الشرق الأوسط: عقبات مالية وقانونية تعترض إجراء الانتخابات البلدية.. ومولوي مصرّ!
وضع وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال بسام المولوي نفسه أمام تحدي إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في موعدها المقرر خلال شهر أيار المقبل، وبدا مصرّاً على إدارة الاستحقاق رغم الصعوبات التي تعترضه، في وقت يرى فيه خبراء أن المولوي “يسبح عكس التيّار”، بالنظر للصعوبات الإدارية واللوجيستية والمالية والأمنية التي تواجهه، وهي الأسباب التي أجّلت الانتخابات من العام الماضي، وتبدو الآن أكثر صعوبة، بالنظر لأن الدولة التي أجرت الانتخابات البرلمانية قبل سنة، كانت عاجزة عن تأمين مستلزماتها، واستعانت بمساعدات دولية، بات الحصول عليها الآن أكثر صعوبة.
وتواجه الانتخابات تحديات كبرى؛ أهمها العامل المالي الذي يشكل رافعة أساسية لهذا الاستحقاق، بالإضافة إلى العامل الأمني. وأوضح مصدر مسؤول في وزارة الداخلية لـ”الشرق الأوسط”، أن المولوي “وجه كتاباً للأمانة العامة لمجلس الوزراء، حدد فيه الكلفة المالية للانتخابات، والمقدرة بنحو 9 مليارات ليرة لبنانية (ما يعادل 215 ألف دولار، وفق سعر منصّة “صيرفة” حالياً)”.
وقال المصدر: “مطلوب تعاون بين الحكومة والمجلس النيابي؛ لأن فتح الاعتمادات يحتاج إلى جلسة تشريعية”. ورأى أن “العامل الأمني ليس سبباً لتأجيل الانتخابات، ولا داعي لإثارة هذا الهاجس عشية موعدها؛ لأن الأمن ممسوك والظروف تسمح بإجرائها، وكذلك الأسباب المالية طالما أن الحكومة معنية بإجراء الاستحقاق في موعده”.
اندفاعة وزارة الداخلية في مواجهة هذا التحدي، يقابلها تشكيك بقدرتها على إنجازها في موعدها، واعتبر الخبير الانتخابي كمال فغالي أن “مصير الانتخابات البلدية متوقف على تأمين التمويل الكافي لها”. ورأى أن “الدولة لم ترصد حتى الآن الموازنة اللازمة لها”.
وذكّر فغالي في تصريح لـ”الشرق الأوسط” بأنه “في الانتخابات النيابية تكفّلت البلديات بتأمين الكهرباء لأقلام الاقتراع والفرز ولجان القيد، أما الآن فالتكلفة أكبر في ظلّ ارتفاع أسعار المحروقات؛ نظراً لانهيار العملة الوطنية، وتلاشي القدرة المالية لدى المجالس البلدية”. وقال: “إذا تكفّل الاتحاد الأوروبي بتأمين النفقات المالية للانتخابات البلدية فسيمكن إجراؤها في موعدها”، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن “القوى الأمنية لا تستطيع تأمين المحروقات للآليات العسكرية، وتوزيع عناصرها على المراكز والأقلام الانتخابية”، مبدياً أسفه لـ”غياب أي خطة إنقاذية لدى الحكومة، ولعدم اطلاع اللبنانيين عمّا إذا كان لديها تمويل سرّي لهذه العملية أم لا”.
ويرى الخبير القانوني والدستوري المحامي سعيد مالك، أن “الانتخابات البلدية والاختيارية تواجهها عقبتان لوجيستية وقانونية”. وأشار إلى أن “العقبة اللوجيستية تكمن في تأمين الاعتمادات المالية باعتبار أن موازنة عام 2022 خالية من أي مبلغ للانتخابات، وعدم وجود موازنة للعام 2023″. ويقول لـ”الشرق الأوسط” إن “الحكومة مضطرة للذهاب إلى المجلس النيابي لإقرار قانون لتأمين الاعتمادات المالية”. ويتخوّف “ألّا تعقد جلسة تشريعية؛ لأن هناك معارضة من شرائح سياسية كبيرة تعارض عقد جلسة تشريعية قبل انتخاب رئيس للجمهورية”.
أما العقبة القانونية فهي أكثر صعوبة وتعقيداً من توفير الأموال، وباعتقاد مالك، تكمن المعضلة في أن “الانتخابات البلدية تعتمد نفس أصول انتخاب أعضاء المجلس النيابي، أي أنها يفترض أن تحصل وفق القانون النسبي”. وأشار إلى أن “المادتين 11 و16 من قانون البلديات الصادر في عام 1977، تنصان على أن أصول انتخاب أعضاء المجلس النيابي تنطبق على الانتخابات البلدية، ما يقتضي إجراء الانتخابات وفق القانون النسبي الذي يستحيل تطبيقه الآن”. ورجّح الخبير الدستوري أن “يتجه البرلمان اللبناني إلى تمديد آخر للمجالس البلدية والاختيارية، في ظلّ هذه العقبة القانونية”.