لبنان

الأخبار: “إسرائيل” تتجاوز عقيدة بن غوريون إلى عقيدة نتنياهو: حروب طويلة ولو كانت بلا أفق!

كتبت بيروت حمود في الأخبار: 

تشير المرحلة الجديدة من الحرب الإسرائيلية ضد لبنان إلى أن «عقيدة أمنية جديدة بدأت تُرسى عقب النتائج بعد السابع من أكتوبر»، وفقاً لما قاله محرر مجلة «ذا ماركير» الاقتصادية التابعة لـ«هآرتس» سامي بيرتس.فمنذ إقامة إسرائيل، تبنّت الأخيرة العقيدة الأمنية التي صاغها رئيس وزرائها الأول، ديفيد بن غوريون، ومفادها بأن «على حروب إسرائيل أن تكون قصيرة المدة». وقد نشر رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي سابقاً، وعضو الكنيست الحالي، غادي آيزنكوت، والبروفسور غابي سيبوني في عام 2019 وثيقة أجرت مسحاً لهذه العقيدة، وكما كتبا فيها فإن «تقصير زمن الحرب ما أمكن هو أمر مطلوب لتقليص الضرر المحتمل على الجمهور والبنية التحتية للدولة كنتيجة للحرب، وللتقليل قدر الإمكان من تعطيل الاقتصاد». وهذه الأسس عملياً رافقت المؤسسة الإسرائيلية، ولكن طبقاً لبيرتس «الآن نجد أنفسنا في حرب تقرب من السنة من دون أن نرى نهايتها، ومع خشية من أن التصعيد في الحدود الشمالية قد يتواصل وقتاً طويلاً، ويمكن أن يتفاقم».
وبحسب تحليله، فإن حكومة بنيامين نتنياهو تعمل الآن «خلافاً للعقيدة التي صاغها بن غوريون، وتتبنّى الآن عقيدة مبنية على الوثيقة التي صاغها الجنرال في الاحتياط يعكوف عميدور، والذي كان أيضاً رئيساً سابقاً لهيئة الأمن القومي، وهو واحد من أكثر الجنرالات المقربين لنتنياهو». في الوثيقة التي نشرها عميدور قبل أربع سنوات، استعرض عقيدة ومفهوماً أمنياً مغايراً، «من شأنها أن توضح ما الذي قد نقبل عليه في إسرائيل».
في وثيقة عميدور، كتب الأخير أنه «في الماضي، كان مقبولاً التفكير أن على إسرائيل أن تعمل على تقصير أجَلِ الحروب. من أجل منع الإضرار بالاقتصاد، ولكي تسرّح الاحتياط. ثمة مكان لإعادة التفكير بذلك من جديد. فاليوم، إسرائيل هي الطرف القوي في المواجهات مقابل المنظمات، ولديها عمق لوجستي، وقدرات للمواصلة وحتى تعزيز الزخم العسكري لمدى طويل، وهي ميزات لا تتمتع فيها المنظمات (غير الدولتية). قد يكون ثمن إطالة أمد الحرب هو تواصل القصف على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، ولكن بالحسابات العامة، من المحتمل أنه بالذات في ظل ظروف الحرب الطويلة، والتي بإمكانها تدمير قدرات العدو واستنزافه، أن تكون هي الطريقة الفُضلى لإسرائيل».
مع ذلك، أشار عميدور في وثيقته إلى أنه لا يوصي بتبادل الاستنزاف، وإنما «باستغلال إسرائيل لميزتها وأفضليتها من أجل التسبب في التدمير الجوهري لوسائل العدو واستنزافه، ولو بثمن إطالة الحرب واستهداف الجبهة الداخلية». وهذه الأخيرة وفقاً لبيرتس «تعاني الآن، وخصوصاً في الساحة الشمالية، والتي توسعت هذا الأسبوع لتشمل خط حيفا وعيمق يزراعيل، وطبريا». في الوثيقة نفسها، عرّف عميدور تل أبيب بصفتها «خطاً أحمر»، لافتاً إلى أن «مركز الثقل الاستراتيجي لإسرائيل مُركّز في منطقة جغرافية ضيّقة، هي محيط تل أبيب، وهو قريب جداً من حدود الدولة. وهذه المساحة مشتركة للجيش وللمؤسسات المدنية، ولذلك فإن إبعاد العدو عنها وحمايتها ضرورية وحاسمة لاستمرار وجود إسرائيل، ولقدراتها من أجل مواصلة العمل والإدارة خلال الحرب وفي كل سيناريو محتمل».
حتى الآن هذا «بالضبط ما نعيشه»، طبقاً لبيرتس الذي لفت إلى أن «من المحتمل أن المرحلة المقبلة حددها كذلك عميدور»، فعندما يتطرّق إلى مسألة الحلول السياسية، نجد أنها «حلول غير منتظرة»، فكما تتابع وثيقته «بناءً على المفهوم القديم القائل إن على الجيش خلق الظروف في ميدان القتال والتي تسمح للمستوى السياسي بتحقيق وضع سياسي جديد وجيد أكثر على طاولة المفاوضات السياسية، لم يعد سارياً في قسم كبير من الحالات»، وإنما «النتيجة العسكرية هي الوضع الذي فيه الدولة والمستوى السياسي يستطيعون، ولذلك يريدون، تحقيقه. ولا يوجد استكمال سياسي منفصل آخر، لأنه لا يوجد أي إطار سياسي دولي بإمكانه إملاء أي خطوة مكملة كهذه. ولذلك يصبح الحوار مع المستوى السياسي أكثر أهمية، كي يدرك قادة الجيش ماذا يريد السياسيون تحقيقه في النهاية». بمعنى آخر، وفقاً لعقيدة عميدور فإنه لا يوجد أفق سياسي للحرب.

إلى ذلك، خلص بيرتس إلى أنه «إذا كان هذا هو المفهوم الأمني الذي يتبنّاه نتنياهو، فالمعنى واضح: حرب طويلة تتعرض خلالها الجبهة الداخلية لضربات، ومن دون أي تسوية سياسية في الأفق، والنتيجة هي انخفاض شديد في مستوى الحياة وجودتها»، معتبراً أن الحد الأدنى المطلوب من نتنياهو «هو الخروج أمام الجمهور لمصارحته بذلك».
على المقلب الآخر، كتب الجنرال غيورا ايلاند صاحب خطّة تهجير غزّة، في «يديعوت أحرونوت» أنه «لو كانت المواجهة تدور في ميدان قتال في صحراء بعيدة، لا شك في أننا نقدر على وصف المعركة بأنها انتصار كبير لنا، لكن الوضع معقد للغاية؛ ومع تطور التصعيد، تزداد الأضرار التي تلحق بالجبهة الداخلية الإسرائيلية»، ولذلك يطرح السؤال: «أيّ المسارين هو الأفضل لإسرائيل: الاستمرار في القتال حتى القضاء على مزيد من قدرات حزب الله التي بناها طوال 18 عاماً؟ أم استغلال الزخم العسكري والبلبلة لدى الجانب الثاني من أجل إيجاد وضع سياسي وأمني جديد؟».
وبحسبه ثمة اختلاف كبير بين غزة ولبنان، إذ إن كل الأطراف في الساحة الدولية بينها فرنسا، والولايات المتحدة، والسعودية من جهة، وروسيا وإيران من جهة ثانية، «لا تريد أمرين: انهيار الدولة اللبنانية، وتحول المواجهات في لبنان إلى حرب إقليمية»، مشيراً إلى أن القاسم المشترك بين هذه القوة «يمنح إسرائيل ميزة كبيرة»، معتبراً أنه ليس على نتنياهو التشاجر مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وزعماء آخرين، «فجميعهم يدعون إلى وقف الحرب»، وعملياً يدعون الى «قطع الارتباط بين غزة والساحة الشمالية». ولذلك فإن «بإمكان إسرائيل أن تقول ببساطة إنها ستنهي الحرب في الشمال إذا وجدت الظروف الملائمة، وتم الاتفاق على ترتيب جديد على الحدود بينها وبين لبنان». ويخلص ايلاند الى القول إنه «لو كانت المسألة تتعلق بإسرائيل، ورغم الإغراء الكامن في الاستمرار بضرب حزب الله، فإن من الأفضل لنا الموافقة على إنهاء الحرب على هذه الجبهة اليوم إذا تمكنت الدول الكبرى من إبعاد حزب الله عن الحدود».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى