بدء تنفيذ المرحلة الأولى غداً: “إسرائيل” تتجرّع سمّ الصفقة
كتبت الأخبار:
مع المصادقة على اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع حركة «حماس» في قطاع غزة، إيذاناً ببدء تنفيذه عند الرابعة من بعد ظهر الغد، انصبّ الاهتمام في إسرائيل على تداعيات الاتفاق، ولا سيما أن محاولات رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لم تفلح في تجميله وإقناع المعارضين له بالموافقة عليه. وجاء اعتراف وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، الصارخ بأن إسرائيل «لم تحقق أهداف الحرب»، ليفاقم المأزق الذي وجدت الحكومة نفسها فيه.
وبعد اجتماع دام أربع ساعات، أعطت الحكومة الأمنية المصغّرة موافقتها على الاتفاق، على رغم تصويت وزيرَي المالية، بتسيلئيل سموتريتش، والأمن القومي، إيتمار بن غفير، ضده. وقال مكتب رئيس الوزراء في بيان إنه «بعد مراجعة كلّ الجوانب السياسية والأمنية والإنسانية، وإدراك أن الاتفاق المقترح يدعم تحقيق أهداف الحرب، أوصت الحكومة الأمنية مجلس الوزراء بالموافقة على الإطار المقترح»، ثم التأمت الحكومة الموسّعة في اجتماع امتد حتى وقت متأخر من الليل لإقرار الصفقة.
وسعى نتنياهو، بدوره، إلى طمأنة المعارضين للصفقة، وخاصة سموتريتش، قائلاً إن «الرئيس الأميركي، جو بايدن، والرئيس المنتخب، دونالد ترامب، وفّرا ضمانات بأنه إذا فشلت المفاوضات حول المرحلة الثانية، ورفضت حماس المطالب الأمنية الإسرائيلية، فإنه يمكن لإسرائيل استئناف العمليات العسكرية بشكل كامل وبدعم أميركي». لكنّ المأزق، كما يبدو، أكبر من أن تتم التغطية عليه بالتطمينات؛ إذ نقلت «القناة الـ12» الإسرائيلية عن ساعر قوله: «إننا طوال أشهر لم نتمكن من إعادة مختطف واحد حياً. لذلك مسؤوليتنا ثقيلة كحكومة»، مضيفاً أنه «على رغم الضربات القوية التي تلقّتها حماس، فإننا لم نحقّق أهداف الحرب بشأنها».
بدورها، اعتبرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن «ثمن الاتفاق كبير وثقيل وبحجم الفشل في 7 أكتوبر»، إلا أنها أضافت أنه «على رغم أن هذا الاتفاق لا يحظى بتأييد واسع، فإننا عاجزون عن رفضه أو الاستغناء عنه». ورأت أن «هذا الاتفاق ليس مثالياً، بل هو سيّئ للإسرائيليين، وهو يمثّل عقاباً جماعياً على الفشل في 7 أكتوبر». ونقلت الصحيفة عن أوساط أمنية خشيتها من أن يؤدي الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين إلى تصعيد الأوضاع في الضفة الغربية.
وفي محاولة لتمرير الاتفاق بأقل ضجة ممكنة، حظر حزب «الليكود» الذي يتزعمه نتنياهو على أعضائه إجراء مقابلات، وفق ما ذكرت «القناة الـ12»، في حين قال بن غفير إنه كان مصدوماً من تفاصيل الصفقة، أول أمس، ثم أصبح يشعر بالقلق أضعافاً مضاعفة مع كشف المزيد من التفاصيل. واعتبر أن «هذه صفقة خطيرة. فهناك أسرى سيُفرج عنهم إلى القدس والضفة، ويعلم الجميع أن هؤلاء سيعودون لمحاولة تنفيذ هجمات». وتشمل المرحلة الأولى من الاتفاق، والتي تمتد 42 يوماً، الإفراج عن 33 أسيراً إسرائيلياً، مقابل ألفي فلسطيني بينهم المئات من المحكومين بمؤبدات. وبحسب موقع «واينت»، فإن الصفقة تسمح بعودة عدد من أصحاب المؤبدات إلى الضفة الغربية والقدس الشرقية، لكنها تستثني الأسرى الرموز من الدخول إلى تلك المناطق. وفي حين نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدرين مقرّبين من «حماس» أنه سيتم البدء بالإفراج عن 3 مجندات إسرائيليات، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن «حماس» ستعلن أسماء الذين سيتم الإفراج عنهم في اليوم الأول في اليوم نفسه. وفي المقابل، نشرت مصلحة السجون الإسرائيلية أسماء 95 أسيراً فلسطينياً سيتم الإفراج عنهم غداً، معظمهم من النساء، مشيرة في بيان إلى أن «المعتقلين الذين سيُطلَق سراحهم في المرحلة الأولى، سيتم جمعهم معاً في سجن عوفر في الضفة الغربية المحتلة وفي سجن شيكما في عسقلان قبل إطلاق سراحهم»، علماً أن السلطات الإسرائيلية استبقت البدء بتنفيذ الاتفاق، بالإعلان عن حظر احتفالات الفلسطينيين بالأسرى المُفرج عنهم.
وعلى المقلب الفلسطيني، من شأن عودة أسرى مهمّين إلى الضفة الغربية أن يثير قلق سلطة محمود عباس، الذي قالت «القناة الـ12» الإسرائيلية إنه «أرسل مسؤولين إلى مصر للانضمام إلى الترتيبات التي سيتم تنفيذها في معبر رفح، كما قدّم وثيقة تفصّل خطته لإنشاء إدارة مؤقتة في غزة تحت إشراف السلطة». وأضاف أن «الردود على الخطة كانت مشكّكة بسبب مبادئها الغامضة». وفي السياق نفسه، أورد بيان للرئاسة الفلسطينية أن «دولة فلسطين هي صاحبة الولاية القانونية والسياسية على القطاع، كباقي الأرض الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية والقدس (…) وأن الحكومة الفلسطينية قد أتمت الاستعدادات كافة لتولي مسؤولياتها الكاملة في قطاع غزة، وأن طواقمها الإدارية والأمنية لديها كامل الاستعداد للقيام بواجباتها للتخفيف من معاناة شعبنا وعودة النازحين (…) وإعادة الخدمات الأساسية».