البابا فرنسيس يوجّه رسالة لشباب لبنان من الجامعة الأنطونية!
أقامت الجامعة الأنطونية حفل تخرج للعام 2022، تخلله برقية أرسلها قداسة البابا فرنسيس الى طلاّب الجامعة الأنطونية، ومن خلالهم الى شباب كل لبنان.
الاحتفال الذي أقيم في حرم الجامعة الرّئيس في الحدت-بعبدا، تخلّله توزيع شهادات على طلابها من فروع الجامعة في الحدت- بعبدا، والنبي أيلا-زحلة، ومجدليا-زغرتا، ومن مختلف الاختصاصات. وقد حضره إلى رئيس الجامعة الأب ميشال جلخ، السفيرالباباوي في لبنان المونسنيور جوزيف سبيتيري، راعي الجامعة الأنطونيَّة الأباتي مارون أبو جودة، ، النواب ميشال معوّض، فادي علامة، رامي أبو حمدان، الوزير السابق وعضو مجلس أمناء الجامعة الدكتور دميانوس قطّار، والنائب طوني فرنجية ممثّلا بالسيدة ريبيكا الحصري، والنائب جورج بوشكيان ممثَّلا بالسيد سليم خوري، رئيس بلدية بعبدا الأستاذ أنطوان حلو، عضو مجلس أمناء الجامعة الدكتور مارون خوري مع عقيلته، ممثّل مؤسّسة ريمون وعايدة نجّار المهندس كريم نجّار، إضافة الى مدبّرين الرهبنة الأنطونية، وعدد من الراهبات، ونواب رئيس الجامعة، والعمداء، وأعضاء مجلس الجامعة، وقد شارك في الاحتفال الطلاب وأولياؤهم.
بعد النشيد الوطني، ألقيت الكلمات تباعًا واختتم حفل التخرّج بتوزيع الشهادات والجوائز والمنح على الطلاب المتفوّقين.
رسالة قداسة البابا فرنسيس
نقل أمین سرّ الدولة لقداسة البابا فرنسيس الكاردينال بییترو بارولین رسالة من قداسته جاء فيها:
” يسرّ قداسة البابا فرنسيس أن يشارككم فرحتكم في مناسبة حفل تخريج طلبة الجامعة الأنطونيّة للعام 2022. وفي ظلّ الظروف الصعبة التي يعيشها بلدكم لبنان، يدعو قداسته الشباب الكثرين ألّا يفقدوا الأمل في مستقبل أفضل، مهما صعبت الأحوال، وأظلمت الآفاق. أنتم برجائكم وبشجاعتكم ستبنون بلدكم من جديد، وتعيدون إليه كامل كرامته، ومعناه الفريد بين بلدان الشرق الأوسط. كونوا أقوياء. واعلموا أنّ الله قريب منكم، ويسير إلى جانبكم. آمنوا بحضوره بينكم، وبأمانته لكم وللبنان. ومثل الأرز، الذي لا تقهره العواصف، يسألكم أن ترفعوا نظركم إلى العلى لتروا نور الله ونور الأمل في ظلام الليل، وتثابروا بإيمان ومحبّة من أجل بناء بلدكم من جديد، لأنّكم أنتم المستقبل، وأنتم صانعوه.
أنتهز هذه الفرصة لأقدّم لكم التهاني القلبية، طالبًا من الربّ يسوع أن يأخذ بيدكم ويؤيّدكم لكلّ ما هو خير وسلام وفرح”.
سبيتري
بدوره هنًّأ السفير الباباوي طلاب الجامعة الأنطونية على جهودهم وإنجازاتهم، خلال هذه السنوات التي كانت صعبة للغاية على لبنان.
وقال: ” لقد سمعنا للتو الرسالة التي أرسلها لكم الأب الأقدس البابا فرنسيس مع بركاته، مشيرًا الى أن البابا فرنسيس يولي أهمية كبيرة لطلاب الجامعة الأنطونية، ولكلّ الشّباب، قائلاً : “إن قداسته يؤمن بكم وبرغبتكم في تغيير المجتمع، بهدف جعل العالم مكانًا أفضل، وهو يعتمد على إرادتكم في تجنب الظلم والفساد، ودعم التعايش الاجتماعي، والدفاع عن كرامة وحقوق كل إنسان، وحماية الطبيعة.
وأضاف سبيتري، كذلك يدرك البابا فرنسيس أن لطلاب الجامعة والشباب هنا في لبنان، كل الحقّ في أن يكونوا حزينين وقلقين وحتّى غاضبين بسبب ما يحدث في وطنهم الحبيب. مشيرًا الى أنه يعي تمامًا مشاكلكم ويطالب بتغيير جذري في قلب كل من يسبّبونها.
وختم قائلًا: ” علينا أن نتذكر أن الغضب والحزن، في حدّ ذاتهما، لا طائل منهما، ولكن يمكننا توجيههما لمساعدتنا في تحقيق أهداف إيجابية، لذلك لا تخافوا من التحدّيات التي تنتظركم”.
جلخ
من جهته، قال رئيس الجامعة الأب جلخ: “أعرف أن الأوضاع التي نعيش ليست ما أمِلتُم، ولا ما تمنّاه أهلُكم لكم يَوم راهنُوا على تعليمكم جوازَ عبور إلى الازدهار والنجاحِ والسعادة.
أعرفُ أنَّكم تحملونَ اليومَ مع شهاداتِكم والأفراح، مزيجًا مرًّا من القلق والخوف واللايقين. فكلُّ ما حولَنا، على المستويَين الدوليِّ والوطنيّ، يُصعِّب مَهمَّة دُعاة التفاؤل. مع ذلك، أنا على يقين أنَّ الأزمات تَصقُلُ البشر، وأنَّ الصعوبة فرصةٌ للعبقريَّة، وأنَّكم كلبنانيِّين تحمِلون في كيانكم هذه القدرة، التي بناها تَعاقُب الأزمات، على تحدِّي الصعوبات وعلى الصمودِ مهما بلغت المشكلات”.
وتوجّه للمتخرّجين: “ها أنتم اليوم تقفون شامخين، كالأرز الذي أوصاكُم قداسة البابا بالتشبُّه به، ولم تزِدكُم المصاعبُ إلّا صلابةً وإصرارًا.
أنتم الذين درستُم في أكثر الظروف استثنائيَّةً، فخبِرتم باللحم الحيِّ تبدُّل التعليم وانتقال أنشطة أساسيَّة فيه من التفاعل الحضوريِّ إلى الافتراضيِّ والبعيد، وأُجبرتُم على التأقلم السريع مع متغيِّرات طرق التدريس والمرافقة والتقييم والتدريب.
أنتم الذين ثابرتُم على التعلُّم والتفوُّق يوم لم يبقَ من حولِكم شيء على حاله: لا العلاقاتُ ولا المداخيلُ ولا الروزناماتُ ولا الأدوار.
أنتم الذين قاومتُم العزلة والإحباط والعبث، وتشبَّثتُم بالتحصيل العلميِّ كي تعطوا لهذا الوطن المتألِّم أملًا يتطلَّع إليه من رحم المعاناة. أعطيتُم أهلكم والمجتمع ميعادًا ينظرون إليه من صحراء الحاضر. أعطيتمونا جميعا الثقة لننهضَ ونواكبَ عزيمتَكم” .
وأضاف الأب جلخ قائلاً: “ها أنتم اليوم تستعدُّون لمغادرة الجامعة أو لبدء صفحة جديدة ومرحلة جديدة في تحصيلكم الجامعي. بعضُكم عينُه على الهجرة، وبعضُكُم الآخر قرَّر مغالبة الواقع هنا، وبعضكم الآخر لا يعرف أين ستقوده الأيام. لكن أيًّا تكنِ الوجهة التي اخترتُموها، أو اللاوجهة التي قد يتخبَّط فيها الواحد منكم لبرهة ريثَما يجدُ طريقَه، ثقوا أنَّكم أبطال، وأنَّ إصرارَكم وعزيمتَكم هما ذخيرةُ هذا البلد. ونحن واثقون أنَّ من قاوم الأعاصير التي ضربت مجتمعنا في الأعوام الثلاثة الماضية قادر على اجتراح الحلول المبتكرة والمستدامة لمشكلات مجتمعه. ثقوا أيضًا أن الجامعةَ ستبقى بيتَكم، فلا تتردَّدوا في طلب المساعدة أو النُّصح. وابقَوا على تواصل مع وحدات الإدماج الوظيفيِّ والقدامى والتدريب المستمرّ كي تعطُوا أنفسكم أكبر قدر ممكن من الفرص”.
وأضاف قائلاً: ” صحيح أنّ لبنان يمرُّ بواحدة من أصعب المراحل في تاريخه الحديث، وصحيح أنَّ العالم من حولنا يتخبَّط في نزاعات وحروب تهدِّد أمنَه ومستقبلَه وتُلقي بظلالها على خطوط إمداد الغذاء والطاقة، إلا أنَّ الصحيح أيضًا أن العالم من حيث الأفكار والابتكار بات قرية واحدة. لذا فالعالم كلُّه سوق عملِكم، العالم كلُّه متاحٌ لأفكاركم وطموحاتكم. فلا تحجُروا على أحلامكم في ضيقِ ما نعيشه اليوم. أبقُوا أبصاركم شاخصة إلى الغد وإلى البعيد، ولا تفقُدوا العزيمة والبصيرة والقيم التي قادتكم من عمق الأزمة إلى قمَّة الإنجاز، ومن وحدة التعلُّم عن بعد إلى الاحتفال مع المئات من زملائكم بتتويج سنوات العمل والجهد”.
وختم متوجّهًا للمتخرّجين بالقول: ” هنيئاً لكم الإنجاز، وهنيئًا لأهلكم الذين أنهكتهُم ولا شكّ التغيُّرات والمفاجآت والأزمات والصدمات، لكنَّهم أصرُّوا على أنَّ مستقبلكم أهمُّ من أيِّ تضحية قد يقومون بها. احملُوا شهاداتكم بفخر كي تواجهوا المستقبل، وبتواضع كي تستمرُّوا بالتعلُّم، وبنزاهة كي تليقوا بالعِلم ويليقَ بكم” .
وقبل توزيع الشهادات، تم تقديم المنح للمتفوّقين.