مجموعات في الإنتفاضة: لا ثقة ولا فرصة لحكومة التكنومحاصصة
حسمت المجموعات الناشطة ضمن انتفاضة 17 تشرين أمرها، معلنة «لا ثقتها» بالحكومة الحديثة الولادة. لن ينتظر هؤلاء أسابيع العمل الأولى للوزراء وخططهم لمحاسبتها، «فالمكتوب يقرأ من عنوانه». الهدف الأول اليوم هو منع النواب من الوصول الى جلسة إعطاء الثقة لحكومة «تشكل امتداداً للمنظومة السياسية نفسها لكن بوجوه مجمّلة»
يوم أمس، توافق عدد من القوى والمجموعات المنخرطة في الانتفاضة الشعبية على ورقة إجراءات نقدية عاجلة تكون بمثابة خطة إنقاذ مالية يجب أن تتبعها سياسات اقتصادية طويلة. وأهم ما تضمنته: – وضع السلطات السياسية والنقدية ضوابط عادلة تمنع تهريب رؤوس الأموال إلى الخارج. – إعادة هيكلة شاملة للدين العام الخارجي والداخلي. – إعادة رسملة المصارف ضمن إعادة هيكلة شاملة للقطاع ووقف توزيع الأرباح مرحليّاً بما يحمي الائتمان. – فرض ضريبة تصاعدية استثنائية ولمرة واحدة على أصل الودائع. – استعادة مليارات الهندسات الماليّة. – تخفيض الفوائد على القروض بالتوازي مع تخفيضها على الودائع.
«جلسة الثقة ستكون أُمّ المعارك بين المعارضة والسلطة؛ عارفين بدنا ناكل قتل كتير»
ويفترض أن تضغط المجموعات على السلطة السياسية لتبنّي ورقتها. في غضون ذلك، ثمة من يرى أن المعركة طويلة وينبغي عدم المراهنة على الأوهام لإحباط الشعب، بل استغلال الفرص للضغط نحو تحقيق نتائج تنعكس إيجاباً على الوضع الحالي. من هذا المنطلق، يشير عضو حركة الشعب عمر واكيم إلى أنه لا يتوقع تغييراً سريعاً في لبنان. فالوضع المترسّخ منذ عقود يستحيل أن يتبدل في ليلة وضحاها. ولا شك في أن طريقة تأليف الحكومة غير مرضية، الا أنها بالنسبة إلى كثيرين بمثابة «هدنة» أو حكومة انتقالية من خارج الطبقة، فيما المطالب الرئيسية: «قانون انتخاب لا طائفي، استعادة الأموال المنهوبة ووضع حجز احتياطي على كل من تداولوا السلطة». هل ستمنحون الحكومة فرصة للعمل؟ «الأجدى القول إننا سنكمل تحركاتنا نحو الإدارات العامة والخاصة والقضاء، وسنضغط على الحكومة من أجل تحقيق مطالبنا. لا يمكن أن نرفضها تماماً، لأن ذلك بمثابة مقاتلة خيالنا. فالشعب فرض للمرة الأولى نفسه كمراقب للسلطة، وما يهمنا ألا يكون الوزراء متورطين في أي ملفات فساد أولاً، وبرنامج عملهم ثانياً».
من جهته، يرى الناشط في مجموعة «شباب المصرف» ميمون شدّاد أن «الحكومة تكسب ثقة الشعب من خلال القرارات التي يفترض أن تأخذها بأسرع وقت. بالنسبة الينا، استعادة الأموال المنهوبة، ووضع آلية لتخفيف العبء عن الناس، أكان في ما خص المصارف أو الازمة المالية النقدية، هما الأساس. كمجموعة، نحن غير مؤمنين بأن النظام بإمكانه إنتاج حكومة قادرة على نيل ثقة الشعب، وأيضاً لا ثقة بمجلس النواب الذي سيمنح هذه الحكومة الثقة». سيكمل شباب المصرف تحركاتهم ما دام ما يطالبون به لم يتحقق، لا في ظل الحكومة السابقة ولا بعد استقالتها.
«مشكلتنا ليست مع مكوّنات الحكومة بل مع السياسات الاقتصادية التي تغذّي الأوليغارشية»
«لا ثقة» المجموعات السابقة، تضاف اليها أصوات كل من الحزب الشيوعي اللبناني ومجموعتيّ «بيروت مدينتي» و«لِحقّي». فور تأليف الحكومة، صدر بيان عن المكتب السياسي للحزب الشيوعي أعلن فيه «لا ثقته بحكومة المحاصصة الطائفية والسلطوية» مشيراً الى أن «مفتاح الخروج من الأزمة الحالية لن يكون الا من خارج تلك السلطة ومنظومتها الحاكمة». لذلك «لا بد من الاستمرار في الانتفاضة الشعبية وتجذيرها في معركة طويلة ضمن برنامج يحمل رؤية سياسية واحدة للانتقال الى الدولة العلمانية الديمقراطية». على المنوال نفسه، يقول الناشط في «بيروت مدينتي» طارق عمار، «إن الساحات التي تنتفض اليوم تعلن حجبها الثقة عن هذه الحكومة التي لا تمثل الحراك. كان ينبغي على دياب أن يورد في خطابه برنامجاً أو خطة تطمئن اللبنانيين ليرتاح الشارع بتأليف الحكومة، لكن حصل العكس». ويضيف عمار أن «الحراك مستمر ومرتبط مباشرة بحركة الناس. حتى لو تألفت حكومة مستقلة، فنحن باقون لنكون الرقيب عليها». أما أدهم الحسنية من مجموعة «لحقي»، فمشكلته ليست مع مكونات الحكومة، بل ترتبط بالمنظومة السياسية وسياستها الاقتصادية الساعية للسيطرة على كل مكوّنات البلد لتغذية «الأوليغارشية». وهذه الحكومة «استمرار لنهج السلطة، وأتت بمستشارين الى وزارات حساسة، من دون تغيير جذري في السياسات، أو تصور مستقبلي لتوزيع الخسائر مع عدم تحميل الأقل فقراً نتائج الفشل في السياسة المالية».
الأخبار _ رلى ابراهيم