مافيا المولدات في الضاحية تستغلّ غياب الدولة: تأهيل الشبكة من جيوب المشتركين
كتب فؤاد بزي في الأخبار:
يستنزف أصحاب المولدات في الضاحية الجنوبية آخر الدولارات المتبقية في جيوب أبناء المنطقة العائدين إلى مناطقهم بعد الحرب. خلال الشهر الأول بعد العودة، رفع أصحاب الاشتراكات بدلاتهم بنسبة 100% في عدد من الأحياء، وأضافوا على الفواتير شطوراً لم تكن موجودة سابقاً، مثل «بدل أضرار وصيانة وإعادة تأهيل الشبكة». وعادت «غرامات الطاقة الشمسية» للمشتركين الذين لديهم ألواح طاقة شمسية، وزادوا، من دون مبرّر، سعر الكيلوواط بنسبة تتراوح بين 22% و45%، فبلغ في منطقة المريجة مثلاً 60 سنتاً بعدما كان 40 سنتاً قبل الحرب.
بعد انقضاء الشهر الأول على وقف إطلاق النار، وبسبب الغياب الكلّي للدولة والسلطات المحليّة، فرض عدد من أصحاب المولدات في الضاحية الجنوبية على السكان كلفة الأضرار التي حلّت بشبكاتهم ومولداتهم الخاصة جرّاء القصف الصهيوني. ففوجئ قاطنو عدد من الأحياء بارتفاع كبير في فواتير الاشتراكات، اذ زادوا في بعض الأحيان 100 دولار على الفاتورة. في منطقة الرادوف مثلاً، أضاف صاحب إحدى شبكات الكهرباء خانات غير مسبوقة على الفواتير، مثل «بدل أضرار وصيانة»، ووصلت قيمة هذا البدل إلى 20 دولاراً إضافية على فاتورة كلّ مشترك. وفي منطقة الكفاءات، طلب صاحب أحد المولدات تسديد بدل مقطوع بقيمة 25 دولاراً إضافية على الفاتورة الشهرية، وحدّد مدّتها بـ 3 أشهر تحت عنوان «إعادة تأهيل الشبكة المتضررة»،
ولم يقتصر جشع أصحاب الاشتراكات عند هذا الحد. أحد أصحاب المولدات في منطقة الشياح فاجأ المشتركين بمطالبتهم بفواتير شهرَي تشرين الأول وتشرين الثاني، أي شهرَي الحرب. وعلى الرغم من عدم وجود أغلبية السكان في منازلهم خلال هذه الفترة، وتوقف أغلب المولدات في الضاحية عن العمل، لم تكن المبالغ المطلوبة بسيطة، بل وصلت قيمة عدد من الفواتير إلى 100 دولار. وعند مطالبة السكان بتفسير واضح لسبب ارتفاع الفاتورة مع عدم وجود استهلاك للكهرباء في المنزل، ووجهوا بجملة «هيك سجّل العداد» لتبرير طلباتهم. على سبيل المثال، سجلت إحدى الفواتير استهلاك 145 كيلوواط من الكهرباء خلال شهر تشرين الثاني. وبحسب أصحاب المنزل، «البيت خال منذ نهاية أيلول، ولا يوجد فيه أي جهاز يعمل سوى البراد».
وفي عدد من المناطق التي تعرّضت لقصف مكثف، مثل منطقة المريجة، ناحية أوجيرو. طالب أصحاب الاشتراكات بـ«مقطوعية» عن شهرَي الحرب، بلغت قيمتها 75 دولاراً عن كلّ شهر. وبرروا طلبهم بـ«تشغيل المولدات على الطلب»، وفقاً لصاحب مولد في المنطقة. إذ أشار الى «استجابته لعدد من القاطنين في الحي وتشغيل مولده خلال ساعات محدّدة لمساعدتهم على الوصول إلى منازلهم بواسطة المصاعد لنقل أثاثهم خلال الحرب، ما كان يعرّضه للخطر»، فضلاً عن «محافظته على صحة الطعام في برادات الناس»، وفقاً لقوله، إذ «استمرّ بتشغيله لـ 3 ساعات يومياً».
وفي شارع أبو طالب في منطقة الكفاءات، «استمرّ العداد بالعمل، إنّما الفاتورة شلف وعشوائية»، تقول إحدى المشتركات. ففي نهاية شهر تشرين الثاني، «وصلت فاتورة الكهرباء وقيمتها 250 دولاراً، على الرغم من أنّ العداد يشير الى استهلاك كهرباء بقيمة 110 دولارات عن أشهر أيلول وتشرين الأول وتشرين الثاني». وعند مراجعة صاحب المولد، «فوجئ باحتفاظنا بصور لقيمة العداد السابق، ولم يقبل تقاضي قيمة مصروف الكهرباء الحقيقية». ونهاية الشهر الماضي، «تكرّر أمر الشلف»، تضيف، وتوقعت أنّ «المقصد هو إلغاء العدادات والعودة إلى المقطوعية، وخاصة مع غياب بلدية المريجة عن السمع بسبب معالجة أضرار الحرب».
وفي السياق نفسه، عاد رسم الطاقة الشمسية للظهور على الفواتير. في منطقة صفير، أضيف مبلغ 20 دولاراً على فواتير البيوت التي تستفيد من الطاقة الشمسية. وفي برج البراجنة، وصلت «غرامة الطاقة الشمسية إلى 30 دولاراً شهرياً»، بحسب أحد المشتركين، إذ «اشترط صاحب المولد على أصحاب المحطات الشمسية المنزلية استهلاك 50 كيلوواط من الكهرباء شهرياً على الأقل، وإلا دفع الغرامة». وتذرّع صاحب المولد بـ«مصاريف المازوت وتكاليف تأهيل الشبكة بعد الحرب» لتبرير الزيادات. وبحسب كلامه، «لا جدوى من تحصيل الاشتراك الشهري الثابت فقط من هذه الشقق، فالمولد يعمل سواء استهلكوا الكهرباء أو اعتمدوا على ألواحهم وبطارياتهم». وفي منطقة أخرى، أضيف مبلغ 20 دولاراً على كلّ فاتورة بدل تشغيل المولد لـ 24 ساعة.
في مناطق متفرقة من الضاحية، ظهرت عشوائية الفواتير والأرقام بشكل أوضح. على سبيل المثال، ذكرت فاتورة كهرباء في منطقة الجاموس أنّ سعر الكيلوواط هو 40 ألف ليرة، ولكن السعر المدفوع من قبل المشتركين كان 60 سنتاً، أي بزيادة 14 ألف ليرة عن الرقم المذكور في الفاتورة. وفي الأساس، كان بدل الكيلوواط قبل الحرب في المنطقة ذاتها 40 سنتاً، وبدل الاشتراك الشهري الثابت 10 دولارات، ولكنّه ارتفع ليصل إلى 20 دولاراً مع أول فاتورة صدرت بعد وقف إطلاق النار في تشرين الثاني الماضي.