لبنان

مقترحات لحلّ أزمة المصارف: شطب الفوائد من عام 2015 وتأميم المصارف المتعثّرة

جاء في الأخبار: 

يقترح الطيب الدجاني أن يتم العمل في إطار هدف سداد الودائع بشكل عام، من خلال التدقيق في ميزانيات المصارف والتحقيقات الجنائية المتصلة بالتحويلات المشبوهة، لينتهي الأمر بإصدار قانون يلزم المصارف بتسديد كامل أصل الودائع بالعملة الأجنبية بعد شطب كامل قيم الفوائد، وبالليرة اللبنانية بعد تعديل أرصدتها ومضاعفة قيمتها 59 ضعفاً، خلال ثلاثة أعوام، على أن يتم تأميم المصارف المتعثّرة تمهيداً لدمجها

أولاً: سداد الودائع

بعد القيام بالتدقيق الاستقصائي لكل المصارف العاملة في لبنان، والوقوف على متانة وقوة المركز المالي لكل منها على حدة وعليها مجتمعة خلال ثلاثة أشهر. وبعد القيام بالتحقيق الجنائي فيما يخص التحويلات المشبوهة للخارج من قبل القائمين على مجالس إدارات البنوك وتابعيهم من أشخاص طبيعيين واعتباريين، وكل من تكسّب وأثرى بشكل غير مشروع من نظام الدعم وأسعار الصرف المتعددة، واستعادة الأموال المنهوبة منهم خلال ستة أشهر من تاريخه، يتم إصدار قانون يلزم جميع البنوك التجارية اللبنانية وفروع البنوك الأجنبية بسداد أصل كل مبالغ الودائع للمودعين أنفسهم أو وكلائهم أو ممثليهم القانونيين بالعملات الأجنبية الرئيسية وغيرها من عملات عدا الليرة اللبنانية والتي يجب تعديل أرصدتها أولاً، وذلك خلال ثلاثة أعوام بحد أقصى بنظام التقسيط الشهري.

– إلغاء وشطب أرصدة الفوائد على جميع الودائع بكل العملات ابتداءً من الأول من يناير 2015.

– يتم إعطاء الأولوية لأصحاب الودائع بمقدار 100 ألف دولار أو أقل، وإنهاء مظلوميتهم تماماً خلال عام واحد من بدء العمل بالقانون. أما أصحاب الودائع بمقدار 500 ألف دولار حتى 100 ألف وواحد، فيتم إنهاء مظلوميتهم خلال عامين.

أما أصحاب الودائع بمقدار أكثر من 500 ألف دولار فيتم إنهاء مظلوميتهم خلال ثلاثة أعوام بحد أقصى.

– يتم استحداث مادة تعديل أرصدة العملاء المودعين بالليرة اللبنانية بتاريخ 17 أكتوبر 2019، وذلك بمضاعفتها بمقدار 59 ضعفاً طالما بقي سعر الصرف بمستواه الحالي بمقدار وسطي يبلغ 88000 ليرة مقابل الدولار الواحد.

وتتم تغطية مضاعفة هذه الأرصدة من قبل مصرف لبنان، وسداد أرصدة العملاء من قبل المصارف الخاضعة للقانون، على أقساط شهرية بموجب طلب المودعين أو بمكافئ نظام التقسيط المقترح أعلاه بالنسبة إلى الودائع بالعملات الأجنبية.

ثانياً: إنشاء الصندوق السيادي

بهدف تعزيز الثقة بنجاح الخطة وإظهار جديّة الحكومة بحلّ هذه الأزمة المستعصية، وذلك بعد ظهور نتائج انعدام الإرادة وضعف الإدارة العامة منذ استفحال المشكلة منذ عدة سنوات، يتعيّن تأميم المصارف المتعثّرة، ويجوز دمجها، وإنشاء صندوق سيادي يتملّكها بموجب القانون المقترح تتم إدارته بمهنية وبنزاهة وشفافية وحوكمة تامة، ودون تدخلات المحاصصة والتبعية السياسية لأمراء الطوائف والحرب الأهلية.

– تأميم جميع المصارف اللبنانية غير القادرة على سداد ودائع المودعين بموجب القانون المقترح خلال ثلاثة أعوام بحد أقصى والبنوك التي يزيد إجمالي خصومها عن إجمالي أصولها. ومن ثم يجوز لمصرف لبنان دمج البنوك المؤمّمة في مصرف واحد جديد.

– إنشاء صندوق سيادي من قبل الدولة اللبنانية يتملّك بموجب القانون، المصرف الجديد، وعلى أن تنقل الدولة اللبنانية مجموعة من الأصول المدرّة للدخل، إلى الصندوق السيادي، وعلى رأسها نصف حقوقها من إيرادات حقول الغاز والنفط شرق المتوسط لمدة 10 أعوام قابلة للتجديد لمدّة مماثلة من تاريخ إصدار القانون.

– يحقّ للصندوق السيادي بيع رخصة البنك الجديد الناتج من عملية دمج المصارف المتعثّرة عبر طرح أسهمه في بورصة بيروت وبموجب أحكامها وقوانينها ذات الصلة.

ثالثاً: تطبيق ضوابط رأس المال في التجارب الناجحة

الكابيتال كونترول (ضوابط رأس المال) هي مجموعة من السياسات التي تُطبق للتحكم في تدفقات الأموال داخل وخارج الاقتصاد الوطني. وتهدف هذه السياسات إلى الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي وحماية النظام المالي والنقدي من التقلبات المفرطة في الأسواق المالية، مثل هروب رؤوس الأموال أو الاضطرابات الناتجة عن تدفق غير متوازن للموارد المالية. إن تجربة تطبيق الكابيتال كونترول قد تختلف من دولة إلى أخرى حسب الظروف الاقتصادية والسياسية، وتتنوع الآثار الناتجة عنها.

كما أن تطبيق كابيتال كونترول في المراحل الأولى للأزمة يزيد فرص النجاح. الأمر الذي لم يتم منذ بداية الأزمة في لبنان. ومن المهم أن تكون القيود مؤقتة وقابلة للتعديل حسب الظروف، ومصاحبة بإصلاحات اقتصادية مثل إصلاح السياسات المالية والنقدية، وتحفيز النمو، والتوازن بين الحماية والانفتاح، وتجنّب العزلة الاقتصادية الطويلة الأمد.
ويمكن أن نستعرض بعض التجارب الناجحة لأحكام الكابيتال كونترول في بعض الدول التي طبّقت هذه السياسات بنجاح؛

في أعقاب الأزمة المالية العالمية في عام 2008، انهارت المصارف الإيسلندية وواجهت البلاد أزمة اقتصادية حادة.

وفي محاولة لاستعادة الاستقرار الاقتصادي وحماية العملة المحلية (الكرونة الإيسلندية)، فرضت الحكومة الكابيتال كونترول على المعاملات المالية. هذه الإجراءات شملت فرض قيود على تحويلات الأموال للخارج وعلى حركة الأموال داخل النظام المالي. والنتيجة: ساعدت هذه السياسات في استقرار العملة الإيسلندية على المدى القصير وحماية النظام المالي من انهيار إضافي. بعد عدة سنوات، بدأ الاقتصاد الإيسلندي بالتعافي، وفي عام 2017 قررت الحكومة إلغاء ضوابط رأس المال تدريجياً بعدما تحسنت الأوضاع الاقتصادية.

في ظل الأزمة المالية العميقة التي شهدتها اليونان بسبب ارتفاع الدين العام وصعوبة الحصول على تمويل من الاتحاد الأوروبي، فرضت الحكومة اليونانية الكابيتال كونترول في يونيو 2015. وتم فرض قيود على سحب الأموال من المصارف اليونانية والتحويلات المالية الدولية في ظل الشكوك بشأن قدرة الحكومة على تسديد ديونها.

والنتيجة كانت إسهام الضوابط في تجنب انهيار النظام المالي، ما مكّن الحكومة من التفاوض مع الاتحاد الأوروبي والجهات المانحة لتقديم مزيد من الدعم المالي.

في فترة ما بين عامي 2011 و2015، فرضت الأرجنتين ضوابط على رأس المال في محاولة للتصدي لتدهور احتياطياتها من العملات الأجنبية وتجنب المزيد من الضغوط على العملة المحلية.

ومن بين التدابير التي تم اتخاذها كان تحديد سقوف للسحب من الحسابات المصرفية، والحدّ من تحويل الأموال للخارج. وكانت النتيجة أن ساعدت ضوابط رأس المال في الحد من هروب رؤوس الأموال وحماية الاحتياطيات النقدية في الأرجنتين.

نجحت قبرص (2013–2015) في منع الانهيار المصرفي، وذلك بتجميد جزء من الودائع الكبيرة في مصرفين رئيسييْن Laiki، وBank of Cyprus، وفرض قيود على السحب النقدي (حدّ أقصى 300 يورو يومياً)، ومراقبة تحويلات الأموال إلى الخارج. فكانت النتائج تجنب انهيار النظام المالي، واستعادة الثقة في القطاع المصرفي تدريجياً ورفع القيود عام 2015 بعد تحسن الأوضاع.

وفي الصين هناك استمرار في التحكم بالتدفقات المالية والنقدية لحماية الاقتصاد. ومن السياسات المطبّقة نظام صارم لتحويل اليوان إلى عملات أجنبية ومراقبة تحركات رأس المال القصير الأجل.

فكانت النتائج الحفاظ على احتياطيات ضخمة من العملات الأجنبية (أكثر من 3 تريليون دولار)، ومنع هروب رأس المال رغم التوترات التجارية مع إدارة ترامب، ولكنّ هناك استقراراً في سعر صرف اليوان إلى حد كبير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى