لبنان

إسرائيل تواكب الجهود الأميركية: الأمر الواقع “الجنوبي” يتعزّز

كتبت الأخبار: 

يتسارع الحراك الإسرائيلي في الجنوب السوري على وقع تحوّلات ميدانية وسياسية متعدّدة، تتّخذ من «المنطقة العازلة» منصة لتثبيت أمر واقع جديد، عبّر عنه وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، بوضوح، عندما ربط أي اتفاق مع سوريا ببقاء القوات الإسرائيلية في تلك المنطقة، إلى جانب مرتفعات جبل الشيخ. وفي هذا السياق، تتابع قوات العدو تشييد القواعد العسكرية، أو احتلال مقرات للجيش السوري السابق. وأخيراً، بدأت هذه القوات أعمال بناء قاعدة عسكرية في تل أحمر شرقي، قرب بلدة كودنا في ريف القنيطرة، لتُضاف إلى نظيرتها التي أنشئت سابقاً في تل أحمر غربي بتاريخ 11 كانون الأول الماضي.

وتفيد المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار» من مصادر عشائرية محلّية، بأنّ جيش الاحتلال رفع علم الكيان على التل قبل أسبوع، و«يعمل بوتيرة متسارعة لتحويله إلى نقطة دعم عملياتي تعزّز من السيطرة على المنطقة». وتشير المصادر إلى «مخاوف كبيرة تسود أوساط سكان القرى المحيطة، خشية تكرار سيناريو الهدم كما حصل في قرية الحميدية في القنيطرة، والتي اقتحمتها قوات الاحتلال في الـ17 من الشهر الجاري، وهدمت 16 منزلاً فيها بدعوى قربها من القاعدة»، في حين اكتفت «قوات «يوندوف» بزيارة إلى الموقع بعد مرور عشرة أيام على الهدم، لتفقّد آثار الدمار فقط».

وتنسحب تلك المخاوف على القرى المجاورة للنقاط العسكرية الإسرائيلية، وعلى رأسها قرية معرية في ريف درعا، حيث توجد «ثكنة الجزيرة» في القسم الغربي من القرية، والتي كانت تعرّضت لحوادث إطلاق نار في اتجاهها، بشكل متكرّر، من قِبل عناصر مجهولين. ويخشى السكان، خصوصاً، من «هدم منازل إضافية، ما قد يدفع إلى موجة نزوح تُذكّر بما جرى قبيل حرب 1967، والتي أفضت إلى إفراغ جزء كبير جداً من قرى الجولان من سكانها حتى يومنا هذا».

وفي السياق نفسه، بدأ جيش الاحتلال بإنشاء نقطة عسكرية جديدة قرب قرية بئر عجم في ريف القنيطرة. ويقول أحد سكان المنطقة، في حديثه إلى «الأخبار»، إنّ جنود العدو، معزّزين بعربات مصفّحة ومعدّات هندسية ثقيلة، تمركزوا قرب برج المراقبة في منطقة الحراج، ويبدو أنهم بصدد إنشاء نقطة جديدة ستقيّد حركة السكان أكثر ممّا هي عليه الحال اليوم. كذلك، تشير مصادر محلّية من بلدة حضر ذات الغالبية الدرزية، إلى أنّ «العدو يكثّف نشاطه في منطقة قرص النفل شمال البلدة، حيث يعمل على إنشاء نقطة ثانية»، فيما أتمّ بناء قاعدة له في جبل بربر قرب قرية قلعة جندل في ريف دمشق، المشرفة على طريق إستراتيجي يصل إلى قمة جبل الشيخ، وهو الطريق الذي كانت تستخدمه القوات السورية سابقاً للوصول إلى مقار عسكرية مهمّة في الجبل، من بينها المرصد ومقر «الفرقة 24».

أيضاً، عمد الاحتلال إلى قطع العديد من الطرقات الرابطة بين قرى «المنطقة العازلة» في الجزء القنيطري منها، باستخدام السواتر الترابية، الأمر الذي أثار مخاوف الأهالي من «نيّة إعلان حدود واضحة للمنطقة، بما يعزلها عملياً عن بقية الأراضي السورية، ويضع سكانها أمام احتمالين: إمّا النزوح إلى قرى خارجها، أو البقاء تحت سلطة الاحتلال». ومع تحوّل مشهد الدوريات الإسرائيلية داخل القرى إلى مشهد اعتيادي، تُسجّل محاولات متكرّرة من العدو للتقرّب من السكان عبر توزيع مساعدات غذائية وطبية، غالباً ما تُقابل بالرفض. وتَمثّل آخر هذه المحاولات بدخول دورية عسكرية، مساء الجمعة الماضي، إلى مزرعة أبو مذراة قرب قرية صيدا الجولان في ريف درعا.

وتأتي هذه التطورات في أعقاب زيارة وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لـ«عمليات السلام»، جان بيير لاكروا، قبل أسبوع، إلى دمشق، حيث التقى وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، لبحث التنسيق مع بعثة «يوندوف»، التي وصف الأخير عملها بـ«الحيوي». كما أشار أبو قصرة إلى أنّ «وجود القوات الإسرائيلية في المنطقة العازلة يُعدّ انتهاكاً»، باعتبار أنّ اتفاق «فضّ الاشتباك» يجيز الوجود في تلك المنطقة للقوات الأممية فقط، لافتاً إلى أنّ الحكومة السورية عبّرت بوضوح عن دعمها للقوة الأممية، واستعدادها لتحمّل المسؤولية الأمنيّة الكاملة في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك المناطق التي تنتشر فيها البعثة، بما يتوافق مع القانون الدولي.

ومع هذا، يرى مراقبون أنّ دور «يوندوف» لا يتجاوز حدود المراقبة الشكلية؛ إذ لم تتّخذ أي إجراء فعلي تجاه عمليات التوغّل وبناء القواعد الإسرائيلية منذ التاسع من كانون الأول الماضي، ولم تحمِ السكان من الانتهاكات المتكرّرة.

وفي وقت رفضت فيه القوات الأممية الاستجابة لمطالب الأهالي بشأن الضغط على الاحتلال، للاستعلام حول مصير من اعتقلتهم إسرائيل في الشهور الماضية، والذين بلغ عددهم 22 شخصاً، نقل أحد أبناء الحميدية، في حديثه إلى «الأخبار»، إنّ مختار القرية، الذي رافق دورية أممية، تلقّى جواباً من أحد ضباطها مفاده أنّ «قضية المعتقلين ترتبط بمفاوضات السلام، وإنّ على الحكومة السورية المطالبة بهم رسمياً، فيما يقتصر دور البعثة على التنسيق المحتمل لنقلهم في حال قرّرت إسرائيل الإفراج عنهم».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى