عربي و دولي

بيرم: المقاومة الخيار الوحيد المتاح بعد استنفاد شعارات السلم والتطبيع مع العدو

أقام ملتقى النهضة في دار الندوة – بيروت ندوة بعنوان: “الصراع الوجودي مع الكيان الصهيوني وحركات المقاومة”، حاضر فيها وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم، الباحث والمفكر الفلسطيني منير شفيق، القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مروان عبد العال، رئيس المركز العربي والدولي للتواصل والتضامن معن بشور، القيادي القومي توفيق مهنا، وأدارها زهير فياض.
بدايةً، كانت كلمة ترحيبية لفياض،عرّف فيها بملتقى النهضة “باعتباره اطاراً ثقافياً ملتزماً تشكل في اللحظة الراهنة استجابة لظروف معينة واستجابة لتحديات المرحلة، ولكنه في كينونته واستمراريته يشكل امتداداً صادقاً وأميناً لخط نهضوي  قومي اجتماعي اصلاحي – وحدوي ملتزم قضايا الأمة والمجتمع، ابتداء من المسألة الثقافية وصولاً الى كل جوانب العمل النضالي وتقاطعاته.
بيرم

بعد ذلك، كانت مداخلة للوزير بيرم تناول فيها  المقاومة من زاوية كونها استمراراً “لمسار تاريخي مستمر منذ قيام الكيان الغاصب وعبرت على الدوام عن دينامية التوق للحرية والاستقلال والتحرر من أعتى قوة احتلال شهدها التاريخ الإنساني”، عارضا لكل مراحل الصراع مع هذا العدو، وأشار الى “مساهمة كل القوى والتيارات الوطنية والقومية واليسارية في الفعل المقاوم، وصولاً الى المقاومة الاسلامية  التي حققت انجازات نوعية من تحرير لبنان عام 2000 واجبار العدو على الانسحاب من جنوب لبنان في سابقة تاريخية أولى في تاريخ الصراع، الى حرب تموز عام 2006 والتي شكلت منعطفاً حاسماً في صراع الارادات لصالح قوى المقاومة الحقيقية”.

وأكد “أهمية المقاومة في حماية الامة وصون حريتها والدفاع عن حاضرها ومستقبلها باعتبارها الخيار الوحيد المتاح بعد استنفاد كل شعارات السلم والتطبيع مع هذا العدو بعد الخيبات على كل مسارات المفاوضات منذ عقود حتى يومنا هذا بسبب طبيعة الكيان نفسه العنصرية واللا انسانية والتي تتناقض مع طبيعة السلام الحقيقي وشروطه الأساسية.
ودعا الى “تكاتف كل الجهود وتجاوز كل التناقضات الداخلية والتوحد في مواجهة الخطر الذي يشكله هذا الكيان، وتجاوز حالات الانقسام وصولاً الى الوحدة واستشعار الخطر الصهيوني الذي لن يستثني أحداً”.

شفيق
أما شفيق فأضاء على “تاريخ الصراع منذ قيام الكيان الاستيطاني في فلسطين، حيث أكد على جذرية هذا الصراع وطابعه الوجودي، وركز شفيق في مداخلته على أهمية الحدث الراهن أي طوفان غزة وتداعياته على مجمل الصراع وتطوره،” معتبرا أنه “شكل انعطافة حاسمة غيرت كل المفاهيم والأبعاد وأكدت على انتصار الارادة وتجسيدها بالفعل المقاوم وفي المواجهات الميدانية التي حقق فيها المقاومون انجازات هامة وكبدوا فيها العدو خسائر كبيرة ستترك آثارها على مستقبل هذا الكيان المأزوم وجودياً”.

وأكد “محورية الصراع وطابعه الوجودي وعلى سقوط كل أطروحات السلام والتطبيع معه”.

عبد العال
واعتبر عبد العال أنه “في الابادة والمقاومة يجتمع الضدان  الموت والحياة وبهما تستعاد كل مفردات الاسطرة والرموز والبطولة الخارقة، تحتشد دفعة واحدة على ارض غزة، طوبى لصناع البطولة هم بعين اعدائنا من غير البشر، لا استطيع الا ان اصفهم بغير ذلك، حقاً انهم كذلك، فوق البشر، اطفال ونساء وابطال من جنس الملائكة.”

وقال: “انه الطوفان الذي جاء نتيجة لعملية تراكمية مركبة  ليحدد من جديد معنى وحقيقة و آفاق هذا الصراع الوجودي والتي تتمظهر: بالجرأة الثورية على قلب موازين القوى، هذا الفعل الاستراتيجي ضرب من المستحيل لذلك اعتبر انه ذنب لا يغتفر، وكل محاولة  لتغيير ميزان القوى  في التجربة الكفاحية الفلسطينية نماذج بيروت 1982 وقبلها الاردن عام 1971 كانت تصد بقوة وغير مسموحة حتى من بعض النظام العربي الرسمي، ممنوع اختراق هذه المعادلة، وكشفت هشاشة الكيان القائم على ركائز ثلاث: الدولة الثكنة والدولة الوظيفة والدولة الملاذ. وفجأة وجد الكيان نفسه  منهاراً  يفقد  القدرة على الردع وان يكون ملاذاً قوياً لا يقوى على حماية نفسه، هكذا فقد صدمه عقل المقهورين المتحرر وخارج بيت الطاعة، رغم سنوات التجويع والتركيع والتقطيع والحصار القاسي، ظل متمرداً ويقاتله كند وغير قابل للتطويع، وطرحت اساس الوجود للكيان باعتباره مولود غربي لقيط، كونه امتداد عضوي للاستعمار بشكليه القديم والجديد، وكيل حصري  في تقديم خدمات للغرب واكثر من ذلك هو امتداد للتركيبة الفكرية الاستعمارية ، والعنصرية والنازية والتطهير العرقي والابادة الجماعية والتي يمارسها ليست استثناء هذا جزء من تاريخ الغرب الاستعماري، وهو صنيعته وجزء منه، ومن شابه اباه فما ظلم“.
وختم: “الصراع وجودي إما نحن وإما هم، هذا بمنطق عدونا العنصري الصهيوني وجوهر ايديولوجيته واستراتيجيته الاحلالية وليست الاحتلالية فقط، حتى اتفاق اوسلو اعتبره خدمة امنية له بهامش سياسي كهدف مرحلي بالنسبة له ريثما ينجز مهمته في حسم الصراع .
بشور

أما بشور فأضاء على تاريخ الصراع مع هذا العدو في مراحله المختلفة، واستعاد في مداخلته تجربة عبد الناصر وحروب 1967 و 1973، وصولاً  الى تجربة المقاومة الفلسطينية في فلسطين والمقاومة في لبنان والعراق، حيث أكد “أهمية المقاومة ودورها في صراع الارادات،” مشددا على “نقطة مهمة تتعلق بالربط بين المقاومة والنهضة”، معتبرا أنه “لا مقاومة من دون نهضة”، رابطا “بين التحرير والتغيير وفي الاتجاهين”.

وأشار الى “ضرورة التواصل والتفاعل الايجابي بين كل القوى الوطنية والقومية والاسلامية وكل التيارات في المجتمع، لتقييم الاخفاقات والانكسارات واجراء مقاربة نقدية للمراحل السابقة باتجاه صياغة مشروع وطني وقومي وانساني وحضاري يوحد الجهود باتجاه المستقبل”.
مهنا

أما مهنا فأكد “الطابع الوجودي لهذا الصراع، اذ أنه لم يسبق في كل الحروب التي جرت طوال 76 عاماً أي منذ نشأة الكيان الاغتصابي في فلسطين 1948 وتوسعه في محيطها القومي، لم يسبق أن انكشف هذا الكيان المصطنع على حقيقته وجوهره في بنيته السياسية والفكرية والدينية والعنصرية والعسكرية كما في حرب الابادة هذه. ولم يسبق ان انفضح الغرب الاستعماري وبخاصة الولايات المتحدة الأميركية وبانت شعاراتها الخداعة على حقيقتها كما هي“.
ورأى انه “على أرض فلسطين، أرض غزة  وأرض الضفة الغربية تهاوت شعارات التشدق بالديموقراطية، وحقوق الانسان، سقطت أقنعة هذا العالم باحتضانه لأبشع الجرائم الصهيونية والنازية، في فلسطين تقوضت وسقطت شعارات الثورتين الفرنسية والأميركية انتصاراً للكيان المصطنع والشاذ وغدت هذه الدول على طرف نقيض مع شعوبها التي اهتزت ضمائرها من هول البربرية وبدأت تطالب بوقف الحرب على فلسطين وشعبها.”
وشدد على “حقيقة حرب الوجود مع هذا الكيان ما يؤكد مقولات أنطون سعاده ورؤيته التاريخية للصراع وحقيقته الوجودية،” معتبرا أن “المسألة ليست مسألة صراع حدودي ولا صراع مع سلطة أو نظام في هذا الكيان، بل معركة وجود قومي بكل ما لهذه الكلمة من معنى مع بنية هذا الكيان والتي هي في الأساس بنية عنصرية احلالية استيطانية ارهابية عنصرية، تتناقض مع أي فكرة لسلام مزعوم، لذا فالدعوة اليوم هي الى اسقاط كل اتفاقيات الاستسلام والذل والخنوع من كامب دايفيد الى أوسلو الى وادي عربة الى غيرها، من الاتفاقيات المهينة مع هذا العدو“.
ودعا الى “تثمير مقاومة شعبنا في فلسطين ولبنان والجولان والعراق باتجاه التأكيد على وحدة الميدان في كل هذه الكيانات والسعي الى اسقاط تمظهراتها السياسية، وبالتالي اسقاط كل نهج التسوية وتعريته فلسطينياً وقومياً وعربياً ودولياً، وأيضاً اسقاط كل اتفاقيات التطبيع بكل أشكالها، وتعزيز المقاطعة  ومواجهة الغزو الثقافي لدرء خطط التهويد والتغريب والتطبيع وأيضاً مواكبة يقظة الرأي العام الدولي والتواصل مع حركات التحرر في العالم.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى