لبنان
الحسن: تعاملنا المتوازن مع التحركات الشعبية جنب البلاد إراقة الدماء
شهدت وزارة الداخلية والبلديات عملية التسليم والتسلم بين الوزيرة السابقة ريا الحسن وخلفها العميد محمد فهمي، خلال حفل في الباحة الخارجية للوزارة، حضره المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم والمدير العام للاحوال الشخصية العميد الياس الخوري ومستشار الحسن لشؤون السجون العميد فارس فارس وكبار الضباط والموظفين في الوزارة.
وقد اقيمت مراسم الاستقبال للوزير الجديد، على وقع موسيقى قوى الامن وحرس سرية وزارة الداخلية، ثم عقد خلوة مع الحسن تخللها عرض للتطورات والاوضاع وعمل الوزارة.
وعلى الاثر، قالت الحسن: “أود أولا أن أتوجه بالشكر من أعماق قلبي لجميع الحاضرين هنا اليوم، من مديرين عامين ومسؤولين على كافة المستويات في وزارة الداخلية والبلديات، ولكل فرد في وزارة الداخلية، بكل مكوناتها المدنية والعسكرية، على تعاونهم معي خلال الفترة التي توليت فيها مسؤولية هذه الوزارة الحساسة، وعلى كل ما بذلوه لتحقيق الأهداف التي رسمناها منذ بداية الطريق، وآمل أن نكون وفقنا في تحقيق جزء منها على الأقل”.
أضافت: “أقول لمن سيحمل هذه الأمانة اعتبارا من اليوم: لديك هنا فريق عمل على قدر كبير من الكفاءة والإخلاص والتفاني، يمكن أن تحقق معه الكثير، على أمل أن تتوافر لك، في المرحلة المقبلة، ظروف أفضل، تساعد على ترجمة كل الطموحات. رغم كل ما مر به لبنان من تحديات صعبة، لا نزال نرى مشهد التسليم والتسلم، حيث السابق يعطي اللاحق عصا البدل، رمزا لمناعة مؤسساتنا، ولمبدأ تداول السلطة، واستمرارية الحكم”.
وتابعت: “عندما تألفت حكومة الرئيس سعد الحريري، استبشرنا خيرا، وعقدنا الآمال الكبيرة عليها، لاننا أعتقدنا أن التسوية التي أتت بها، تعكس وعيا لأهمية التعاون الصادق لتحقيق إنجازات ملموسة. ولكن، للاسف، هذا الامر لم يحصل. جربنا أن نعالج التحديات الكبرى التي تواجه البلد، لكننا واجهنا حواجز حدت من قدرة الحكومة على الانجاز. وفي النهاية، تبين للبنانيين جميعا، كما للرئيس الحريري، أن الحكومة ليست قابلة للحياة وللاستمرار، لأنها باتت مؤذية لمصلحة لبنان قبل كل شيء. ورغم كل ذلك، وفي ظل هذا الجو الحكومي غير الصحي، سعيت جاهدة قدر الإمكان إلى تحقيق ما كنت أطمح إليه، ضمن الإمكانات المتاحة والظروف المحيطة. وقد كان العنوان الرئيسي لطموحي، أن أنقل وزارة الداخلية، من مجرد وزارة تؤمن الأمن للمواطن، إلى وزارة يؤمن بها المواطن، من خلال مجموعة إصلاحات تدخل عنصر الحداثة الى الوزارة، وتسهل المعاملات الحكومية، وتؤمن الشفافية في التعاطي مع المواطن، وتغلق ابواب الهدر والفساد”.
وقالت: “مع أن الظروف لم تكن دائما ملائمة، ولم تسمح لنا بأن نترجم واقعيا كل ما نصبو إليه، وخصوصا في ظل الوضع الاقتصادي والمالي الراهن،استطعنا أن نتقدم كثيرا في بعض الملفات، وأن نضع بعضها الآخر على السكة، وأن نرسي أسسا للتطوير والتحسين في كل مجالات عمل الوزارة، إن في ما يتعلق بملف السلامة المرورية والسير او في تحسين وضع السجون والمساجين او في مكننة الاحوال الشخصية او في تعزيز وضع البلديات لتمكينها من اداء دورها الانمائي او في تحسين وتعزيز أمن مطار رفيق الحريري الدولي او في غيرها من الملفات التي عرضنا تقدم العمل فيها بالتفصيل في كتيب يوزع عليكم لاحقا”.
أضافت: “لقد كنت، منذ اللحظة الأولى لتعييني، أمام تحد، بحكم كوني أول امرأة تتولى حقيبة الداخلية، ووجدت نفسي أمام تحد مزدوج: الأول مرتبط بتشعب ملفات الوزارة، وبأهمية دورها، والثاني يتمثل في إثبات قدرة المرأة اللبنانية على تولي المناصب الوزارية في كل القطاعات، وحتى الامنية، من دون اي تمييز أو نظرة دونية. لقد بذلت الجهود لمواجهة التحديات الملقاة على عاتقي وذلك في أصعب المراحل وأدقها التي يمر بها لبنان في تاريخه الحديث. وقد انطلقت قراراتي من أن موقعي كوزيرة للداخلية، كان يفرض علي أن أحافظ على الامن في كل لبنان ولكل اللبنانيين وأن أطبق القانون والاهم، كان همي أن أضمن ان هذه الانتفاضة الشعبية المحقة لا تستغل من مجموعات لا تبغي الخير للبنان. وبالفعل، أعتقد أن تعامل الوزارة المتوازن مع التحركات الشعبية، جنب البلاد إراقة دماء. والزمن كفيل بأن يثبت ذلك. فالقوى الامنية قامت بواجباتها كاملة من أجل المحافظة على أمن المتظاهرين وحماية المؤسسات والمرافق العامة وسط ظروف شديدة التعقيد ورغم الاضرار البشرية الكبيرة التي تكبدتها”.
وختمت: “أشكر دولة الرئيس على ثقته بي من خلال إسناده إلي هذا المنصب الحساس جدا. ولا بد من ان أشيد بتزايد أعداد الوزيرات المشاركات في الحكومة الحالية وأتمنى لهن النجاح. كما أتمنى على الحكومة أن تنصت الى صوت الشارع وتتبنى المطالب المحقة لهؤلاء المتظاهرين التواقين للعيش الكريم”.
أما فهمي فقال: “أود بداية ان اتوجه بالشكر لدولة رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب والى كل من وضع ثقته بي من اجل تكليفي بهذه المسؤولية، لا شك ان تسلم منصب وزير الداخلية في هذه الاوضاع التي يعاني منها لبنان هو أمر صعب يوازي بصعوبته تحدي النجاح فيه، ليس من اجل اسمي وشخصي بل من اجل كل لبناني الى اي طائفة وجهة انتمى. ولا بد من التوقف عند العمل الدؤوب والجهود التي بذلتها معالي الوزيرة الحسن والذي سيشكل نقطة انطلاق اساسية بالنسبة لي”.
أضاف: “أقف اليوم كوزير للداخلية والبلديات امام تحديين لتخطي الازمة التي نعيشها: الاول هو العمل على تحقيق الاهداف التي وضعتها نصب عيني لاضافة مدماك على الانجازات التي تحققت سابقا وتعزيز تكاملها مع المواطن، والثاني هو تحقيق ما امكن من مطالب المواطنين المحقة من خلال القوانين المعمول بها. يمكنني ان اعد بالكثير وفق الاهداف التي احملها ولكن بحكم السنوات العديدة التي قضيتها في مؤسسة الجيش وتعاطي مع المواطنين في كافة المناطق اللبنانية، فإنني متأكد بأن الوعود التي تبقى دون تنفيذ تنعكس سلبا على صاحبها وعلى من يستمع اليها. لذلك سأبتعد عن كلمة وعود وسأستعيض عنها بكلمة تمنيات لانني مصمم على القيام بكل ما يمكن ويسمح لي به القانون والامكانات لاحداث صدمة ايجابية تنعكس على لبنان وعلى مواطنيه”.
وتابع: “لقد وضعت خطة عمل تسمح لي بإذن الله، تحويل اغلب هذه التمنيات الى واقع بالتعاون الشفاف والصادق مع الضباط الزملاء ومع كافة الموظفين من دون استثناء من خلال العمل المؤسساتي ومع التأكيد على عدم تخطي سلم القيادة، لا سيما لجهة توضيح المهمة الحقيقية للقوى الامنية والتي حاول البعض تشويهها، إذ في نهاية المطاف القوى الامنية هي شريحة من الشعب الامني، يتوجعون من وجعه ويعانون من معاناته. وانا أجزم بالمقابل، بأن اي لبناني لا ولن يقبل بأن تقف القوى الامنية مكتوفة الايدي عند التعدي عليها وعلى القوانين، وعند استباحة الاملاك العامة والخاصة، وتهديد حياة المواطنين، عندها تسود الفوضى التي لا ضوابط لها كما حصل بالامس بالتعدي على الاملاك الخاصة مثلا، وتصبح حياة كل منا مهددة نحن وعائلاتنا، وقد عشنا هذا الوضع الاليم لسنوات طويلة وعانينا من نتائجه المشؤومة التي هددت بزوال لبنان وهويته”.
وأردف: “من هنا أضمن لكم ان قوى الامن لن تعتدي على احد وستبذل كل جهد ممكن من اجل حماية حق التعبير وحقوق الانسان بالتوازي مع حماية المواطنين والقوانين المعمول بها بهذا الشأن، وسأعمل على احالة اي مخالفة في حال حصولها الى المعنيين لمعاقبة صاحبها، اكرر المخالفة في حال حصولها. وفي المقابل لن اسمح بالاعتداء على القوى الامنية التي تقوم بواجبها، والتي قدمت التضحيات وحققت الانجازات وتميزت بتألقها على مستوى الامن الاستباقي”.
وقال: “أوجه كمواطن وحاليا كمسؤول، تحية من القلب الى شعبة المعلومات التي عملت ولا تزال بتوجيهات اللواء عماد عثمان، والى المديرية العام للامن العام التي عملت ولا تزال بتوجيهات اللواء عباس ابراهيم، وسأعمل على متابعة مستوى التنسيق بينهما من اجل الافضل. صحيح ان اول ما يجول في اذهان الناس ان التكلم عن حقيبة الداخلية والبلديات هي قوى امن وامن عام وما شابه، الا ان لهذه الحقيبة اهتمامات عدة لا تقل شأنا حيث اثبتت الاحداث ان الامن الاجتماعي والامن الاقتصادي والسياسي والاعلامي والغذائي جزء لا يتجزأ من المنظومة الامنية ككل. وعليه، سأضاعف الجهود من اجل انصاف عناصر الدفاع المدني ومن اجل تحقيق مطالبهم المحقة، لأنهم من دون ادنى شك قد اثبتوا دائما جهوزيتهم العالية وقدموا التضحيات في سبيل القيام بمهامهم من اجل انقاذ المواطنين واملاكهم، وسأحاول تعزيز جهوزيتهم اللوجستية ضمن المستطاع”.
أضاف: “بالنسبة الى ملف السجون، انه ملف شائك سأعمل بكل ما أوتيت من قوة للعمل على هذا الملف الصعب ومتابعة ما تم تنفيذه في هذا المجال من اجل تأمين حقوق السجناء وسلامتهم، محاولا اعادة دمجهم بالمجتمع لمتابعة حياتهم الطبيعية. وسأتشدد وفق ما تسمح به القوانين في متابعة مخالفات قوانين السير والتي بينت الاحصاءات التي تشكل اعلى نسبة من الوفيات والاصابات. كما سأطلب من المعنيين متابعة العمل على تكثيف التوعية في هذا المجال وتطبيق القوانين على المخالفين من دون استثناء، حتى ابني اذا خالف سيطبق عليه القانون. كما سأسعى جاهدا من اجل تسهيل معاملات المواطنين التي هي من ضمن صلاحيات وزارة الداخلية والبلديات ان من حيث المطالبة باعتماد المكننة او من حيث التشدد في تفعيل عمل بعض الموظفين الذين يتلكأون بواجبهم ويتسببون عن قصد او عن عدمه في تحميل المواطنين اعباء مادية اضافية ام اضاعة لوقتهم عبثا. نحن هنا في خدمة المواطن، فهذا حق المواطنين علينا ولن يكون هناك حواجز لتلبية مطالبهم المحقة طبعا ومن دون اي تمييز”.
وتابع: “ليس خفيا على احد ان هذه الحكومة التي لي شرف الانتماء اليها، أتت نتيجة لتلبية المطالب الشعبية وألم الناس، وبالتالي فإن التواصل مع المجتمع المدني هو احد اولوياتي، وسأتواصل مع هذا المجتمع في كل مناسبة للاستماع الى ما لديه ومعالجة ما يمكن معالجته من اجل المصلحة العامة ومن خلال القوانين المعمول بها. هناك نية صادقة من هذه الحكومة من اجل العمل على انقاذ هذا البلد من هذه المحنة العصيبة والاليمة، وإعادة الامل الى اهلنا واولادنا من اجل مستقبل افضل للبنان، فلنصنع سويا خط الدفاع الاول وخط الهجوم الاساسي من اجل حمايته من كل ما يستهدف قيمه ومبادئه”.
وقال: “قبل ان اتوجه الى تمنياتي ودعوتي لوسائل الاعلام، اعتذر عما حصل بالامس مع فريق محطة “ام تي في” وشخصيا من الاعلامي نخلة عضيمي، وسيتابع الملف من قبل قوى الامن، وان شاء الله يصل الى حقه بواسطة القانون. يجب ان نعمل معا من اجل لبنان، انتم عمود اساسي لبناء هذا المجتمع ويجب ان نشبك ايادينا مع بعضنا لانقاذ لبنان واهلنا واولادنا. وستكون ابوابي مفتوحة لكم دائما لكوني مقتنعا بأنكم صلة وصل اساسية لبناء مجتمع افضل”.
أضاف: “لطالما عملت في حياتي وفق مبدأ الابتعاد عن السياسة والبقاء على مسافة واحدة من كافة المواطنين الاوفياء لبلدهم، أعاهدكم اليوم امام الله وامامكم، بأنني سأبقى على مسافة واحدة من الجميع من اجل تطبيق القوانين”.
وختم: “سأنهي كلمتي بهذا القول: أتيتكم في جلبابي هذا وثوبي هذا فإن خرجت بغيرها فأنا خائن، وفقني الله واياكم”.
ثم عقد فهمي اجتماعا أمنيا حضره عثمان وابراهيم، تمحور حول الاوضاع الامنية في ضوء التحركات الشعبية اليومية وما يرافقها من اعمال شغب تطال الاملاك العامة والخاصة.
ثم التقى المدير العام للدفاع المدني العميد ريمون خطار، وبحث معه في المهمات التي ينفذها عناصر الدفاع المدني في لبنان.