لبنان

عودة: المطلوب انتفاضة القضاء على السياسة

وبعد الانجيل المقدس، قال عودة: “نأسف لوضعنا في هذا البلد الحبيب. هنا، نصب مسؤولونا أنفسهم أفهم من جميع مسؤولي العالم، فهلك البلد بسبب كبريائهم، بينما نعاين أشقاءنا قد وصلوا إلى المريخ بخفر وعمل صامت ودؤوب، ونحن نهنئهم على إنجازهم المضاف إلى إنجازات أخرى أهمها تحويل صحرائهم إلى واحة لقاء وتسامح وأخوة”.

وأضاف، “لبناننا كان في ما مضى واحة التلاقي والحوار، أرض الحرية والديموقراطية والإبداع. لقد فقد لبنان دوره الرائد في التعليم والإستشفاء والسياحة والخدمات المصرفية وغيرها من الخدمات. كان مقصد طالبي العلم والمعرفة والحرية. كان ملجأ المستنيرين والرؤيويين والأحرار المقموعين في بلادهم، فإذا به يصبح قاهر الأحرار والمبدعين، يهجره أبناؤه يوميا، الكبار منهم قبل الشباب، طلبا للعيش الهانئ الكريم، حيث الأمان والإستقرار والمساواة والعدالة وراحة النفس والإطمئنان إلى الغد والأبناء”.

واعتبر عودة ان “لبنان الريادة والتميز والإبداع وأرض التلاقي والحوار أصبح من الماضي. التنافس البناء الذي عرفه لبنان في كل المجالات أصبح تنافسا في المطالب والمكاسب والصراعات وتصفية الحسابات، والشعب مغلوب على أمره يناضل من أجل الإستمرار في العيش، وإذا سولت لأحدهم نفسه أن يتمرد أو يعبر عن رفضه أو غضبه يقمع أو يسجن أو يكتم صوته”.

وسأل: “أين لبنان المفكرين والرياديين والمبدعين والأدباء والشعراء والفلاسفة والعلماء ورجال الفكر والقانون والاقتصاد وعمالقة السياسة؟ في الستينات كنا سباقين في مجال الفضاء والإقتصاد والعلم والفكر والتعليم والصحة والفن وغيرها من المجالات. كنا في طليعة الدول العربية ومثالا يحتذى. أين أصبحنا؟”

واعتبر أن “حكامنا اليوم نصبوا أنفسهم حكماء الشعب، لكنهم جهلوا من فجر الوطن وقتل المواطنين. مسؤولونا ينادون بالحرية والسيادة، وهم لا يعرفون سوى كم الأفواه الحرة المنادية بالسيادة والحرية والعدالة”.

وتابع عودة: “ان الحياة الحقة لا تأخذ معناها الحقيقي إلا عندما تتخطى الأنانية والمصلحة في سعيها إلى خدمة القضايا العظمى، والعدالة إحداها. فإن سئم اللبنانيون من السياسيين وعدم نضجهم وإهمالهم وأنانيتهم وتمسكهم بمصالحهم فالتعويل على عدل القضاء ونزاهة القضاة وشجاعتهم واستعدادهم للتضحية من أجل الحق، لكي نصل إلى الدولة العادلة حيث المساواة واحترام الحقوق والحريات ومحاسبة كل مذنب ومعاقبته، فتتوقف سلسلة التعديات والإغتيالات وأعمال الظلم والحقد والتحقير”.

وقال: “إن العدالة فضيلة أخلاقية وواجب. إنها إحدى القيم الإنسانية وهي ضرورية للدولة وأساس الحكم. بالعدل تحمى حقوق المواطن، وتسن الأحكام ويعاقب المذنب والمجرم. فإذا كان السياسيون لا يعون المخاطر المحدقة بلبنان أو يتجاهلون الوضع المزري هربا من المسؤولية أو عجزا أو جبنا أو خوفا، فالمطلوب انتفاضة القضاء على السياسة وإبعادها عن التدخل في الأحكام، والإنصراف إلى دراسة الملفات بحيادية وموضوعية واستقامة، ومعاقبة كل من أساء إلى لبنان وأبنائه”.

وأكد أن “العدالة والإنصاف أساس فعالية القوانين وصوابية الأحكام، وعيوننا جميعا على الجسم القضائي الذي بات الحصن الأخير قبل الإضمحلال. فالمطلوب منكم يا قضاة لبنان حمل سيف الحق، وتطبيق العدالة، واعتماد المساواة بين الجميع، وإصدار الأحكام بلا تردد وبغض النظر عن مرتبة المذنب أو جنسه أو دينه أو إنتمائه. التمييز بين المواطنين بغيض وقد يحرم صاحب الحق حقه أو قد يغض الطرف عن ذوي المراتب المذنبين، ما يؤدي إلى خلق الفوضى وتفشي الفساد ويأس المواطن”.

وأضاف عودة، ” أرسوا النظام والعدل والحق، أنصفوا البريء والمظلوم، أحموا حرية الرأي والفكر والتعبير والمعتقد، ودافعوا عن الشعب المقهور، وعن الأحرار والمثقفين والمفكرين”.

وختم: “لقد نصحناهم مرارا وتكرارا قائلين لهم: لا تدعوا اللبنانيين ينشدون الخلاص من الخارج، كونوا أنتم صناعه، أنقذوا البلد بالحكمة والتعقل والتعاون، شكلوا حكومة متعالية عن الإختلافات الطائفية والقبلية وعن المصالح والمكاسب، ولتكن طائفتكم واحدة، طائفة محبي الوطن الواحد المخلصين له وحده، ولتكن مصلحتكم الوحيدة مصلحة شعبكم الذي سلمكم عنقه ثقة بكم، فلا تنحروه”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى