موقع أميركي: المخابرات الأميركية تحضّر لـ”ثورة ملوّنة” في إندونيسيا
كشفت الوثائق التي تمّ تمريرها بصورة مجهولة إلى موقع “MintPress News” الأميركي أنّ “الصندوق الوطني للديمقراطية” (NED)، وهو واجهة سيئة السمعة لوكالة المخابرات المركزية، يضع الأسس لـ”ثورةٍ ملوّنةٍ” في إندونيسيا.
وسينتخب الإندونيسيون، في شباط/فبراير المقبل، رئيسَهم ونائبه، وكلا المجلسين التشريعيين. ووفقاً للموقع، فإنّ الزعيم الحالي جوكو ويدودو، الذي تحبّه شريحة واسعة من المواطنين، غير مؤهل لولاية ثالثة.
وحتى ذلك الوقت، يستعدّ “NED” للاستيلاء على السلطة في أعقاب رحيله، بحسب ما ذكر الموقع الأميركي.
تفيد تقديرات الصندوق بأنّه يعمل في أكثر من 100 دولة، ويوزّع ما يزيد على 2000 منحة من كل عام. وفي إندونيسيا، ساعدت هذه المبالغ في توسيع نطاق عمله، ليشمل العديد من المنظمات غير الحكومية، وجماعات المجتمع المدني، والأهم من ذلك، الأحزاب السياسية والمرشحين من مختلف الأطياف الإيديولوجية.
ورأى “MintPress News” أنّ “جيشاً حقيقياً” من عملاء “NED” على الأرض مستعد لتحدي النتائج، “إن لم يكن قلبها”، في حالة فوز “الأشخاص الخطأ”.
ومن وجهة نظر واشنطن، لا يمكن التقليل من أهمية ضمان تنصيب حكومة “مطيعة” في إندونيسيا، بحسب الموقع الأميركي.
ومع مناقشة قادة الجيش الأميركي الحرب مع الصين في المستقبل القريب جداً علناً، لا بدّ من أن تكون المنطقة مأهولةً بـ”الدول العميلة”، القادرة على مساعدة تلك الجهود التي تهدّد العالم، ولا شك أن مبادرات مماثلة جارية الآن في مختلف أنحاء منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وفق الموقع.
جوكو ويدودو، المعروف شعبياً باسم “جوكوي”، هو أول زعيم إندونيسي لا ينتمي إلى النخبة السياسية أو العسكرية الراسخة في البلاد منذ استقلالها، كما أورد الموقع.
ولد جوكوي ونشأ في أحد الأحياء الفقيرة على ضفاف النهر في سوراكارتا. ومن هناك، ناضل ليصبح عمدة مسقط رأسه في عام 2005، ثم حاكم جاكرتا في عام 2012، ثم رئيساً بعد ذلك بعامين.
وبحسب “MintPress News”، حارب ويدودو البيروقراطية والفساد، أثناء متابعته برامج لتوفير الرعاية الصحية الشاملة، والنمو الاقتصادي، وتطوير البنية التحتية، والتحسينات المادية لحياة المواطنين العاديين. ومن هنا تأتي شعبيته المحلية، التي يصفها المحللون مراراً بـ”تأثير جوكوي”.
وأعطى الرئيس أيضاً الأولوية “لحماية سيادة إندونيسيا”، والحدّ من النفوذ الخارجي في جاكرتا. بالإضافة إلى ذلك، فإنّه يتبنّى سياسةً خارجيةً مستقلةً إلى حد كبير، الأمر الذي يثير استياء الإمبراطورية الأميركية، وفق الموقع.
وشجّع ويدودو زعماء الدول الإسلامية على المصالحة ودفع من أجل استقلال فلسطين المحتلة، كما أنّه زار كلا من روسيا وأوكرانيا، حاثّاً زعماءهما على السعي إلى السلام.
وعندما استضافت العاصمة الإندونسية جاكرتا قمةَ مجموعة العشرين العام الماضي، دعا الرئيسَ الروسي، فلاديمير بوتين، للحضور، على الرغم من الانتقادات الغربية الشديدة، إلى جانب الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي.
كذلك، رأى “MintPress News” أنّ حكم ويدودو يحاكي في عدة نواحٍ حكم أحمد سوكارنو، أول رئيس لإندونيسيا، الذي كانت سياساته، محلياً ودولياً، مناهضةً للإمبريالية بوضوح.
وفي عام 1965، أطيح بسوكارنو في انقلاب عسكري، رعته وكالة المخابرات المركزية والمخابرات البريطانية، إيذاناً ببدء 30 عاماً من الديكتاتورية العسكرية بقيادة الجنرال محمد سوهارتو.
وفيما يستعدّ ويدودو الآن لترك منصبه، توضح الوثائق المسربة أنّ الإمبراطورية الأميركية تستعدّ لتنفيذ انقلاب آخر في جاكرتا، تحت رعاية “تعزيز الديمقراطية”، بحسب الموقع.
والإطاحة بالرؤساء المناهضين للإمبريالية هو سبب وجود “NED” منذ إنشائه في عام 1983، كما ذكر “MintPress News”، حيث أسّس كبار عملاء وكالة المخابرات المركزية ومسؤولي السياسة الخارجية الأميركية المنظّمةَ لتمثّل آليةً عامةً للدعم السري التقليدي، الذي تقدّمه الوكالة لجماعات المعارضة وحركات الناشطين ووسائل الإعلام في الخارج.
ووصف الموقع التدخلات التي قام بها “NED” على مدى السنين بـ”الخبيثة”، مشيراً إلى تدخلاته الأخيرة في كوبا، حيث رعى “انتفاضةً” فاشلة، وهونغ كونغ، حيث موّل المتظاهرين الانفصاليين، وبيلاروسيا، حيث حاول الإطاحة بالحكومة الحليفة لروسيا.
وأمام هذا الواقع، خلص الموقع إلى أنّه ثمة اليوم ضرورة، أكثر من أي وقت مضى، للتدقيق في نشاطات “NED” في كل مكان، إن لم يكن حظرها بصورة تامة.