بو حبيب يحذّر: انتخابات الخارج مهدّدة
مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية في ايار، تشتد وطأة التحدّيات اللوجستية والمالية التي تواجه هذا الاستحقاق، في دولة متهالكة وخزينتها خاوية.
لئن كان العدّ العكسي للانتخابات النيابية قد بدأ، وبالتالي فإنّ القوى الداخلية تتصرف على أساس انّها حاصلة في موعدها.. الّا انّ فرضية تأجيلها او تقلّص فرص نجاحها لا تزال متداولة، ليس فقط بسبب الاحتمالات السياسية والأمنية التي قد تطرأ، وإنما ايضاً نتيجة الخشية من عدم اكتمال الجهوزية اللوجستية والمالية في الوقت المناسب.
وضمن هذا السياق، تواجه انتخابات الخارج المقرّرة في 6 و 8 ايار المقبلين اختباراً صعباً قد يهدّد حصولها، ما لم يتمّ تدارك النقص في جزء أساسي من التغطية المالية التي تحتاج اليها، إذ هناك صعوبات مادية حقيقية تواجه الجانب اللوجستي والإجرائي، خصوصاً المتعلق منه بنقل صناديق الاقتراع ذهاباً وإياباً، وذلك بسبب عجز الدولة عن تسديد الدولار «الفريش» والنقدي.
وتؤكّد وزارة الخارجية من ناحيتها انّها أنجزت كل ما يتوجب عليها لإتمام الاستحقاق في دول الاغتراب، بحيث باتت الكرة الآن في ملعب الحكومة ومصرف لبنان لتأمين السيولة الضرورية، خصوصاً بالدولار.
وبينما تستعد الوزارة لتسلّم نحو 600 صندوق اقتراع من وزارة الداخلية الاسبوع المقبل، فإنّه ليس معروفاً بعد ما إذا كانت هذه الصناديق ستصل الى حيث يجب، مع استمرار العجز حتى يوم امس عن تسديد كلفة نقلها الى الخارج ثم إعادتها.
وعلى الرغم من انّ وزير الخارجية عبدالله بوحبيب كان قد طلب من الأمم المتحدة والدول المانحة المساعدة في سدّ النقص المالي، الّا انّه لم يلق بعد أي تجاوب عملي، ما دعاه إلى رفع الصوت ودقّ ناقوس الخطر، محذّراً من انّ انتخابات الاغتراب ستكون مهدّدة ما لم يتمّ التحرك العاجل للمعالجة.
ويقول بوحبيب لـ»الجمهورية»: «لقد طلبنا كوزارة خارجية موازنة مقدارها أربعة ملايين ونصف مليون دولار لتنظيم الانتخابات في الخارج، الّا انّ وضع الدولة معروف، وآلية الدفع بطيئة جداً والدولار الفريش غير متوافر بسهولة. لذلك، تواصلت مع ممثلي المجتمع الدولي من وزراء وسفراء ومنظمات تابعة للأمم المتحدة، وقلت لهم انّ واقعنا المالي متعثر ونريد مساعدتكم لإنجاز الاستحقاق الانتخابي في الخارج».
ويوضح بوحبيب انّ «الدولة خصّصت لنا ثلاثة ملايين دولار، الّا انّها لا تكفي لتغطية كل النفقات. ثم إنّ هذا المبلغ ليس جاهزاً للصرف الفوري بسبب التعقيدات المعروفة، علماً اننا وفي إطار التقشف طلبنا من السفراء توظيف علاقاتهم ومعارفهم من أجل تأمين قاعات مجانية لوضع صناديق الاقتراع فيها بدل استئجارها في مقابل مادي كما كان يجري قبلاً».
ويشير بوحبيب الى انّ عدداً من السفراء اللبنانيين المعتمدين في دول تضمّ نسبة واسعة من الناخبين، راجعوه وأبلغوا اليه انّهم لن يستطيعوا استكمال الترتيبات الضرورية لإنجاز العملية الانتخابية إذا لم يجر مدّهم بالاعتمادات اللازمة. ويضيف: «المشكلة الأصعب التي تواجهنا حالياً تتعلق بتأمين كلفة نقل صناديق الاقتراع بواسطة شركة «دي. أتش. أل». وكنت قد اقترحت على ممثلي دول غربية دعمنا عبر تمويل هذا الشق الذي يتطلب اكثر من نصف مليون دولار، فأجابوني بأنّهم إذا اعطونا المال سيظهرون وكأنّهم يتدخّلون في الانتخابات، فعرضت عليهم ان يدفعوا الى الشركة مباشرة، إذ اني لا اريد ان أتسلّم المال، وما يهمّني هو اكل العنب وليس قتل الناطور، لكن بعضهم اعتبر انّ المسألة صعبة».
ويشدّد بوحبيب على وجوب إيجاد حل سريع لهذه المشكلة «لأنّ الوقت يداهمنا»، قائلاً: «اريد حلاً». ويكشف انّه تمّ جمع تبرعات بقيمة 150 الف دولار من المغتربين حتى نستطيع إنشاء غرفة تحكّم الكتروني في وزارة الخارجية لمراقبة الانتخابات التي يفترض ان تتمّ في الخارج. ويلفت الى انّ إجراء الانتخابات خارج لبنان يتطلب الاستعانة بأكثر من 2000 موظف سيتوزعون على عدد كبير من «الميغاسنتر» وأقلام الاقتراع، وهؤلاء يجب أن نسدّد لهم بدلات اتعابهم في حين انّ الدولة لا تدفع اصلاً رواتب ديبلوماسييها او تتأخّر كثيراً في تسديد المستحقات، والملحقون الاقتصاديون على سبيل المثال لم يقبضوا رواتبهم منذ فترة، ما دفع بعضهم الى الاستقالة».
الجمهورية _ عماد مرمل