الأخبار: فتح 90 مدرسة لاستقبال النازحين: التحدّي في التجهيز
كتبت ندة أيوب في الأخبار:
عند مدخل صيدا الجنوبي، أمام الصفوف المتراصّة للسيارات التي علق ركابها ساعات طوالاً في ازدحام خانق، حمل أحد أبناء المدينة لافتةً صفراء خطّ عليها: «من صيدا رح ترجعوا مرفوعي الرأس».مع بدء موجة الغارات الأولى التي كان واضحاً أن العدو تفلّت فيها من أي قواعد، مستهدفاً الأماكن السكنية وساحات الضيع ومدمّراً البيوت على رؤوس أهلها، ما أدّى إلى نزوح عشرات الآلاف بسياراتهم وبأي وسيلة نقل متوفّرة. وأدّى استهداف العدو لبعض الطرقات إلى إقفال طرق كثيرة ليصبّ كل الفارين من جحيم القصف على أوتوستراد الغازية – الزهراني فيما تقصّد العدو زيادة في الإرهاب وترويع العائلات العالقة إلى قصف جانبي الأوتوستراد في أكثر من موقع.
رحلة نزوح البعض من النبطية إلى بيروت استغرقت ثماني ساعات، ومن فرّوا من قرى صور وبنت جبيل ومرجعيون صباحاً لم يكونوا قد وصلوا إلى بيروت حتى منتصف ليل أمس، بسبب الازدحام الخانق، خصوصاً أوتوستراد الغازية – الزهراني، حتى ساعات الليل، حيث فرغت خزانات بعض السيارات من الوقود، وتعطّل بعضها، وفاجأ الطلق سيدة حاملاً في إحدى السيارات. فأطلقوا نداءات استغاثة جرى تعميمها على مواقع التواصل الاجتماعي التي لعب ناشطون فيها دوراً في ربط عائلات عالقة في الجنوب لا تملك وسائل نقل بأصحاب سيارات أجرة تبرّعوا بنقل الأهالي مجاناً.
وشهد طريق بعبدا – عاليه ومتفرعاته المؤدية إلى مناطق الجبل زحمة سيرٍ خانقة، مع توجه عدد كبير من العائلات النازحة من الجنوب والنبطية والبقاع إلى بلدات الجبل. وحتى ساعات الليل كانت ساحات عاليه وبحمدون وصوفر وبيصور تغصّ بالسيارات.
وحتى ساعات متأخرة من ليل أمس، لم يكن هناك إحصاء دقيق لأعداد النازحين، بحسب رئيس لجنة الطوارئ الحكومية الوزير ناصر ياسين، مشيراً إلى أن اللجنة «اتخذت قراراً بفتح 90 مدرسة رسمية، وُزعت عليها حوالي 10 آلاف فرشةٍ ومثلها من البطانيات والوسادات. وأضاف: «يتطلّب الأمر بعض الوقت لجمع ما تم تسجيله من أسماء وأعداد من مختلف لجان إدارة الأزمة في المحافظات»، مشيراً إلى أن «الأولوية أعطيت لتسجيل العائلات وتأمين إقامتها». لكن ما هو واضح في جولة أولية، أنّ مدارس صيدا وبيروت استقبلت العدد الأكبر من النازحين، ومن المتوقّع أن تبلغ قدرتها الاستيعابية القصوى (بين 300 و400 نازح للمدرسة الواحدة) مع ساعات هذا الصباح، وسط توجّه إلى تجهيز المدارس تباعاً بحسب الحاجة.
ومع تطوّر الأحداث عسكرياً، تقرّر في الاجتماع الموسّع الذي عُقد أمس في السراي على مستوى ممثلين عن الوزارات المعنية بخطة الطوارئ، وعدد من الضباط والهيئات الحكومية ومنظمات الإغاثة الدولية التابعة للأمم المتحدة، تفعيل غرف عمليات الطوارئ في المحافظات التي نزح منها الأهالي وتلك التي سيلجأون إليها، وهي جميعها مشبوكة مع غرفة مركزية في السراي، بهدف تنسيق العمل الذي سيكون فيه الصليب الأحمر شريكاً أساسياً وفق الخطة الموضوعة. فيما ستتولى مخابرات الجيش الشقّ الأمني لجهة ضبط الأوضاع في مناطق النزوح، إضافة إلى نشر عناصر من قوى الأمن الداخلي في محيط المدارس التي ستُفتح للإيواء. ومن المفترض أن برنامج الأغذية العالمي وضع آليةً لتوصيل المساعدات الغذائية والوجبات الساخنة بدءاً من اليوم.
ولفت ياسين إلى أنّ «النقص كبير على مستوى مستلزمات الإغاثة ونعمل على تأمينه، لكن في غضون ثلاث ساعات تمّ فتح المدارس واستقبال آلاف النازحين، وبدأت اللجان تحديد حاجات كل مدرسة، ووُضع خطان ساخنان لكل مركز طوارئ في كل محافظة لمساعدة النازحين على الوصول إلى مراكز الإيواء».
كذلك غصت طرقات الشمال عند ساعات المساء بسيارات النازحين القادمين من الجنوب، لا سيما طرابلس حيث توافد عشرات الشبان لمساعدة القادمين عند مدخل المدينة وسط دعوات إلى «استقبالهم وتقديم كل ما يلزم لهم، حتى تقاسم الخبز» كما دعا رئيس بلدية المدينة رياض يمق.
وتوزع النازحون بين طرابلس والكورة وعكار وزغرتا والمنية، حيث فتحت لهم منازل ومدارس، كما فتحت بلدية دير عمار – المنية مبنى البلدية الذي استقبل عشرات النازحين.