لبنان

مجلس النواب نحو إقرار اللوائح المقفلة في بيروت..

كتبت رلى ابراهيم في الأخبار: 

يتّجه المجلس النيابي في جلسته المقرّرة غداً إلى إقرار اقتراح القانون المعجّل المكرّر بتعديل بعض أحكام قانون البلديات والنصوص المتعلّقة ببلدية بيروت. وبعدما كان رئيس مجلس النواب نبيه بري يرفض التعديل «بسبب ضيق الوقت والحاجة إلى تأجيل الانتخابات» داعياً الحريصين على المناصفة إلى ضمانها بواسطة «تحالف سياسي واسع تنخرط فيه الأحزاب والتجمّعات السياسية والعائلات»، صرّح أمس بأنه يميل إلى «اللوائح المقفلة لتأمين المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، على أن تُحصر المناصفة فقط في بيروت لأنها عاصمة كل اللبنانيين ويجب أن تكون واجهة وحدتنا الوطنية».

وهذا ما أثار علامات استفهام خصوصاً لدى القوى المسيحية التي بدأت المفاوضات والاجتماعات في ظل غياب القانون ووصلت إلى مراحل متقدّمة قبل أن تُفاجأ بموافقة بري على تمرير التعديل. وربطت مصادر مطّلعة هذا التغيير بفشل «الائتلاف» بعد وصول المفاوضات إلى حائط مسدود، مع إصرار القوات على الاستئثار بالقرار، وتوزيع الحصص في المجلس البلدي على بقية الأحزاب المسيحية كما تراه مناسباً، متسلّحة بحلفها مع مخزومي.

ولذلك، عادت الأمور إلى نقطة الصفر بانتظار جلسة الغد وما سيسفر عنه التصويت على الاقتراحات المعجّلة المكرّرة المتعلّقة بالعاصمة والتي تجاوز عددها الخمسة، مع أرجحية لإقرار القانون الذي أعدّه رئيس تحرير «اللواء» صلاح سلام وكتبه محافظ بيروت السابق زياد شبيب، إذ نال هذا الاقتراح موافقة كل من التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية» والكتائب والجماعة الإسلامية والاشتراكي ومخزومي، خلافاً لباقي الاقتراحات التي لا إجماع عليها.

رغم ذلك، لن يمرّ اقتراح سلام بسلاسة لناحية اللغم الذي لم تنتبه له القوى المسيحية قبل الموافقة عليه، وهو سحب الصلاحيات من محافظ بيروت الأرثوذكسي وإعادتها تحت وطأة الابتزاز إلى رئيس المجلس البلدي السنّي، بمعنى مقايضة المناصفة وضمان وصول 12 عضواً مسيحياً من أصل 24 بوضع الصلاحيات بيد رئيس البلدية لا المحافظ، إذ تنصّ الفقرة الرابعة من المادة الوحيدة في القانون على التالي: «إذا لم يباشر الشخص الذي يتولّى أعمال السلطة التنفيذية في البلدية (رئيس المجلس البلدي أو نائبه في الأحوال التي يحل فيها محلّه، أو المحافظ في بيروت) تنفيذ قرارات المجلس البلدي خلال شهر واحد من تاريخ إبلاغها إليه صالحة للتنفيذ، يجوز اعتبار ذلك تمنّعاً عن القيام بعمل من الأعمال المتوجّبة قانوناً وتطبيق المادة 135 من قانون البلديات، على أن يمارس وزير الداخلية صلاحية الحلول في ما يتعلّق ببلدية بيروت».

وفي حال إقرار هذه الفقرة، يصبح دور المحافظ صورياً ويُجرّد من صلاحية النظر في القرارات، ليتحوّل إلى مجرد ساعي بريد يوقّع على المعاملة ويحاسب في حال عدم توقيعها، وتُقرّ حتى إذا اعتُرض عليها من قبل وزير الداخلية.

ويُرجّح أن يفتح النقاش في هذه المسألة مشكلة طائفية قبل 25 يوماً من موعد الانتخابات البلدية في العاصمة، فيما يبدو أن ثمة من يعمل على تأجيج صراع طائفي يؤدّي إلى تأجيل الانتخابات، و«أبرز دليل على ذلك»، بحسب مصادر بيروتية، تقديم النائب «المعتدل» وضاح الصادق قانوناً معجّلاً بمادة واحدة تنصّ على سحب صلاحيات محافظ بيروت ووضعها في تصرّف رئيس المجلس البلدي.

وقد اعترض نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، خلال اجتماع هيئة المجلس أمس، على إقرار قانون سلام كما هو، رافضاً «منطق الابتزاز عبر فرضه على القوى المسيحية بداعي العجلة وضمان المناصفة». وأكّد أن موضوعاً كهذا لا يُطرح بقانون معجّل، بل تتم مناقشته في اللجان النيابية للبحث في كل تفاصيله». لذلك، سيلاقي هذا البند اعتراضاً ولا سيما من الأحزاب المسيحية الموقّعة عليه. وتتوقّع المصادر حذف هذه الفقرة والإبقاء على موضوع اللوائح المقفلة فقط من دون فتح باب صراع طائفي يهدف إلى «كسر المسيحيين».

كذلك، تبرز مشكلة إضافية سيثيرها القانون في حال إقراره كما هو. فإلى جانب الفقرة الأولى التي تفرض المناصفة بين المسيحيين والمسلمين عبر اعتماد اللوائح المقفلة المؤلّفة من العدد المكتمل، تطرح الفقرة الثانية تطبيق قاعدة اللوائح المقفلة في البلديات التي تتكوّن من 15 عضواً وما فوق، ما سيؤدي إلى تأجيل الانتخابات حكماً إذا جرى تطبيقها في محافظة جبل لبنان التي يُقفل باب الترشيح فيها اليوم.

وتقول المصادر إن هذه الفقرة أيضاً عرضة للحذف، علماً أن وزير الداخلية أحمد الحجار أبدى ليونة بإمكانية تغيير موعد انتخابات جبل لبنان المقرّرة في 4 أيار المقبل إلى موعد لاحق. لكنّ مصادر هيئة المجلس تستبعد حصول ذلك، مشيرة إلى أن أيّ تعديل سيتم حصره ببيروت فقط دون بقية المحافظات، وبتوجيه من بري، وإلا سيسقط المجلس صفة العجلة عن تلك القوانين ويحيلها إلى اللجان النيابية لدراستها، ما يعني الإطاحة بها كلها.

في موازاة ذلك، يرفض بعض نواب بيروت إقرار قانون مماثل لمخالفته أبسط القواعد الدستورية. وأكّد النائب نبيل بدر لـ«الأخبار» عدم رضاه على الاقتراح لجهة «إلزام بيروت بالمناصفة رغم أن أهالي العاصمة مقتنعون بها ويعملون على حفظها». وتشير المعطيات إلى أن بدر وبعض النواب يتحضّرون للطعن في القانون في حال إقراره، مرجّحين سقوطه التلقائي بسبب «تفصيله على قياس بيروت وبالتالي تغلب عليه صفة الخاص وليس العام، إضافة إلى تشريع الطائفية في المجالس البلدية وهو أمر غير قانوني». ويسأل هؤلاء عن «تطبيق أعراف مماثلة بحجة الحفاظ على التمثيل المسيحي في بيروت فقط مقابل عدم انسحاب هذا الحرص على بلديتَيْ زحلة وبعلبك مثلاً».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى