لبنان

الجنرال الأميركي وصل إلى بيروت: سأعالج الخروقات الإسرائيلية.. قائد الجيش: العدوّ يمنعنا من نشر قواتنا جنوباً

كتبت الأخبار: 

بينما كانَ رئيس لجنة الإشراف الخماسية، الجنرال جاسبير جيفرز مجتمعاً مع قائد الجيش العماد جوزف عون في مكتبه في اليرزة، للبحث في آلية التنسيق بينَ الجهات المعنية بمراقبة تنفيذ قرار وقف إطلاق النار، كانَ العدو الإسرائيلي يُمعِن في تصوير نفسه بأنه فوقَ الجميع، وأن له اليد الطولى وصاحب القرار الوحيد في خرق القرار أو تنفيذه.
صحيح أن الخروقات كانت كبيرة، لكنّ العدو، وبعض الداخل اللبناني، حاولا تسويقها بطريقة أكبر بكثير من الواقع على الأرض، حيث يسعى العدو للقول بأنه متحكّم بكل الحركة كما يشاء، لكنّه تقصّد إيصال رسالة بأنه لن يترك مرحلة الستين يوماً الانتقالية في عهدة اللجنة بل سيحاول قدر الإمكان فرض ما يشبه «المنطقة العازلة» بالنار لمنع أي عودةٍ للسكان إليها. ويوماً بعدَ يوم، يُعبّر العدو عن توتره والضغط الذي يعيشه جيشه كما حكومته جراء السخط الداخلي على الاتفاق، ولا سيما من قبل مستوطني الشمال، ما رفع من نسبة الشكوك في احتمال لجوء العدو إلى «المغامرة» بالاتفاق الذي طلبه هو، كما قال المبعوث الأميركي عاموس هوكشتين.
وكشفت مصادر مطّلعة لـ«الأخبار» بعض تفاصيل اجتماع اليرزة. وقالت إن «عون ناقش مع جيفرز آليات العمل في الجنوب كفريق واحد في لجنة الإشراف»، ونقلت عن قائد الجيش قوله للجنرال الأميركي إن «الاتفاق على وقف إطلاق النار كانَ ينصّ على انسحاب الجيش الإسرائيلي، لكنّ العدو بادر إلى خرقه وبدأ باستهداف الناس، وهذا الأمر إن استمر لن يسمح للجيش بتنفيذ مهمته وانتشاره». وأكّد عون على «المهام الموكلة للجيش والمنصوص عليها في الاتفاق في ما خصّ أي حركة أو المسح الخاص بالمنشآت والمراكز، بينما يتعمّد جيش الاحتلال القيام بها وبالتالي هذا أمر غير مقبول، فهناك مدنيون لا يزالون تحت الأنقاض وعمل كثير يجب أن يبدأ به الجيش والعدو يعيق هذا العمل».
وحسب المصادر فإن جيفرز وعد قائد الجيش بالتواصل مع الإسرائيليين لمعالجة المشكلة، وقالت المصادر إن الجنرال جاء مع فريق عمل يضم حوالي 12 مساعداً سيتخذون من السفارة الأميركية في عوكر مقراً لهم». وإنهم سيحضرون إلى اليرزة فقط في حال كانت هناك حاجة إلى عقد اجتماع مع الجيش اللبناني. بينما ينتقلون إلى الناقورة، للمشاركة في اجتماعات لجنة الإشراف. لكن تبيّن أن جيفرز لن يكون موجوداً بصورة دائمة، بسبب أنه كثير الانشغال في مهام في القيادة الوسطى، ما قد يضطر إلى إرسال مندوب عنه في بعض الأحيان». وكشفت مصادر بارزة أن عون تواصل مع السفارة الفرنسية في بيروت «لاستعجال الفرنسيين بتسمية ممثّلهم في اللجنة»، وعبّر عن «قلقه من أن يستغل العدو الإسرائيلي الفترة الانتقالية لنسف الاتفاق»، مؤكداً على «ضرورة اكتمال اللجنة في أسرع وقت ممكن للمباشرة في عملها».

وفيما دار نقاش حول الاسم الذي ستختاره باريس، وتداولت معلومات حول إمكانية اختياره من داخل كتيبتها في اليونيفل، نفت مصادر مطّلعة ذلك، مؤكدة أن «الضابط المنتدب من الجيش الفرنسي، سيصل خلال يومين إلى بيروت وأن باريس التي يتولى ضابط منها موقع رئيس الأركان في قوات «اليونيفل»، تحرص على فصل عمل كتيبتها عن لجنة الإشراف للاحتفاظ بالموقعين. وتقرّر أن يكون العضو الفرنسي برتبة عميد وما دون، كون رئيس اللجنة الأميركي هو لواء ويجب أن تكون رتبة العضو أقل بحكم التراتبية».
في هذه الأثناء، تواصلَت الخروقات الإسرائيلية لليوم الثالث على التوالي بعد وقف إطلاق النار، وتوغّلت 4 دبابات وجرافتان إسرائيليتان في أحد الأحياء الغربية في بلدة الخيام، وتمركزت فيه، علماً أنّه خلال الحرب لم تستطع قوات العدو الدخول إليه. كما قامت القوات الإسرائيلية بجرف واقتلاع أشجار الزيتون قرب منطقة العبارة قبالة الجدار في بلدة كفركلا، تزامناً مع قصف مدفعي إسرائيلي استهدف أطراف بلدتي مركبا وطلوسة. وكان الجيش الإسرائيلي أطلق النار على مواطنين في بلدة الخيام، خلال تشييع أحد أبنائها، فيما سقطت قذيفة مدفعية إسرائيلية على البلدة، واستمرت قواته بعمليات التمشيط بالأسلحة الرشاشة في مارون الرأس.
كما قصفت دبابة ميركافا إسرائيلية منزلاً في خراج برج الملوك، محلة تل نحاس، نجا صاحبه بأعجوبة حيث كان موجوداً في منزله لتفقّده. وقصفت قوات الاحتلال طلوسة ومركبا وبني حيان، وعمدت قوات العدو إلى جرف منازل في البلدة. وأُفيد بأنّ بلدات حولا والعديسة والطيبة تعرّضت لقصف مدفعي، وبقيت المُسيّرات الإسرائيلية تحلّق فوق منطقة مرجعيون مترافقة مع رشقات رشاشة في الخيام وكفركلا.
وزعم جيش العدو أنه رصد «تحركاً لمنصة صاروخية متنقّلة تابعة لحزب الله في جنوب لبنان واستهدفها جوياً».
ميدانياً، يتصدى أهل الجنوب وحدهم للعدوان المستمر. وقال مصدر مطّلع لـ«الأخبار» إن انتشار الجيش اللبناني جنوباً، ينتظر صرف الاعتمادات اللازمة لتطويع 1500 عسكري. وحتى حصول ذلك، يُفترض أن تنتقل سريتان من فوج التدخل الثاني إلى جنوبي الليطاني بعد السريتين اللتين توجّهتا إلى صور ومرجعيون وكفردونين في اليوم الأول لوقف إطلاق النار مع سريتين من فوج المغاوير. أما الفوج النموذجي الذي تأسّس بدعم من قيادة اليونيفل، فيحتاج إلى عديد إضافي.
وتعليقاً على الخروقات الإسرائيلية، قال عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض إنّ «العدو ارتكب بالأمس خروقات خطيرة ويحاول فرض تفسيره الخاص لمسار الإجراءات التطبيقية للقرار 1701». تصريح فياض جاء بعد جولة قام بها على قرى النبطية ومرجعيون، وسجّل إثرها عدداً من الملاحظات، معتبراً أنّ إسرائيل «تفرض تفسيرات خاصة لتنفيذ الـ1701 خارج روحية ورقة الاتفاق وسياقات نصوصها». وقال فياض إن «الجيش مدعوماً من الشعب والمقاومة سيرسم خطاً أحمر، أمام أي استهداف لأمن القرى والبلدات والمدن الجنوبية». واعتبر أنّ الحكومة «هي المسؤولة المباشرة عن إدارة الموقف الرسمي اللبناني سياسياً وميدانياً وإجرائياً»، مشيراً إلى أنّ «لبنان غير معني على الإطلاق بأيّ تفاهمات جانبية حصلت بين الإسرائيليين والأميركيين، وهي لا تمتلك من وجهة الموقف اللبناني، أيّ قيمة قانونية أو مرجعية».
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى «الوقف الفوري» لكل الأعمال التي تنتهك وقف إطلاق النار الساري في لبنان منذ الأربعاء، وفق ما أعلن عنه، أمس الجمعة، قصر الإليزيه. وكان ماكرون وخلال مكالمتين هاتفيتين أجراهما بالأمس مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، دعا جميع الأطراف للعمل على التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل.
كما علّقت جينين هينيس بلاسخارت، المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون لبنان، على هذه الخروقات بالقول إن «تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي التي احتلها في جنوب لبنان وتعزيز انتشار الجيش اللبناني في هذه المناطق، لا يمكن أن يتم كل ذلك بين ليلة وضحاها».

من هو الجنرال الأميركي؟

جنرال تضجّ سيرته الذاتية بالكثير من المهام التخريبية في المنطقة التي قامت بها بلاده. فالرجل الذي تخرّج من معهد فيرجينيا بوليتكنيك وجامعة الولاية، حيث كُلِّف بصفته ضابط مشاة، بمهام عدة، وأُرسل مرات لدعم «عملية تحرير العراق» و«عملية الحرية الدائمة» وهو الاسم الرسمي الذي تعتمده الولايات المتحدة للإشارة إلى حرب أفغانستان. وبعد تولّيه قيادة فريق القتال الأول للواء سترايكر، وفرقة المشاة الثانية، وفرقة المشاة السابعة أُرسِل إلى أفغانستان للعمل مستشاراً لقائد «عملية الدعم الحازم»، وهي مهمة عسكرية لحلف شمال الأطلسي في أفغانستان. بعد ذلك، عاد جيفرز إلى فورت براغ بولاية كارولينا الشمالية، حيث تولى قيادة لواء ضمن قيادة العمليات الخاصة للجيش الأميركي، وأُرسِل مجدداً لدعم عملية العزم الصلب في العراق وسوريا، وهي الحملة التي قادتها الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش في هاتين الدولتين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى