ما تأثير المتحور الجديد على أسعار النفط عالمياً ومحلياً؟
كيف سيؤثر قرار الإفراج عن مخزون الولايات المتحدة النفطي الإستراتيجي وانتشار المتحور الجديد لفيروس كورونا، على مسار أسعار النفط عالمياً؟ وهل تراجع الاسعار عالمياً سينعكس انخفاضاً في اسعار المحروقات محلياً؟
منذ حوالى أسبوع أعلن البيت الأبيض أنّ الرئيس جو بايدن أمر باستخدام 50 مليون برميل من مخزون الولايات المتحدة النفطي الإستراتيجي، في مسعى منسّق مع دول أخرى، من بينها الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وبريطانيا، للتخفيف من ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، والضغط على الدول النفطية الأعضاء في تجمّع «أوبك بلس» لزيادة إنتاجها بكميات أكبر. بعد إعلان بايدن هبطت أسعار النفط، فانخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الأميركي بنسبة 1.8% إلى 75.37 دولاراً للبرميل، كما انخفضت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 0.5% إلى 79.28 دولاراً للبرميل. علماَ انّ الخبراء يستبعدون أن تقوم الخطوة الاميركية بدفع أسعار النفط في الأسواق إلى الانخفاض، ويقولون إنّ الإجراء مؤقت، متوقعين أن يؤدي ذلك على عكس الهدف، إلى ارتفاع ملحوظ في الأسعار.
وأشاروا إلى أنّ الـ50 مليون برميل من النفط، التي أعلن البيت الأبيض سحبها من الاحتياطيات وطرحها في الأسواق، لا تعادل استهلاك النفط في الولايات المتحدة لـ3 أيام، إذ أنّ استهلاك الولايات المتحدة من النفط بلغ العام الماضي ما يقارب 18.2 مليون برميل من النفط يومياً.
لكنّ الاسعار تشهد منذ يوم الجمعة تراجعاً لافتاً، ليس نتيجة قرار بايدن، بل بسبب المخاوف الناجمة عن رصد متحورة جديدة لفيروس كورونا في جنوب إفريقيا، يحذّر العلماء من أنّها قد تكون أشدّ عدوى من «دلتا» وأكثر مقاومة للقاحات الحالية، ما يمكن أن يسدّد ضربة قاسية للتعافي الاقتصادي العالمي من الوباء، حيث يمكن ان تؤدي المخاوف إلى تدابير إغلاق جديدة وقيود على التنقل، وبالتالي تراجع النمو الاقتصادي. هذا الامر ظهر جليّاً وبسرعة في الاسواق المالية، حيث شهدت تراجعاً حاداً في اسعار النفط التي سجّلت أسوأ يوم لها الجمعة في غضون 17 شهراً، منخفضة بنسبة 13% الى 68.15 دولارًا لبرميل الخام الاميركي، وبنسبة 12% الى 72.72 دولارًا لبرميل خام برنت القياسي العالمي، لتعود وترتفع اليوم بنسبة 5 و 4,5 % على التوالي الى 71,57 دولاراً و76 دولاراً على التوالي.
في المقابل، علّق الأمير السعودي عبد الرحمن بن مساعد امس، على تراجع أسعار النفط، معتبراً أنّ قرار الرئيس الأميركي جو بايدن، حول اللجوء إلى المخزون الاحتياطي لبلاده، لم يكن المؤثر في هذا التراجع.
وغرّد الامير قائلاً: «المتحور الجديد «أميكرون» (من فيروس كورونا) هو المتسبب في انخفاض سعر النفط، أما حلّ بايدن العبقري باللجوء للاحتياطي فلم يكن له أي تأثير!!».
وأضاف: «لا أرى أنّ هناك أي مؤامرة في ظهور المتحور الجديد، فضرره على اقتصاديات الدول أكبر من ضرر ارتفاع أسعار النفط عليها. وأظن أنّ هذا الوضع (الذعر من المتحور وهبوط النفط) لن يطول».
بالعودة إلى التاريخ، لجأ الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون في العام 2000 إلى الاحتياطيات الاستراتيجية لخفض أسعار النفط، حينها رأت الإدارة الأميركية أنّ أسعار الذهب الأسود مرتفعة، وقرّرت طرح كميات من الاحتياطي في الأسواق، وهي نفس الخطوة التي اتخذها الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن.
وبحسب تقارير أميركية، فإنّ أسعار النفط في العام 2000 سجّلت أعلى مستوى لها في 10 سنوات، إذ بلغت 37 دولاراً للبرميل، وفي ظل ذلك أعلنت إدارة كلينتون الإفراج عن كميات من النفط، ما أدّى إلى تراجع الأسعار لفترة وجيزة وسرعان ما عادت الأسعار للارتفاع مجدداً.
البراكس
في هذا الإطار، إعتبر الخبير النفطي وعضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس، انّ هناك عملية «شدّ حبال» بين بايدن و»أوبك بلاس» خصوصاً روسيا، معتبراً انّ قرار بايدن أثّر على أسعار النفط بالفعل «حيث شهدنا انخفاضاً في سعر برميل النفط الى حدود 72 دولاراً». وقال لـ»الجمهورية»، انّ مسار أسعار النفط مرتبط بعملية شدّ الحبال بين الطرفين، وبالاجتماع المرتقب لمنظمة «أوبك بلاس» يوم الخميس المقبل، الذي توقع ان لا ترضخ خلاله دول منظمة أوبك لقرار بايدن، حيث انّها على يقين انّ إفراج الولايات المتحدة عن مخزونها الاستراتيجي حالياً، سيتطلب لاحقاً اعادة تكوين مخزون جديد، وبالتالي ارتفاع الطلب مجدداً على النفط.
محلياً، أوضح البراكس انّ تراجع اسعار النفط عالمياً سيؤدي حكماً الى تراجع اسعار المحروقات في السوق اللبناني، ولكن سعر صرف الدولار سيحدّد ما إذا كان المواطن سيلمس تراجعاً في الاسعار أم لا. مشيراً الى انّ جدول تركيب اسعار المحروقات الصادر يوم الجمعة الماضية كان من المفترض ان يشهد تراجعاً بالاسعار، لأنّ اسعار النفط عالمياً تراجعت، إلّا انّ ارتفاع سعر صرف الدولار قضى على هذا الانخفاض وادّى الى ارتفاع سعر صفيحة البنزين 4000 ليرة. ولفت الى انّ جدول تركيب الاسعار في 19 تشرين الثاني كان اعتمد سعر الـ648 دولاراً للـ1000 ليتر بنزين. اما جدول الاسبوع الماضي (الجمعة)، فقد اعتمد سعر الـ637 دولاراً للـ1000 ليتر، أي بانخفاض قيمته 11 دولاراً، إلّا انّ صعود سعر صرف الدولار الى 25 الفاً مقابل الليرة، محى أثر هذا التراجع.
وحول جدول تركيب اسعار النفط هذا الاسبوع المتوقع صدوره اليوم، قال البراكس، انّه في حال لم يشهد سعر الصرف مزيداً من الارتفاع، «فحكماً ستنخفض اسعار المحروقات، مع الأخذ بالاعتبار سعر الصرف على منصة صيرفة الذي سيحدّده مصرف لبنان، والذي على أساسه يتمّ تسعير 90 في المئة من قيمة فاتورة البنزين، علماً انّ سعر صيرفة أقفل على 19500 ليرة في الاسبوع الماضي».
الجمههورية _ رنى سعرتي