لبنان

حجيج: استعادةُ ثقة شعبنا بينما نعيدُ بناء أمّتنا وإقتصادنا

كتب علي حجيج – (رئيس ومدير عام بنك MEAB):

لعبت البنوك اللبنانية دورًا رئيسيًا في اقتصاد البلاد على مدى عقود من الزمن من خلال منح القروض للأفراد والشركات مساهمةً في نجاحهم ونمو أعمالهم. لكن القطاع المصرفي يعاني اليوم جراء الأزمة الاقتصادية والمالية المحلية والدولية. ومع ذلك، فهو الوحيد القادر على المساهمة في إخراج لبنان من هذا النفق وضمان مستقبلًا واعدًا له.

وفي حين كان التمويل الذي قدمته البنوك عاملاً أساسيًا لتقدّم لبنان، فقد أخطأنا بتقديم الكثير من القروض سعيًا منا لدعم النمو الاقتصادي.

من جهة أخرى، من العوامل التي ساهمت بتردي الوضع على المستويات كافة، كان قرار التخلف عن سداد 1.2 مليار دولار من سندات اليوروبوند للمرة الأولى في تاريخ البلاد في اذار 2020، والتي كانت البنوك قد اشترت العديد منها، إضافةً إلى الجهود غير الكافية على مدى العقود الماضية لتنويع الاقتصاد الذي اعتمد على الخدمات والتحويلات الخارجية.

وقد تفاقمت الأزمة بسبب الإخفاق في سن قانون في البرلمان لتطبيق الكابيتول كونترول، والذي كان من الممكن اللجوء إليه للحفاظ على الودائع ومنع انهيار الأسواق. وكخطوة تالية رئيسية، من الضروري إجراء تدقيق جنائي شامل للبنك المركزي والمؤسسات الحكومية الأخرى لتوفير الشفافية والأساس للإصلاحات الضرورية. فمن دون التدقيق، لن تكون أي إصلاحات كاملة أو فعالة، وسيكون من الصعب استعادة ثقة الشعب. علاوة على ذلك، سيعتمد التعافي على مساعدة المجتمع الدولي، الذي أصر على التدقيق كشرط أساسي مسبق لهذه المساعدة.

وبعد عقود من عدم الاستقرار السياسي والمالي الذي أدى إلى فشل توسيع النمو الاقتصادي وتطوير البنية التحتية، أعتقد أنه يمكننا استعادة ثقة الشعب اللبناني والمستثمرين العالميين وإعادة بناء العلاقات الدولية من خلال تنفيذ الإصلاحات المناسبة. فالبنوك اللبنانية أظهرت قدرتها على مواجهة الصدمات المالية، بدءاً بالحروب الأهلية، مروراً بالأزمة المالية العالمية عام 2008، ووصولاً إلى فيروس كورونا وانفجار المرفأ المأساوي. وكما كانت من قبل، ستعود البنوك الملاذ الإقليمي الآمن للاستثمار المستقر والمربح.

وبتوجيه من الجهات الرقابية اللبنانية، وبمهمة مشتركة لضمان بقاء الودائع آمنة وامتثال البنوك للقوانين اللبنانية والتوجيهات الدولية حول مسائل مثل مكافحة غسيل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، يسعى بنك MEAB، كما فعل دائمًا، للامتثال لأعلى المعايير التي وضعتها السلطات العالمية الرائدة، بما في ذلك بنك التسويات الدولية، وصندوق النقد الدولي، ومجموعة العمل المالي.

تشكل الديون الحكومية جزءًا كبيرًا من المخاطر التي تواجه البنوك اللبنانية حاليًا. وتشكل الديون السيادية أقل من 30% من محفظة بنك MEAB الإقتراضية، أي أقل بكثير من العديد من البنوك، لأننا نعتقد، كما فعلنا دائمًا، وكما اعتدنا دائمًا، أن الطريقة الوحيدة لإخراج البلاد من هذه الأزمة هي الابتعاد عن الاقتصاد الريعي غير المنتج والاستثمار في القطاعات الاقتصادية المنتجة. مع وضع خطة التعافي، ستكون البنوك اللبنانية مرة أخرى هي المؤسسات الأنسب لتسهيل هذه الاستثمارات. أعلم أن الشفافية والحوار الصادق ضروريان لاستعادة ثقة الناس، وأنا على ثقة من أن جميع الأطراف ستجتمع لإيجاد حلول لصالح الجميع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى