غير مصنف

الخطيب: لم تكن هناك فتوى دينية من أي موقع إسلامي أو مسيحي

أقيم لقاء حواري مع نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب بعنوان “المشروع الوطني والعربي والاسلامي في مواكبة متغيرات المنطقة ما بين الامال والتحديات المحلية والاقليمية والدولية”، بدعوة من الرابطة الثقافية في طرابلس، في قاعة المكتبة العامة في الرابطة، بحضور شخصيات وفاعليات المدينة.

وقال نائب رئيس المجلس الشيعي: “لا تعلمون كم هو مقدار سروري في هذا اللقاء مع هذه النخب الطيبة من الثقافة والاعلام، وما له هذا اللقاء من مرتبة مع ما يتناسب مع اسم هذه الرابطة والتي تفتح أفقها في طرابلس الفيحاء للنقاش ولصوت الاعتدال، ودائما الامور التي تخرج عن الوسطية وكل شيء يخرج عن الوسطية والالتزام وعن الاعتدال هذا يعبّر عنه انه تطرف وهو مضر وغير مفيد، والذين يتطرّفون لا أتهمهم في إنسانيتهم ولكن أتهمهم في معرفتهم، فالتطرف ناتج عن الجهل”.

اضاف: “لذلك تفتح الرابطة الثقافية في طرابلس الفيحاء برئاستها وبأعضائها هذا المجال الذي نحن فيه اليوم باللقاء بكم للتحدث في أمور ضرورية ومهمة وأساسية يجب أن نبني عليها بالمستقبل، الذين كنت ألتقي مهم وخصوصاً من المثقفين وأقول لهم هذا القول الذي أكرره أمامكم أن المسؤولية لا تقع على عاتق الناس الذين يفتقدون المعرفة، المسؤولية تقع على عاتق الذين يعلمون والذين يعرفون، والله سبحانه وتعالى لم يكرّم الانسان الا بالمعرفة (ولقد كرّمنا بني آدم) هذه قاعدة، لا يحقّ لأحد أن ينتهك كرامة الإنسان بأي حجة من الحجج في الاختلاف الديني أو المذهبي أو الاختلاف القومي، الانسان كرّمه الله وكرّمه بالمسؤولية (إني جاعل في الارض خليفة)، والخلافة تقتضي المسؤولية”.

وتابع: “من لا يستحق المسؤولية إثنان: إما الجاهل وإما الأعمى وأقصد بالأعمى من يفتقد للبصيرة، يعني انه يوجد فيه نقص في تحمل المسؤولية وغير قادر على القيام بهذه المسؤولية، ما هي هذه المسؤولية؟ مسؤولية اعمار الأرض، لهذا اول أمر يجب أن يُكتب ويُحكى امام الأجيال وأمام الناس ويكون هو الصوت الأعلى في الإعلام وفي النوادي والمدارس والجامعات هو المسؤولية وليس عناوين ملتبسة كعنوان الحرية”.

وقال: “المسؤولية اذا كان الانسان لم يكن قادراً على الاختيار لا يمكن أن يكون مسؤولاً، العاجز المجبر على خيار واحد هو مجبر، الخيار أن يكون مخيّراً بين الصح والخطأ، وأولاً ان يكون قادراً على التمييز في أي مجال من المجالات، وثانياً ان يكون لديه القدرة على أن يفعل ما يختار، لهذا كرّم الله الانسان وله قدرة على أن يختار وخلقه الله قادراً على أن يختار، ولكن لم يجعل له الحق أن يختار الخطأ، هذه مسألة مهمة ودقيقة يجب أن نميّز بينهما أي بين الاختيار وأن يكون له قدرة على الاختيار وبين أن يختار الخطأ وليس حراً أن يختار الخطأ عليه ان يختار الصحيح، ولهذا هو مسؤول ويتحمل مسؤولية الخطأ ويتحمل مسؤولية الطريق الصحيح”.

اضاف: “أيها الاخوة الأعزاء، انتم الطبقة النخبة التي تتحمل مسؤولية ويجب عليها ان تتحمل مسؤولياتها في هذا البلد العزيز الذي ليس كمثله بلد في العالم على صغره، كلنا نعرف أن لبنان له هذا الامتياز ولكن نحن كلبنانيين لم نستثمر هذا البلد كما يلزم، بنينا لبنان على قاعدة خطأ ووضعنا في اساس هذا البناء علة الخراب التي هي الطائفية والتي هي بناء الدولة على أساس الطائفية، “الطائفة والدين” الإنسان هو الذي يتحمل ما يعتقد “لكم دينكم ولي ديني”، فكل انسان يتحمل هذه المسؤولية بينه وبين الله، أما في الحقوق والواجبات لا فالناس كلهم سواسية ما هو دينه ومذهبه واعتقاده واتجاهه السياسي هذا لا ينقص من حقه شيئاً أو يزيد من حقه شيئاً، الناس كلهم سواسية والدين لا يضع حواجز بين الناس فالدين الذي يضع حواجز بين الناس اذا كان الإسلام فرضاً ويميز بين الحقوق والواجبات بين المسلم والمسيحي فهو ليس ديناً الهياً”.

وتابع: “الدين الإلهي الذي يخاطب الناس والله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم العزيز الذي هو الكتاب المقدّس للمسلمين اقرأوا كيف يخاطب الناس، حينما يخاطب الناس يخاطبهم بلغة وحينما يخاطب المسلمين يخاطبهم بلغة أخرى يخاطبهم بلغة تحميل المسؤولية، لذلك الدين لا يجعل تمييزاً في المجتمع بين الناس على أساس الدين أو يجعل بينهم حواجز لا حواجز في الحقوق والواجبات الناس كلهم سواسية كأسنان المشط”.

واردف: “يقول رسول الله محمد *الناس كلهم عيال الله واقربهم اليه أنفعهم لعياله* لم يقل المسلم ولم يقل السني ولم يقل الشيعي ولم يقل الدرزي، “الناس كلهم عيال الله واقربهم اليه أنفعهم لعياله”، *وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان اقربكم عند الله اتقاكم* التقوى بهذه القواعد قواعد التسوية بين الناس وحفظ كرامات الناس وعدم الظلم وارتكاب الجرائم، لهذا بناء الدولة على أساس خاطئ على أساس طائفي أدخل البلد في عدم استقرار دائم، أدخل الطوائف بعضها مع بعضها الآخر في حروب وأحقاد ووضع الحواجز في ما بينهم”.

وقال: “نحن نتحدث بالسيادة والاستقلال اين هما؟ هل الدولة تحمّلت مسؤولية ابنائها وأرضها وكرامة شعبها؟ عندما تم الاهتمام بالمركز وتركنا الأطراف الدولة الحقيقة هي التي تهتم بالأطراف أكثر من المركز، حين تُرك الجنوب وأهل الجنوب فالدولة تخلت عن مسؤوليتها تجاه المواطنين وتركت الجنوب للعبث وللإسرائيلي ليسرح ويمرح ساعة شاء وأهل الجنوب يتلقون الاعتداءات الاسرائيلية ودمرت بيوتهم ويُقتل أبناؤهم ويهجرون من مكان الى مكان والدولة لم تتحرك ولم تكن موجودة”.

وقال: “الذي يحدث أن هذا النظام المبني على الطائفية كلما يحدث هزة في منطقة او يحصل استحقاق داخلي ندخل الناس في بعضها البعض ونعمل حروبا ونهدم كل ما عمل أهلنا وعملنا في بنائه نهدّمه ونخرّبه ونقتّل أبناءنا والذي يسلم منهم يضطر أن يهاجر الى الخارج، فالثروة الأساسية والحقيقية هم أبناؤها الذين يتخرجون من الجامعات ويتخصصون نحن نتخسّر عليهم وبعدها الدولة تتخسر عليهم وتقدمهم للخارج بدون مقابل، هل هذه كرامة الشعب اللبناني؟ هل هذه هي الدولة؟ لماذا البلد لا يتقدم ودائماً الى الوراء؟ لأن البناء كان على أساس خاطئ”.

اضاف: “لذلك نعود الى أول الكلام أن الطبقة المثقفة في لبنان تتحمل مسؤولية كبيرة هي التي يجب أن تصنع الرأي العام لا أن تكون هي التي تمشي السياسات وتنفع طبقة خاصة من المنتفعين من النظام الطائفي، فهذا معيب بحق الطبقة المثقفة وأن تكون مجرد أدوات تروج للطبقة السياسية المنتفعة من هذا النظام هذا معيب بحقها، دورها أن تصنع الرأي العام على أساس فكري وعلمي وان تكون دولة قوية وأن تقرّب الناس من بعضها البعض، لا فرق لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود الا بالتقوى، التقوى هي ماذا تقدم لبلدك وماذا تملك من كفاءة وإخلاص هذه هي التقوى وليست فقط صلاة وصوم التقوى هي الإخلاص لاهلك ولبلدك وأن تمنع من تخريبه والعبث فيه وبحقوق الناس”.

وتابع: “المطلوب من اخواني واهلي والمثقفين والاساتذة أن تصنع واقعها وألا تنتظر مع احترامي للسياسيين وأنا لا أُعمّم لكن بشكل عام، لا تنتظر الذين يرسمون السياسات ويديرون البلاد ويأخذونها يميناً وشمالاً أن تعطيكم المجال وتقول لكم تفضلوا على بساط احمدي وافعلوا ما ترغبون به. المطلوب ان نؤسس لثقافة جدية في بلدنا تنقذ ابناءنا، تبني لنا المستقبل الرحب لنكون على شاكلة لبنان”.

وقال: “اليوم طبعا هناك مشكلة في البلد وهناك انسداد افق وحرب داحس والغبراء في الاعلام، والمشروع الذي أتكلم عنه “الخروج من الطائفية السياسية وبناء دولة المواطنة” هذا يحتاج الى عمل وجهد ووقت، يجب الآن الخروج من الواقع الذي نحن فيه واذا حصل الآن تسوية بين السياسيين وستحصل وينتخب رئيس للجهورية وتشكيل الحكومة ونتمنى ألا تطول، الطبقة السياسية تخيفنا بخطابها خطاب التعصّب وإثارة الغرائز والطائفية، يجب أن نكون واعين ولا نتبع هؤلاء الذين لا يريدون للبنان أن يقوم على أسس قوية وثابتة”.

اضاف: “غدا تحصل تسوية وننسى الذي حصل والناس تنسى ولكن المثقف يجب ألا ينسى والمسؤول يجب ألا ينسى، وهذا يحثّه على العمل للمستقبل لئلا نقع في ما وقعنا فيه وكرّرنا الوقوع فيه. نقول للناس لا تركضوا وراء الطائفية ودعوات التقسيم التي هي مبنية على هذه الفكرة حقوق الطوائف”.

وتابع: “انا اخاطب اخواني المسيحيين الأعزاء الذين هم بنظري كالمسلمين الذين لا يجوز إهانتهم ولا الانتقاص من حقوقهم ولا يوجد خوف عليهم، والذي يخوّف المسيحيين في لبنان لديه مشروع، والذي قلته أنا ان المشروع الغربي حتى يدخل الى لبنان يتحجّج بالحفاظ على الأقليات، الطوائف ليس منها خوف على بعضها البعض، الحرب التي خيضت لمدة 15 سنة لم تكن حربا إسلامية مسيحية كان انتصار اليمين، لم تكن هناك فتوى دينية من أي موقع إسلامي أو مسيحي، هذا تزوير باسم الدين، الإمام السيد موسى الصدر والشيخ الشهيد حسن خالد وغيرهما من الزعامات الإسلامية والمسيحية كلهم كانوا ضد الحرب ولم يكن أحد معها ، ولا يجب أن يقول أي موقع ديني أنا اريد ان احافظ على طائفتي فهذا غير صحيح، لا خوف من الطوائف بعضها من بعض”.

واردف: “الطائفية هي العلة وان تدخل الطوائف بعضها ببعض، لذلك نحن لا نحسب أنفسنا أقلية وأنا اريد من إخواني المسيحيين وغير المسيحيين ممن ينغشون بشعار الأقلية نحن لسنا أقليات، المسيحية جزء من تاريخنا ومن عقيدتنا ومن شعبنا والمسيحيون شرقيون هنا وليسوا مستعمرين ولا طارئين، والمسلمون من أي طائفة كانوا هم كذلك”.

وقال: “نحن جميعاً ننتمي الى هذا المشرق ونتعرّض لنفس المظالم ومصيرنا واحد، وأين المسيحيون في فلسطين، ولكن المسيحيون كانوا موجودين في فلسطين قبل اليهود وقبل الصهيونية والمسيحيون موجودون في قلب الحضارة الإسلامية، موجودون في بغداد وفي دمشق وفي القاهرة موجودون في لبنان ولم يولد المسيحيون مع ولادة دولة لبنان، هم جزء من هذا الشرق ولهم إسهامات وكانوا موجودين في قلب الحضارة الإسلامية التي مرت على هذا الشرق وكانوا وزراء ومستشارين وكان لهم دخالة في رسم السياسات، لو كان المسيحيون اقلية معرّضين في هذا المشرق للخطر لم يكن أحد منهم موجود الآن، ولم تكن هناك كنيسة الآن، الكنائس عمرها مئات السنين بلا الاف السنين بقيت كما هي وبقي المسيحيون على احترامهم”.

اضاف: “هذا هو الواقع ولنقرأ التاريخ وليس الذي يسمموننا به على وسائل التواصل الاجتماعي أو على بعض وكالات الأنباء وبعض المواقع الالكترونية، علينا ان نقرأ وندقق في التاريخ ونرى، لا يوجد طائفة مسيحية او اسلامية في الحقوق والواجبات ويجب ان نبني على هذا وعلى احترام بعضنا البعض وعلى احترام انسانيتنا، الناس صنفان إما أخ لك في الدين او نظير لك في الخلق، ولكن يوجد مشكلة كبيرة في هذا الموضوع إضافة الى الثقافة الاستعمارية التي تمكّنت من نفوس أبنائنا ونحن إما كنا مقصرين في نشر الثقافة الحقيقية للإسلام والمسيحية”.

وتابع: “الموضوع الثاني هو موضوع الكيان الاسرائيلي الذي لم يأت الا لتمزيق هذه المنطقة وليكون قاعدة غربية لتثبيت اركانه ووجوده في المنطقة للاستيلاء على خيراتها، فالكيان الاسرائيلي الذي قام على العنصرية وقتل الفلسطينيين والفلسطينيون يرون ما يجري في فلسطين هل نريد ان نكرر نحن في لبنان ما يجري بالشعب الفلسطيني؟ ان نقتل بعضنا ونهجر بعضنا لنؤسس دولة مسيحية او شيعية او درزية او سنية؟ هل هذه مشاريعنا الطائفية هي ان نكرر نكبة فلسطين بأيدينا؟ دون أن يدفع الغرب اي ثمن في هذا الطريق وندفعه نحن من أبنائنا ووجودنا ومستقبلنا”.

واردف: “اقول للذين يرفعون شعار التقسيم وانا أرى في بعض القنوات التلفزيونية بعض المظاهر التمثيلية موضوع الفبركة، لذلك هذا المشروع المقصود فيه هو مشروع اسرائيلي سواء قبلنا او لم نقبل هذا غير مقبول بحقنا جميعا. لذلك هذا الموضوع ليس بسيطا بل خطير ويجب ان ننتبه له بالكاد ان نحافظ على وحدة بلدنا ارضا وشعبا ووحدة اللبنانيين ومساواتهم وحقوقهم والخروج من هذا النظام الطائفي الذي يفرق بيننا ويزرع الحقد بينهم، واتمنى ان ما حصل في موضوع السعودية وبين أشقائنا يجب المحافظة على وحدة المسلمين وحقوقهم، وعلى اللبنانيين ان يفكروا في انفسهم قبل ان يفكروا في احد آخر”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى