثر ثقلاً نتيجة الإرتفاع الكبير في مستويات التضخم بسبب الضغوطات الكبيرة على أسعار الصرف، حيث تخطّى سعر الصرف في السوق السوداء عتبة الـ19 ألف ليرة لبنانيّة للدولار الأميركي الواحد في منتصف شهر تموز، ترافقاً مع الشح الكبير في المياه والكهرباء والمواد الغذائيّة.
في هذا السياق، ذكرت الوكالة أن نسبة تضخم الأسعار بلغت مستواها الأعلى عند 154 % سنوياً في الفصل الأول من العام 2021، علماً أنّها كانت قد بلغت متوسطاً سنوياً عند 85 % في العام 2020 (مقارنة 2,9 % في العام 2019).
كذلك أشارت الوكالة إلى أنّ الإعتماد الكبير على الإستيراد من أجل الإستهلاك (ومن ضمنها المواد الغذائيّة المدعومة)، ترافقاً مع تدفّق الرساميل المحدود إلى البلاد، قد أدّى إلى الإستنزاف السريع للإحتياطات بالعملة الأجنبيّة إلى 15,7 مليار دولار مع نهاية شهر أيّار 2021، مقارنة مع 26,4 مليار دولار في الفترة نفسها من العام 2020.
في هذا السياق، أشارت وكالة موديز إلى أن تمويل المواد الأساسيّة المدعومة (كالقمح، والفيول، والادوية) قد أصبح صعباً، ذاكِرةً أن أكثر من نصف عدد السكان قد أصبح تحت خط الفقر بحسب البنك الدولي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى