مقالات

جولة محادثات سعودية – إيرانية جديدة قريباً | ابن سلمان لطهران: لن أُطبّع مع إسرائيل!

تستعجل السعودية عقد جولة إضافية من المحادثات مع المسؤولين الإيرانيين، في إطار التوجّه الجديد الذي أظهرته في الآونة الأخيرة، مدفوعة بجملة أسباب لعلّ أبرزها تبنّي إدارة جو بايدن خيار التخفّف من الأحمال الثقيلة عليها في هذه المنطقة. وبحسب ما حصلت عليه «الأخبار» من معلومات، فإن «العروض» السعودية المُقدّمة خلال محادثات بغداد تشي بتحوّل كبير، يصل إلى حدّ وقف قطار التطبيع مع إسرائيل. لكن مع ذلك، يظلّ الحذر سائداً خصوصاً في طهران، إذ إن تشابك الخلافات وتراكمها يجعلان من الصعوبة بمكان تطبيع العلاقات بهذه البساطة والسرعة

إذا كان السعوديون جادّين في ما أَبلغوا به الإيرانيين خلال المحادثات التي انعقدت في بغداد الشهر الماضي، فهذا يعني أن المنطقة ستكون على موعد مع أكبر انعطافة في السياسة السعودية منذ زمن. فالمعلومات تفيد بأن السعوديين أكدوا للإيرانيين أنهم لا يريدون تطبيع العلاقات مع إسرائيل، كما أفهموهم أن الأميركيين يريدون تحجيم ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، حتى لو سلّموا بأنه سيحكم المملكة لفترة طويلة مقبلة، على حدّ ما تَوقّع وزير الخارجية الأميركي، أنطوني بلينكن. ومن هنا، لا يجد ابن سلمان بدّاً من الانفتاح على إيران، للتخلّص من المأزق الذي أوصل نفسه إليه، في ظلّ قناعته بأن طهران وحدها مَن تملك مفاتيح إخراجه منه، بما يتيح له تحقيق إنجاز ما لتسويقه لدى السعوديين، ونيل شرعية بديلة لشرعية الأسرة الحاكمة التي يبدو أنها لن تُمنح له.
عجلةٌ يظهر أن بين الأسباب الرئيسة الكامنة خلفها، عودة الولايات المتحدة إلى المفاوضات النووية مع إيران، في إطار ما يتّضح يوماً بعد يوم أنه إعادة إحياء للاستراتيجية الهادفة إلى تحويل التركيز الأميركي عن الشرق الأوسط، وتوفير جزء من الموارد المُوظَّفة فيه، لاستخدامها في أماكن أخرى. على أن تلك الاستراتيجية تقتضي، أوّلاً، تفكيك العوامل التي تفرض بقاء القوات الأميركية بحجمها الحالي في هذه المنطقة من العالم، وعلى رأس تلك العوامل حراسة أنظمة الخليج من عدو وهمي اسمه إيران. وفي هذا المجال، تعتقد إدارة بايدن أن الولايات المتحدة تأخّرت كثيراً في التوقّف عن الانجرار إلى صراعات تفتعلها الأنظمة الحليفة، التي أدمنت الحماية العسكرية الأميركية المدفوعة الثمن. وبالفعل، بدأت الإدارة الجديدة في تنفيذ الاستراتيجية المشار إليها، والتي قد تتسارع بعد تحقيق اختراق في مفاوضات فيينا. إذ إن الانسحاب من أفغانستان وتوقّف الحرب على تنظيمَي «داعش» و«القاعدة» يقلّلان الحاجة إلى القواعد الأميركية في الخليج، وذلك ما بدأ مطلع الشهر الماضي حين جرى الإعلان عن انتهاء مهمّة فرقة أميركية مكوّنة من خمسة آلاف رجل في «قاعدة علي السالم الجوّية» في الكويت، بعد سنوات من المشاركة في إدارة الحرب على «داعش».
لقد فكّر ابن سلمان بالخيار الإسرائيلي، سعياً إلى تبديل الأولويات الأميركية. ولذا عمد إلى تشجيع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان على تطبيع علاقاتها مع تل أبيب، لكن تبيّن له أن إسرائيل نفسها تبحث عن حماية في ظلّ الوضع الجديد، وتسعى بشكل محموم لدى الأميركيين، من دون نجاح، للتخلّي عن العودة إلى الاتفاق النووي. هكذا، أصبحت المحادثات مع إيران الخيار الأقلّ كلفة والأكثر جدوى بالنسبة إليه، بعد أن كانت قبل سنوات قليلة مستبعدة كلّياً من قِبَله، بل أضحت تلك المحادثات مساراً لتحقيق اختراق يُكسبه الشرعية التي ما برح يبحث عنها. ففي الداخل السعودي، تتآكل شرعية ولي العهد، بدل أن تتعزّز مع الوقت؛ ذلك أن وضع السعودية بات أسوأ ممّا كان عليه قبل تولّيه ولاية العهد، ولا سيما على المستوى الاقتصادي، وفق الأرقام التي سعى إلى تجميلها في مقابلته الأخيرة، التي بدا فيها، أيضاً، أنه أخفق في تسجيل أيّ تقدّم في مجال الحصول على مباركة الأسرة، ليَظهر بصورته الانقلابية، وكأنه ما زال في بداية الرحلة، مُهدّداً المعارضين بصورة غير مباشرة بالقتل.
الكاتب: حسين إبراهيم – الأخبار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى