لبنان

الراعي: أي تفاهم حول تأليف الحكومة يجب أن يبقى ضمن منطق الدستور والميثاق

أكّد البطريرك الماروني أنّ الدمار الّذي أحدثه انفجارُ المرفأ يرتسمُ أمامَ أعينِنا مع كلّ تداعياتِه ونتائجِه.

وقال في عظة قداس الأحد: “القضاءُ يُقلقنا بصمتِهِ عن الأسبابِ والـمُسبّبين، وعن نوعيّةِ الإنفجار: أعدوانًا كان، أم عَملًا إرهابيًّا، أم نتيجةَ إهمالٍ وتغاضٍ. فمن حقِّ المتضرّرين معرفةُ كلّ ذلك، لكي يتمكّنوا من التفاوض مع الشركات للحصولِ على ما يحُقُّ لهم من تعويضات. والدولة مطالبة بإعطائهم الجواب. وها نحن أمام انفجارين، بالأمس: واحدٍ في منطقة طريق الجديدة، وآخر في الأشرفيّة، أوقعا ضحايا وجرحى.”

وسأل الراعي: “ما هذه الظاهرة من الإنفجارات والحرائق الدوريّة، وما أسبابها الحقيقيّة؟ وهل يجب على المواطنين أن يعيشوا باستمرار في دوّامة الخوف والقلق والإهمال؟”.

وقال: “يتعاظمُ قلقنَا إذا تعثَّر تكليف شخصيّة لرئاسةِ الحكومة الجديدة، وخصوصا إذا تعثّر تأليف حكومة إنقاذيّة، غير سياسيّة، وتكنوقراطيّة، تتمكّن من المباشرةِ بالإصلاحاتِ في البُنى والقطاعات،وفقًا لتوصيات مؤتمر سيدر”.

وأكّد أنّ ضمانة نجاح التأليف هي العزم من قبل الجميع على تجنّب التسويف، ووضع الشروط، وافتعال العقد غير الدستوريّة وغير الميثاقيّة، من أجل قضم الدولة وإبقاء مصير لبنان مرهونًا بصراعات المنطقة واستحقاقاتها الّتي لا تنتهي، معتبرًا أنّ وهذه مشكلة وطنيّة خطيرة عندنا لا حدَّ لها إلّا باعتماد نظام الحياد الناشط الّذي يعيد للبنان هوّيته، ومكانته، ودوره الحضاريّ في سبيل السلام والإستقرار في الداخل وفي المنطقة.

وشدّد الراعي على أنّه يجب أن يبقى أي تفاهم حول تأليف الحكومة العتيدة ضمن منطق الدستور والميثاق. فلا يحقّ لأيّ فريق أن يتخطّى الدستور، ولآخر أن يتنازل عنه، ولآخر أن يشوّه النظام الديمقراطيّ.

وقال: “الشعب يدين المسؤولين وكلّ الجماعة السياسيّة، وقد نبذهم علنًا بمظاهرات وحراك وثورة لم تتوقّف، بل تُمهِل، من دون أن تُهمل، لا تجنّيًا على السياسيّين والمسؤولين، بل لأنّهم هم الّذين أوصلوا بلادنا إلى حضيض الجمود والبؤس الماليّ والاقتصاديّ والمعيشيّ، وضربوا المصارف وجعلوا الشعب يتسوّل أمواله على أبوابِها، من دون أن يحصلَ ولو على قليلٍ يسدُّ به حاجاته الغذائيّة والطبيّة والتربويّة وسائر استحقاقاته”.

وأضاف البطريرك: “إنّهم بذلك يسهّلون الإنقضاض أكثر فأكثر على الشرعيّة والدستور والنظام. ما يضعنا أمام عمليّة إسقاط للدولة المركزيّة والتغاضي عن نشوء حالات تؤثّر سلبًا على وحدة لبنان. إنّنا ندين كلّ هذه الممارسة السياسيّة التي تضحّي بلبنان ونمّوه واستقراره وبحبوحته الأصليّة على مذبح مصالحهم وخياراتهم الخاطئة. لن تكون عندنا حكومة يثق بها الشعب والأسرة الدوليّة، إذا لم يتعالَ الجميع عن كلّ ما هو مكاسب ظرفيّة، سياسيةً كانت أم ماديّة، وعن المحاصصة”.

ولفت إلى أنّ اليوم تأتينا عطيّة سماويّة بالنفط والغاز في بحرنا، لذا نحتاج إلى دولة قويّة وحكومة قادرة على إجراء مفاوضات ترسيم الحدود بين دولتي لبنان وإسرائيل. ورأى أنّ أهميّة هذه المفاوضات في أن تؤدّي إلى إتفاقٍ يعزّز سلطة الدولة اللبنانيّة المركزيّة، التي من شأنها أن تسيطر على حدودِها الدوليّة الـمُثبتة في خطّ هدنة سنة 1949 أساسًا، وعلى ثروات النفط والغاز، وتسهر على عدم محاصصتها وتوزيعها وتبديدها. بل تكون في عهدة الدولة لتفي ديونها وتطلق عجلة النهوض الإقتصاديّ والماليّ والمعيشيّ.

وأمام استفحال وباء كورونا عندنا وازدياد عدد الوفيّات والإصابات، مع تراجع إمكانيّات مواجهته، جدّد الراعي الدعوة إلى الإلتزامِ بالحجرِ الصحيّ وبتوجيهاتِ وزارتي الصحّة والداخليّة والتقيّد بوسائل الوقايةِ والحماية.

من جهة أخرى، أسف لسقوطِ ضحايا وجرحى آخرين، في حربٍ العالمُ بغنىً عنها، هي المشتعلة في إقليم ناغورنو كاراباخ بين أذربيجان وأرمينيا وكأنّه لا يكفي ما تسبّب به وباء كورونا من ضحايا، آملاً أن تُفلحَ الجهودُ الدوليّة في تثبيت وقف إطلاق النار وإيجاد حلول ديبلوماسيّة وسياسيّة، رحمةً بالمواطنينَ الأبرياء، وصونًا للسلام في المنطقة والعالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى