الأخبار: «صفر مصارف» في البقاع الشمالي
كتب علي قطايا في الأخبار:
الخميس الماضي، أغلق مصرف sgbl فرعه في بلدة اللبوة (قضاء بعلبك) ليُسدل الستار على آخر فرع مصرفي في منطقة البقاع الشمالي، ويبدأ فصل جديد من فصول القهر التي تمارسها المصارف على المودعين. سبعة مصارف أساسية (بنك الاعتماد، سوسيتيه جنرال، جمال ترست بنك، بيبلوس، فيرست ناشيونال بنك، فرنسا بنك، بنك بيروت والبلاد العربية)، بعضها كان يملك أكثر من فرع، كانت تنشط في المنطقة قبل 2019، أغلقت جميعاً بالتدريج، وفي سياق بدا وكأنه يهدف إلى خنق هذه المنطقة لأسباب سياسية، بدأ مع إغلاق «جمال تراست بنك» قبل الأزمة بعد فرض عقوبات أميركية عليه، وتوالى بعده إغلاق الفروع بشكل مباغت، وبذرائع كاذبة. ففرع blc في مدينة الهرمل، مثلاً، أُغلق في حزيران 2021، بحجة الخشية من تعرّضه لاعتداء بعد وقفة احتجاجية سلمية نظمها سبعة أشخاص من أهالي الطلّاب اللبنانيين في الخارج للمطالبة بتطبيق قانون الدولار الطالبي. وفي نيسان الماضي، أغلق «فرنسبنك» فرعه الإقليمي في مدينة بعلبك بحجة خلاف على الإيجار مع أصحاب المبنى. ولم تفلح الوساطات والمناشدات والضغوط التي مارستها فعاليات المنطقة في إقناع أيّ من المصارف بالإبقاء ولو على صرّافات آلية لتيسير شؤون المودعين، وخصوصاً الموظفين.
مصادر مصرفية قالت لـ«الأخبار» إن أسباب الإقفال مالية. إذ جفّفت الأزمة المالية أيّ إيداعات أو معاملات تعود على المصارف بالربح، فيما الإبقاء على الصرافات الآلية في الفروع المقفلة يرتّب أعباءً ماليةً ومصاريف تشغيلية على المصارف، مشيرة إلى أنّ الإقفال طال كلّ منطقة البقاع وصولاً إلى شتورة، ولم يتبقَّ من تجمّع للمصارف سوى في مدينة زحلة. غير أنّ جشع المصارف وسعيها وراء الربح أولاً من دون أيّ اعتبارات أخرى، لا يقلّلان من شبهة الاستهداف السياسي. إذ تسأل مصادر متابعة: «إذا كانت الأسباب مالية بحتة، لماذا لا يكون تجمع المصارف المتبقي في مدينة بعلبك، مثلاً، لوجودها في منطقة وسطية بين زحلة والهرمل؟»، مشيرة إلى أنّ «عصابة المصارف أثبتت منذ بدء الانهيار أنها أداة ضغط لمفاقمة الوضع الكارثي».
لا أرقام دقيقة حول أعداد العملاء في المنطقة، فيما تؤكّد مصادر مطّلعة أنّ فرع بنك BLC في الهرمل وحدها كان يضم أكثر من خمسة آلاف عميل. ومع «صفر مصارف» في كل منطقة البقاع الشمالي، بات على عشرات آلاف الموظفين والمتقاعدين والمتعاقدين وغيرهم مجبرين، شهرياً، قطع مسافات تصل إلى أكثر من 100 كيلومتر للوصول إلى ماكينات الصراف الآلي في مدينة زحلة للحصول على رواتبهم الموطّنة أو لإنجاز معاملاتهم المالية والمصرفية، متكبّدين أعباء مالية تصل أحياناً إلى نحو 10% من الراتب، خصوصاً لأبناء قرى وبلدات قضاء الهرمل والقاع وعرسال ورأس بعلبك وبقية القرى على الحدود السورية. ناهيك عن عناء الرحلة التي تستغرق يوماً كاملاً للوصول إلى زحلة والعودة منها والانتظار في طوابير أمام الصرافات الآلية… إذا لم تكن خارج الخدمة. علماً أن الموظفين يشكّلون جزءاً من شريحة واسعة من عملاء المصرف. إذ إنّ هناك معاملات أخرى تحت عناوين مختلفة (حوافز – مساعدات اجتماعية – تحويلات من وإلى الخارج) لا يمكن إجراؤها إلّا من داخل الفرع حصراً، ناهيك عن التداعيات على عمل التجار والصناعيين الذين يعتمدون على التحويلات المصرفية وفتح الاعتمادات وغيرها.