السيد ابراهيم أمين السيد: فلسطين عرض الاسلام وشرفه ومطمئنون على المقاومة في بيئتها

أكّد رئيس المجلس السياسي في حزب الله، السيّد إبراهيم أمين السيّد، أنّ معركة “أُولي البأس” هي معركة النصرة والإسناد، مشدّدًا على أنّ فلسطين تمثّل عِرض الأمة، وشرفها، كما أنّها عِرض الإسلام وشرفه، بل وتمثّل عِرض الإنسانية وشرفها أيضًا.
وأشار السيّد إبراهيم أمين السيّد في مقابلة خاصة مع قناة المنار إلى أنّ ما يجري في فلسطين هو مجزرة موصوفة، لا تستهدف الفلسطينيين وحدهم، بل تُعدّ مجزرة بحقّ الإنسانية جمعاء، مؤكدًا أنّ هذه المعركة هي معركة جهادية، دينية، سياسية، وعقائدية، وهي قبل كل شيء معركة في سبيل الله.
وشدد السيّد إبراهيم أمين السيّد على أن الانتصارات لا تُقاس بحجم الخسائر، بل تُقاس بالنتائج، وأكد أن المقاومة نجحت في إحباط ما كان العدوّ الإسرائيلي يسعى إلى تحقيقه.
وأضاف أنّ المشهد في المنطقة لا يختلف كثيرًا، إلا أنّ “بوابة المنطقة”، أي فلسطين، ما زالت تخوض حربًا مفتوحة، ومن غير الواضح حتى الآن كيف ستنتهي هذه الحرب، وبالتالي من غير المعلوم إلى أيّ وضع ستستقر عليه المنطقة بأسرها.
وتابع: “هذا لا يعني أن نقف متفرجين أو ننتظر ما ستؤول إليه الأمور، بل إنّ المرحلة تتطلّب منا أن نكون أقوياء، وفاعلين في مواجهة المعطيات والتطورات المتلاحقة، كي لا نُبتلع من قِبل القوى الكبرى، أو كما يُقال: الحيتان التي تتحكّم بمصير العالم.”
وشدّد على أنّه “حتى لو تكالبت عليكم الأمم، لا تيأسوا، فالتغيير والتحوّل قد يقع في أيّة لحظة، وهذه الحركة المستمرة لا تُهزم ولا تسقط، لأنها سنة إلهية، مرتبطة بالصراع بين الحق والباطل، وهذا الصراع لا يمكن أن يُحسم لمصلحة الباطل، بل إنّ حركة التغيير ستبقى حيّة، وقد تُحسم لمصلحة الحق في آخر الزمان.”
وأشار السيد إبراهيم أمين السيد إلى أن سيد شهداء الأمة، السيد حسن نصر الله، يعد من أبرز الرجال الصالحين الذين قادوا حركة التحولات والتغيير في هذه المنطقة، وفقًا للمعايير والشخصية التي يرضاها الله تعالى. وأوضح أن ما نشهده من مواقف وعلاقات وظهورات لشخصيته يُعد دليلاً على أنه من أولئك الذين وصفهم القرآن الكريم بالصالحين، الذين يُكلفون بقيادة حركة التغيير في هذه المنطقة.
وأضاف: “هل انتصرنا في العام 2000 بسبب تفوقنا العسكري؟ هل انتصرنا في العام 2006 بتفوقنا العسكري؟ كان سماحة السيد رحمه الله يعتبر النصر إلهيًا. لم يكن النصر محصورًا بالتفوق العسكري فقط، بل كان هناك عناصر أخرى.”
وأكد أن العنصر الأهم في الحرب هو الإنسان، قائلاً: “ماذا يحمل هذا الإنسان من عقيدة؟ من إيمان؟ من يقين؟ من شجاعة؟ من إرادة؟ من طهارة؟ من رغبة؟” وأضاف: “لقد شاهدت شبابًا في الحرب، في أصعب الظروف، وكانوا يبكون ويرغبون في الذهاب للقتال، وقد تدخلت شخصيًا لتيسير أمرهم. أين يوجد مثل هذا في العالم؟”
وأشار إلى أنه رغم كل ما يُقال عن الوضع في لبنان، فإن المقاومة ما زالت حاضرة. وقال: “إذا فتحنا باب التطوع للمقاومة اليوم، من من شباب هذا الجيل سيبقى خارج التطوع؟ رغم أن هذه المعركة قد ألحقَت بنا أضرارًا كبيرة.” وأضاف: “الخوف الإسرائيلي من المقاومة ليس بسبب سلاحها، بل بسبب الإنسان الذي يحمل هذا السلاح. وكلما سقط من هذا الإنسان، أصبح أقوى.”
وتطرق إلى العنصر الثالث، قائلًا: “لا أقول إن السلاح ليس مهمًا، بل هو
وأوضح أن العدو الإسرائيلي لا يخاف من السلاح بحد ذاته، بل من الذي يمسك به. هذه هي عناصر النصر.
وبالنسبة لبيئة المقاومة، أكد السيد إبراهيم أمين السيد أن إسرائيل وغيرها فشلت في التأثير على البيئة المحيطة بالمقاومة. وقال: “لقد أصبحت بيئة المقاومة ثابتة، مستقرة، ومطمئنة، ولا أحد يخاف على المقاومة إذا كان أطفال هذه البيئة يحبون السيد حسن نصر الله، أي يحبون المقاومة. هذه بيئة فريدة.”
وأوضح قائلاً: “أقول للإخوة في الحزب: تعاملوا مع هذه البيئة على أنها أمامكم، لا وراءكم. في العصر الحديث، لا يوجد بيئة قادرة على اتخاذ مواقف وتصمد وتثبت، وتواجه آلة القتل والدمار، وفي ذات الوقت تقف امرأة في وجه الدبابة الإسرائيلية وتستشهد. هذه ليست مجرد مقاومة، بل هي روح المقاومة ومستقبلها. إذا كانت البيئة تضم امرأة من هذا النوع، فلا قلق على مستقبلها.”
وأعرب قائلاً: “نحن مطمئنون على المقاومة في هذه البيئة.”
وقال “وباختصار شديد، في الداخل اللبناني، لم يولد بعد من يجرؤ على مد يده على هذه البيئة. لم يُخلق بعد. هذه البيئة لا تمس، لا تمس. وهذه البيئة هي تاج الرأس، وتاج رؤوسنا، وشرفنا، وعرضنا، وكرامتنا. قد يتحدث البعض عن هذا وذاك، لكننا نتركهم يتحدثون كما يشاءون. لكن البيئة موضوع آخر، البيئة كبيرة جدًا، والحزب ليس مجرد تنظيم. وهذه هي ميزة حزب الله. البيئة هي حزب الله وحزب الله هو البيئة.”
ووجّه رئيس المجلس السياسي في حزب الله رسالة إلى جمهور المقاومة، قال فيها إنّهم أهل بصيرة ووعي وثبات، وأضاف: “لا تتأثّروا كثيرًا بالإعلام، فالإعلام اللبناني السائد لا يعبّر عن إرادة الشعب اللبناني بأكمله”، موضحًا: “أنا لا أتكلم من موقع سياسي، بل من خلال معرفة واطّلاع”، مؤكّدًا أنّ الشعب اللبناني يحبّ المقاومة، ويفتخر بها، ويعتزّ بها، ولولا الضغوط التي يمارسها بعض السياسيين في الداخل، أو التهديدات الخارجية، لرأينا تعبيرات هذا الشعب تجاه المقاومة أفضل بكثير ممّا هي عليه الآن.
وقال: “لا تُعيروا بعض وسائل الإعلام اهتمامًا، فهي إعلام أجنبي بلهجة لبنانية، ولا تسمحوا لها بأن تجرّ شباب المقاومة إلى مواقف انفعالية أو عدائية، فالشعب اللبناني ليس كما يُصوّره الإعلام. ولو أردت أن أذكر أمثلة لفعلت، حتى إنّ بعض القوى السياسية التي تُظهر عداءً للمقاومة، فإنّ جمهورها الشعبي يفتخر بها”.
وقال: “رسالتي إلى فخامة الرئيس: بيتك هو الوطن، والشعب هم أولادك، فلا تسمح لأحد أن يتآمر عليك في بيتك. لستَ أنت من ينبغي أن يُهان، بل من يتآمر عليك هو من يجب أن يُهان”.
وأضاف أنّ الإهانة لا تحتاج إلى تحمّل، بل إلى ردّ دبلوماسي حازم يُفهِم الطرف الآخر أنّك لا تقبل التحدّث بهذه اللغة في بيتك، مؤكدًا أنّه لا يجوز أن تُوجَّه إهانة للشعب اللبناني في بيت رئيس الجمهورية.
في مسألة إعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي على لبنان، أوضح السيد إبراهيم أمين السيد أن حزب الله يتحرّك على ثلاثة خطوط: أولًا، خط الأصدقاء في الداخل والخارج وما يمكن أن يقدموه من دعم؛ ثانيًا، خط العلاقة مع الدولة لمتابعة مسار الإعمار وتحديد مدى التقدّم فيه؛ وثالثًا، الاستعدادات التي تبديها بعض الدول للمساهمة في الإعمار، حتى وإن لم تُعلن دعمها في وسائل الإعلام. وأكد أن الدولة تتحمل مسؤوليات كبرى في هذا المجال ويجب أن تنهض بها، مشددًا على أن حجر الزاوية في هذا الملف هو الدولة، لا حزب الله ولا الجهات الخارجية، مشيرًا إلى أن هذا هو المسار الواجب اتباعه، ويبقى التحدي في مدى ما يمكن تحقيقه من أهداف.
وبشأن ربط إعادة الإعمار بسلاح المقاومة، أشار السيد إبراهيم أمين السيد إلى أن هذا الطرح يُثار من زوايا سياسية داخلية، مؤكدًا أن ما يسمعه حزب الله من المسؤولين المعنيين يختلف كليًا عن هذا الخطاب، ولذلك لا يمكن تحميل المجتمع الدولي تبعات مثل هذا الطرح. وأضاف أن الحزب معنيّ بمواصلة العمل في مسار الإعمار، سواء بشكل مباشر أو عبر قيام الدولة بدورها الطبيعي في هذا المجال.
وفي ما يتعلق بالحوار حول الاستراتيجية الدفاعية، أشار السيد إبراهيم أمين السيد إلى أن الأمين العام لحزب الله، سماحة الشيخ نعيم قاسم، سبق أن أكد على ضرورة إنجاز العديد من الملفات قبل الدخول في أي نقاش حول هذه الاستراتيجية، خاصة في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي لبعض النقاط، وعدم استقرار الوضع الفلسطيني. وقال: “نحن منفتحون على الحوار ولسنا ضده، لكن الحوار في ظل الاحتلال والعدوان الإسرائيلي المتواصل يحمل دلالة معينة، وعندما ينتهي هذا الاحتلال أو العدوان يصبح للحوار دلالة مختلفة. نحن غير مستعدين للمشاركة في حوار ضمن الدلالة الأولى.”
وفي الشأن السوري، أبدى السيد إبراهيم أمين السيد قلق حزب الله العميق من الأطماع الإسرائيلية في سوريا، معتبرًا أن أحد أبرز وجوه هذا القلق هو كيفية التصدي للتدخل الإسرائيلي المتواصل، والذي يُرفض حتى من قبل السوريين أنفسهم، إذ لا يمكن القبول باستباحة إسرائيل لأراضيهم.
وأكد أن الحزب يتخوف من سيناريوهات تقسيم سوريا، لافتًا إلى أن مجريات الأحداث تثير علامات استفهام حول الاستراتيجية التي تعتمدها الجهات الفاعلة في الداخل السوري. وأضاف أن ما يحدث في سوريا يعزز صدقية خيار المقاومة في لبنان، داعيًا اللبنانيين إلى التمعن في الأطماع الإسرائيلية هناك، وإلى إدراك أهمية المقاومة في حماية لبنان.
وفي الشأن اللبناني، شدد السيد إبراهيم أمين السيد على أن الوضع الطبيعي في لبنان يجب أن يكون قائمًا على الاستقرار، لأن لا المسلمين يسعون لإلغاء المسيحيين، ولا المسيحيون يسعون لإلغاء المسلمين، وبالتالي فإن من الطبيعي أن نعيش معًا في ظل استقرار دائم.
أما فيما يخص الموقف الأمريكي من لبنان، فرأى السيد إبراهيم أمين السيد أن الولايات المتحدة، بحسب ما تعلنه من مواقف، لا تبدو معنية بنشر الفوضى في لبنان. وقال: “هناك أمريكيون يتحدثون عبر واجهات لبنانية، لكن لا توجد مؤشرات حقيقية على أن واشنطن تسعى إلى حرب أهلية في لبنان، على الرغم من أن بعض اللبنانيين يحاولون الإيحاء بذلك.”
وفي ما يخصّ المفاوضات النووية في إيران، أكّد السيد إبراهيم أمين السيد أنّه إذا نجحت هذه المفاوضات، وإذا قامت دولة قوية في إيران، وإذا تحقق التقدّم فيها، فذلك سيكون بإذن الله، لا بإذن المستكبرين، مشيرًا إلى أنّ هذا النموذج سيكون له تأثير كبير على العالم، إذ إنّ دولة تمكّنت من تحقيق إنجازاتها بإذن الله، لا من خلال وصاية الخارج.
وفي ما يتعلّق بالدول العربية والإسلامية، قال إنّه إذا كانت قدراتهم الفعلية لا تتجاوز ما أظهروه تجاه فلسطين، فهذه مصيبة، وإن كانت قدراتهم أكبر لكنّهم لم يستخدموها، فالمصيبة أعظم. وأكّد أنّ ما يحدث هو كارثة، لا على الفلسطينيين وحدهم، بل على الأمة جمعاء، لأنّ انتصار إسرائيل في فلسطين يعني تهديدًا مباشرًا لهم، لا للفلسطينيين فقط.