لبنان

متري: قُمْنا بخطوات متقدّمة لطمأنة الإخوة الخليجيين للمجيء إلى لبنان وملتزمون إخراج “إسرائيل” وبسْط سيطرة الدولة على أراضيها

اعتبر نائب رئيس الحكومة طارق متري أنه ”  من المبكر قياس عمق التحولات في المنطقة وديمومتها”، وقال في حديث إلى “الراي” :”أعتقد أنه لم تتشكّل بعد الملامح الكاملة لنظام إقليمي جديد، وإن كان من البدهي القول إن الخليج العربي خصوصاً المملكة العربية السعودية تتمتّع بثقلٍ ليس فقط تجاه الولايات المتحدة بل كل القوى الأخرى المؤثّرة في السياسة الدولية، أي أوروبا والصين وحتى روسيا.

أضاف:”في ما خص لبنان، أرى أن استعادة الرصيد العربي الذي تآكل أو فُقد في الفترة الماضية تبدأ من دول الخليج لاعتباراتٍ عدة بينها أنها كانت تعبّر أكثر من غيرها عن الاستياء من الحال الذي وصل إليه لبنان، وهي ابتعدت عنه بسبب هذه الحال. واليوم نحن في طور استرداد ثقة هذه الدول لأن هذا مهمٌّ على الصعيد السياسي لطيّ الصفحة الماضية، وأيضاً لجهة إعادة الإعمار ولا سيما ما هدّمته حرب إسرائيل على بلدنا. فمن دون دعم بلدان الخليج العربي لا إعادة إعمار، ومن دون إعادة الإعمار لا يمكن الحديث عن واقع مستقّر في لبنان”.

ورأى ردا على سؤال أن” موضوع حصر السلاح وبسط الدولة سيطرتها على كامل أراضيها يتصدّر أولويات لبنان، حكومةً وشعباً، قبل أن يكون هذا محور اهتمامٍ عربي ودولي، علماً أنه محط اهتمام خارجي حقيقي. ومن الواضح أنه إذا لم نتقدّم على هذا الصعيد ونُظْهِر أن السلطة اللبنانية، بقواها الذاتية، قادرة على بسط سيطرتها على كل الأراضي اللبنانية، فإن الثقة التي بدأنا بمعاودة بنائها تدريجاً مع الخارج ستهتز. كلام الرئيس الأميركي في هذه المسألة لا يفاجئ لأن موقف واشنطن معروف منذ اليوم الأول، وإن كان ربما إعلانه من السعودية يُعطيه وقْعاً أكبر. ولكن حصْرَ السلاح وبسط الدولة سيطرتها بقواها الذاتية على أراضيها كاملة أمرٌ لا يُجْمِع عليه فقط أصدقاء لبنان بل أيضاً غالبية اللبنانيين إن لم يكن كلّهم، وأقلّه لا نجد أحداً بينهم يعارض في العلَن مسعى الحكومة في هذا السياق، خصوصاً أننا أمام ملف حيوي ولابد من حصول تقدُّم فيه. وموقف الحكومة معروف، وكذلك رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، وما يُعمل عليه هو الإجراءات العملية التي تؤدي إلى بسط الدولة سيطرتها بقواها الذاتية ودون سواها على كل الأراضي اللبنانية، والإسراع في هذا المسار”.

وقال ردا على سؤال آخر:”عنوان السلام مع إسرائيل موضوع آخر. وبمعزل عما إذا كان الرئيس ترامب رَبَطَ الأمريْن أو عَطَفَهما، فاستنادًا لِما أعرفه من تاريخ بلدنا وعنه ومن المواقف اللبنانية الرسمية والمتكرِّرة، وآخِرُها كلام الرئيس نواف سلام أمام القمة العربية في بغداد، فإن لبنان الرسمي ملتزم ويستظلّ الموقف العربي وفق ما عبّرت عنه قمة بيروت العام 2002 ولا يرى حلاً للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني والصهيوني – العربي إلا من هذه الزاوية. ومن حقنا التمسّك بذلك بغض النظر عن فرص تحقيق حلّ الدولتين في مدى منظور في ضوء غطرسة القوة التي تمارسها إسرائيل بحق الدول العربية المجاورة كلها، وتنكيلها الذي لم يتوقّف بالشعب الفلسطيني وآخِر فصوله في غزة وجريمة الإبادة التي ترتكبها في حق القطاع وناسه، ناهيك عن محاولتها إخضاع الضفة الغربية، وتالياً جعْل الدولة الفلسطينية فكرة غير قابلة للتحقيق”.

تابع:”في السياق نفسه، لابد من الإشارة إلى أن اللبنانيين اكتووا بنار حروب كثيرة، وأريد التوقف خصوصاً عند ما حصل بعد العام 1982 الذي جدّد الحربَ الأهليةَ بحيث إن السنوات السبع اللاحقة كانت أدهى من الأعوام السبعة للحرب التي اشتعلت في نيسان 1975. من هنا فإن موضوعَ السلام مع إسرائيل يقسم اللبنانيين بحدّة ويهدّد أمن لبنان وسلامته، ولذلك فإن هذا الأمر ليس وارداً عندنا في حدود ما أعرفه. وما هو وارد، ونحن جديون فيه، هو العودة إلى اتفاقية الهدنة (1949). وإسرائيل التي تمارس سياسة القوة والعدوان والاحتلال ضدنا، لم تطالب في العلَن باتفاق سلام مع لبنان. وهي إذ تدعو تارةً لمنطقة عازلة، وتارة أخرى تصرّ على الاحتفاظ بالأراضي التي احتلّتْها، وفي كل الوقت تحتفظ لنفسها بالحقّ في مطاردة مقاتلي “حزب الله” أينما كانوا، إلا أنها لا تقول للبنان: لن أتوقّف عن كل ذلك ما لم توقّعوا اتفاقَ سلام معي. بالتالي، لسببٍ عربي وآخَر لبناني، أعتقد أن خيارَ اتفاقِ سلامٍ بين لبنان إسرائيل مستبَعد أقلّه في السنوات المقبلة، إلا إذا سارت الأمور في اتجاه قيام دولة فلسطينية وحصل اتفاق بين السعودية واسرائيل، فهذا سيغيّر الوضع في لبنان ولكن بالمعطيات الحالية لا أرى ذلك مطروحاً أو ممكناً. وكما قلتُ فإن لبنان يتحدّث حالياً عن العودة الى اتفاقية الهدنة. مع الإشارة الى وجوب التمييز بين: أولاً وقْف الأعمال العدائية الذي له صفة موقتة وقد يحمل بعض الهشاشة رغم أنه يمكن أن يستمرّ طويلاً على غرار ما نصّ عليه القرار 1701 الذي صدر بعد حرب يوليو 2006 لجهة وقْف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل، وقد بقيَ الأمر ضمن هذه الصيغة ولم يرتق إلى وقف إطلاق نار دائم وحلّ طويل الأجَل دعا القرار إلى دَعْمِ حصولِه ارتكازاً على مبادئ وعناصر حدّدها في متنه. علماً أن الترتيبات الأمنية التي أنُجزت في ت2 الماضي ووافقتْ عليها الحكومة اللبنانية آنذاك تحدّثت ايضاً عن وقف الأعمال العدائية. ثانياً وقف إطلاق النار الذي ينطوي على شروطٍ لاستمراره يكون منصوصاً عنها في مندرجات الاتفاق”.

أضاف:”ثالثاً الهدنة التي هي أكثر من وقف نار وتوحي بالديمومة وبمفاعيل على المدى الأطول، وإن كانت أقلّ من اتفاق سلام بطبيعة الحال، وأقرب إلى دخول دولتين حال لا حرب. ولبنان وقّع اتفاق الهدنة في 1949، ومنذ ذلك العام حتى 1967 كانت حدودُنا الجنوبيةُ هادئةً ما يعكس طابع الديمومة لمثل هذه الاتفاقات. عندما نقول إننا نريد العودة إلى اتفاق الهدنة فهذا يعني العودة إلى حدودنا الدولية المعترَف بها والتزامنا بعدم إشعال الحرب ضدّ اسرائيل. وأعتقد أن هذا هو الموقف العقلاني والطبيعي الذي يمكن أن يتّخذه لبنان”

وردا على سؤال عن قول الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس أخيراً إنه يمكن للبنان أن يتعلّم درساً من الرئيس السوري أحمد الشرع، قال:” لا أعرف تفاصيل اللقاء الذي جَمَع الرئيس ترامب والرئيس الشرع في حضور ولي العهد السعودي رئيس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، وعن بُعد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان. ولكن لم نسمع من أي مسؤول سوري كلاماً عن الالتحاق بقطار التطبيع. في اعتقادي أن مثل هذا الكلام سيكون غير منسجم مع رعاية السعودية لهذا اللقاء، هي التي تتحفّظ عن اتفاق سلام أو تطبيع مع اسرائيل ما لم تُتخذ خطوات حقيقية على طريق حلّ الدولتين”.

سئل:لكن بالتزامن مع استعدادات أورتاغوس للعودة إلى لبنان قيل إنها قد تحيي موضوع اللجان الثلاث؟

أجاب:” ممكن لكن موضوع اللجان الثلاث يختلف عن اتفاق سلام. ولا أعتقد أن الأميركيين قالوا لنا مرّة: عليكم أن توقّعوا اتفاق سلام غداً أو بعده، هذا بصرف النظر عن موقفنا نحن من هذا الأمر. في رأيي أن واشنطن تريد رفْع مستوى اللجان الثلاث لتكون فيها مشاركة ذات طابع مدني – سياسي أي ألا تقتصر على الفنيين العسكريين. نحن كنا متحفّظين عن ذلك، لكن التسوية حيال هذا الأمر تبقى ممكنة في النهاية. هذه اللجان ما الذي ستبحثه؟ ملف الأسرى؟ لبنان ليس لديه أسرى إسرائيليين. الانسحاب؟ على ماذا سيفاوض لبنان؟ على بقاء المحتلّ في أرضه؟ ويبقى ملف الحدود، وحدودنا الدولية معترَف بها دولياً منذ اتفاقية الهدنة وسنتمسّك بها ونسعى لتعديل الخط الأزرق وفْقها بقدر ما نستطيع. وهذا أمر يمكن لضباطٍ أن يقوموا به، فهؤلاء يملكون الخرائط، وإذا كان هناك إصرار على وجود مدنيين للتفاوض، فهذا تقرّره الحكومة لاحقاً، ولكن طبيعة المهمة المقترَحة على هذه اللجان لا تقتضي حصول اتصال على مستوى سياسي بين لبنان وإسرائيل”.

وقال ردا على سؤال:”لا أعتقد أن الأمرَ يتعلّق باستعجالٍ أو تمهُّل في مسألة حصر السلاح، بقدر ما أن الطرف المعني أي لبنان يدرك ما هو ممكن وفي أي مدى زمني. والأطراف الخارجية، الولايات المتحدة أو غيرها، تمارس الضغطَ كي يَحصل هذا العمل بفاعلية وسرعة أكبر. ولكن لا شكّ في أن الخارج ليست لديه المعطيات التي يملكها الجيش اللبناني ورئيس الجمهورية. وطبعاً الخارج كرّر ومنذ البداية أن عليكم نزْع سلاح حزب الله وتطبيق القرارات الدولية بما فيها الـ 1559 في شكلٍ كامل وإلا ضيّعتُكم الفرصةَ على أنفسكم. وهذا موقف معروف، وبعض المواقف العربية، وإن كانت لا تَستخدم اللغة نفسها، إلا أنها ضاغطة في الاتجاه عيْنه. في المقابل، نَسمع أحياناً من المسؤولين الخارجيين أنفسهم أنهم يعرفون مدى صعوبة الأمر وأنه يتطلب وقتاً، ويقال لنا نثق بكم. وفي معرض نفي المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (آذار الماضي) تصريحاً نُسب إليه قولُه في الدوحة، تحدّث عن جدية الحكومة اللبنانية في موضوع السلاح وثقته بها ودعْمها والرئيس عون في جهودها لبسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وتنفيذ الإصلاحات لتعزيز مؤسسات الدولة”.

واعتبر أنه ” قبل الحديث عن ضغوط خارجية، فإنّ لبنان تعهّد ببسْط الدولة سيطرتها على كامل أراضيها. وهذا لم يكن في سياق إعلان نيات بل موقف سيَظهر في الواقع”.

سئل: إلا أنه لم يَظهر بعد أو أقلّه هذا ما يَعتبره الخارج، فماذا يَنتظر لبنان هل موافقة “حزب الله”؟

أجاب:” لستُ خبيراً عسكرياً، ولكن أعرف وفق أرقام قدّمها قائد الجيش  العماد رودولف هيكل في مجلس الوزراء كما استناداً إلى كلام الرئيس جوزاف عون أكثر من مرة، أن المهمة في جنوب الليطاني قيد الاستكمال وشارفتْ على الانتهاء، أي أنه أُنجز الكثير ولم يبقَ إلا القليل. وفي ما خص شمال الليطاني حصل أيضاً تَقَدُّم، وفي بعض الحالات تمّت مصادرة سلاح وقفْلُ مخازن وغيرها، وصولاً إلى عمليةِ ضبْط بدأت وتستمر للحدود مع سوريا، خصوصاً أن الحدودَ غير المضبوطة تسمح بعمليات تهريبٍ على أنواعها بما في ذلك السلاح، وهذا بغض النظر عن أن سياسةَ النظام السوري الحالي تختلف عنها مع النظام السابق في ما خص عدم تسهيل تهريب السلاح من الجهة السورية إلى طرفٍ (في لبنان) يُعتبر خصماً. وهذه الخطوات ستُستكمل وتتوسّع، أما ضمن أي مدى زمني فهذا يَصعب الجزم به”.

تابع:”السلطة حَزَمَتْ أمرها، ولكن رئيس الجمهورية يضع عيناً على السير قدماً بتحقيق ما وعَد به في خطاب القسَم وما تعهّدتْ به الحكومةُ في بيانها الوزاري، وعَيْناً أخرى على الحفاظ على الاستقرار في لبنان، فهذه مسؤوليته. ومن هنا أعتقد أنه لا يريد أن يجازف، وأنه يرغب في القيام بخطواتٍ فاعلة وناجعة ولكنها لا تهدّد السلمَ الأهلي. ومن هنا يُجْري حواراً، بالواسطة؟ مباشراً؟ لا يهمّ، ولكنه حوارٌ لتجنُّبِ الصِدام العسكري في معالجة قضية سلاح «حزب الله». أي أنه يحاول أن يتقدّم في تنفيذ ما اتُّفق عليه، ويسعى في الوقت نفسه إلى تفادي أن يهدّد هذا التقدم الاستقرار الداخلي”.

قيل له: لكن لا يبدو أن هناك تَفَهُّماً خارجياً للتمهّل اللبناني.

أجاب:”هناك تفهُّم لكن في الوقت نفسه يوجد ضغط. وهل يمكن لأحد ألا يتفهّم مثل هذا الموقف وأن يقول لا، جازْفوا بحرب أهلية؟

واعتبر ردا على سؤال أن “إعادة الإعمار ترتبط إلى حد ما بهذه القضية ، لكن أيضاً بقضايا أخرى، مثل الإصلاحات وبلوغ اتفاق مع صندوق النقد الدولي. والأهمّ أيضاً أن موضوع إنشاء صندوق لإعادة الإعمار يتّصل في جانب منه بوجوب أن توقف إسرائيل اعتداءاتها وتنسحب من الأراضي التي مازالت تحتلّها، فتخيّلوا أنشئ صندوق وخُصصت له أموال، فيما إسرائيل تقصف كل يوم وترفع من كلفة الإعمار”.

وقال: “حتى الآن لم تَظْهر آثارُ الضغط الأميركي المفترَض على إسرائيل، لا في غزة حيث تستمرّ حربُ الإبادة بشراسة أكبر، ولا عندنا. وأحياناً يقال لنا، كيف تطالبوننا بالضغط على إسرائيل لتنسحب من الأراضي اللبنانية التي مازالت تحتلّها جنوباً وتوقف اعتداءاتها، قبل أن تنزعوا سلاح «حزب الله»؟ هنا أعتقد أنه من غير المفيد النقاش على طريقةِ أيّهما أولاً أو أيهماً شرطاً لحصول الآخَر. نحن ملتزمون بالأمرين، إخراج إسرائيل من أرضنا وأن توقف اعتداءاتها، وفي الوقت نفسه بسْط الدولة سيطرتها على كامل أراضيها، وهذان معاً. وتالياً مَن يقُل لنا: إذا لم تجرِّدوا «حزب الله» من كامل سلاحه، فاسرائيل باقية على رأسكم، فهو لا يراعي الواقع اللبناني ولا موقفنا الحقيقي الذي يجعل المّهمتيْن متلازمتين وذلك بغضّ النظر عن أيهما ذريعة للأخرى أو شَرْطاً لها”.

وأوضح ردا على سؤال أن “أحد أهداف زيارة الرئيس محمود عباس ترسيخُ السلام اللبناني – الفلسطيني الذي يشترط معالجةَ قضية سلاح المخيمات. وقد لا تكون للسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير بقيادة أبو مازن القدرة العسكرية على جمْع السلاح داخل كل المخيمات، لأن لا سلطة لها على أطراف فلسطينيين عدة، لكن الموقف السياسي العلَني الذي يقول بالتزام الممثل الشرعي للفلسطينيين بمساعدة لبنان على أن تبسط دولتُه سلطَتها على المخيمات الفلسطينية ليس أمراً عابراً. قد لا يكون بقوة ذاته ضمانةً لسحْب السلاح في 24 ساعة، ولكنه سيشكّل خطوةً كبيرةً على هذا الطريق لأنه يسلّح لبنان بموقف سياسي مهمّ، هو الذي نصّ البيانُ الوزاري لحكومته على بسْط سلطة الدولة على كامل أراضيها، أي بما في ذلك المخيمات الفلسطينية”.

وبالنسبة إلى لقاء الرئيس سلام بسفراء دول مجلس التعاون تمهيداً لموسم الصيف، لفت إلى أن ” المطالبات للبنان عملية، تتم تلبيتها واحدة تلو الأخرى. من ضمان أمن المطار وطريقه، وأجهزة سكانر في المرفأ وغيرها. وكانت هناك نحو 10 شروط أمنية استجابَ لها لبنان، وهذا ما أثار اطمئناناً كافياً لدى أشقائنا الإماراتيين للعودة عن قرار حظر السفر. حتى الآن لم ترفع المملكة العربية السعودية الحظرَ عن مجيء رعاياها الى لبنان، ولا أعرف إذا كان يمكن أن تتّخذ مثل هذا القرار قريباً أو لا، لكن الحكومة قامت بخطوات متقدمة في اتجاه طمأنة الإخوة الخليجيين للمجيء إلى ربوع بلدنا، ولا أعتقد أن دول الخليج تشترط نزع سلاح حزب الله حتى آخر بندقية قبل أن يأتي مواطنوها إلى لبنان”.

سئل:   هل تشعربعد مئة يوم ويومين على ولادة الحكومة، بأنها عاشتْ لحظات حلم أو وَهْمٍ بإمكان الإنجاز واستعادة الثقة ودعْم الخارج بأسرع مما يحصل؟

أجاب:”أعتقد أنني في هذا الجواب أتحدّث باسمِ أكثر من وزير في الحكومة، وأقلّه أقول عن نفسي، إنه لم تكن لدينا أحلام ولا أوهام بل توقّعاتٌ كانت تقوم على فرضيتين: أن فئةً واسعة من الشعب اللبناني تؤيّدنا وأن لنا رصيداً شعبياً ومعنوياً لديها وأننا سنُعطى فرصةً كي نُنْجِز. وأن الأشقاء العرب والأصدقاء في العالم سيدعموننا من اليوم الأول. كنا ندرك بطبيعة الحال أن مؤسسات الدولة ضعيفة ومفكَّكة وأن الأزمة المالية والاقتصادية أوقعت لبنان في حفرة سحيقة وأن انتشالَه منها ليس سهلاً، وأن إخراج اسرائيل من أرضنا لن يكون أمراً يسيراً، كل هذا كنا نعرفه، لكن كان يغلب عليه تَوَقُّعنا بأن الرصيد الداخلي والخارجي للحكومة كبير وأن هذا قابل لأن يتحوّل استثمارً سياسيًا فاعلًا”.

أضاف:”هنا ربما جاءت توقّعاتنا مرتفعة، وربما كانت أكبر لدى الناس. ومَن ينتقدوننا الآن، ويسألوننا ماذا فعلتم بهذا الملف أو ذاك، من مسألة الرواتب والأجور إلى المساعدات الخارجية، يفعلون ذلك بسبب هذه التوقعات المرتفعة. منذ ولادة الحكومة وعلى امتداد الـ 100 يوم باشرْنا بالإصلاح على صعد عدة، من الإدارة”من فوق” عبر الحرص على تعييناتٍ أفضل ووفق آلية تُراعي معايير الكفاءة والنزاهة، و”من تحت” حيث تعمل لجنة وزارية على تحديد سُبل تطوير القطاع العام وتحديثه. وأنجزْنا مشروعَ قانون تعزيز استقلالية القضاء ونتمنى أن يقرّه البرلمان، وسِرْنا بالعناوين المالية الثلاثة المتلازمة، من قانون رفع السرية المصرفية الذي أُقرّ، مروراً بمشروع قانون إصلاح وضْع المصارف وإعادة تنظيمها الذي يُبحث في مجلس النواب حالياً، ويَبقى قانون الانتظام المالي المتعلّق بالفجوة المالية وتوزيع الخسائر، ونحن مستعدون للمباشرة فيه، ولكن بانتظارِ أن نرى مصير مشروع إصلاح المصارف”.

أما في ملف النازحين السوريين وفي ما خص الدعوات في لبنان لإعادتهم فوراً وكثرة اقتراحات القوانين التي يَعتقد أصحابها أنها تيسّر هذه العودة، فأكد أن “الحكومة شكلت منذ اليوم الأول لجنة وزارية تجتمع اسبوعياً، ولدينا خطة تكتمل ملامحها، وقريباً سنناقشها مع الجانب السوري. إذ صحيح أن سوريا لن تمنع عودة مواطنيها، لكننا نريد من سلطاتها أن تسهّل هذه العودة، فلا تكون ضدّ إرادة الحكومة السورية، وأعتقد أن دمشق ستكون في موقع المسهّل وسنعمل على ذلك. علماً أن هذا يتطلّب جهوداً على أكثر من مستوى خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية المأسوية في سوريا. هناك مؤسسات دولية وربما دول عليها أن تساعد السوريين العائدين من لبنان داخل سوريا، لاسيما أن بقاءهم في لبنان بات دافِعُه اقتصادياً أكثر منه سياسياً أو أمنياً أو بفعل خوفٍ على أنفسهم كما كان عليه حالهم إبان الحُكْم البائد”.

أضاف:”تالياً نسعى للتوفيق بين تأمين العودة السريعة للنازحين وبين جهودٍ ستبذلها الجهات المانحة العربية والوكالات التابعة للأمم المتحدة لمساعدة السوريين على الاستقرار في بلدهم، وعلى أن يَعمل لبنان مع الوكالات الأممية على أن تساعدهم الأخيرة في مصاريف الانتقال. ونحن منكبّون على تفاصيل الخطة على أن يبدأ التنفيذ وعودة عدد من السوريين خلال أسابيع، علماً أن رفْعَ العقوبات الأميركية عن سوريا سيساعد في هذا المجال”.

وفي ما يتعلق بالانتخابات البلدية والاختيارية فقال:”أَجْرَتْ الحكومة الانتخابات البلدية والاختيارية في جولاتها الثلاث، ومن المقرّر أن تكون الجولة الرابعة والأخيرة، في محافظتي الجنوب والنبطية يوم السبت المقبل. وقامت بدورها لإجراء هذا الاستحقاق في موعده، والأمر ليس مدعاة للتفاخر بل من الطبيعي أن تُجْري الحكومةُ تلك الانتخابات وأي انتخاباتٍ في موعدها. هي سهرتْ على أمن العملية الانتخابية وحافظت على حياديتها، وهذه أمور طبيعية بالنسبة لأي حكومةٍ تَحترم نفسَها. لكن التعاطي معها على أنها من باب الإنجازات الكبرى مردهّ إلى أن ممارساتنا في الماضي لم تكن طبيعية”.

تابع:”كمواطنٍ يُراوِدُني أمر استوقَفَني خلال الانتخابات البلدية والاختيارية وهو أن العائلات تصرّفتْ وكأنها أحزاب، والأحزاب تصرّفت وكأنها طوائف، وتالياً في ظل هذا الوضع، فإن السؤالَ الذي يَطرح نفسه: هل اللامركزية الإدارية الموسّعة التي نلتزم تحقيقها أصيبت بنكسة أم أن الفرصةَ أمامَها أصبحت أكبر؟”.

ولاحظ متري أنه “خلال ما حصل على مدى أسابيع الانتخابات لَمَسْنا إلى أي مستوى يمكن أن تنزلق السياسات المحلية، والمدى الذي قد تبلغه العَصَبيات لجهة تَعَمُّق حِدَّتها ووصولها إلى حَدِّ الانفجار أحياناً، رغم أنه ينبغي أن تكون الانتخابات المحلية فرصةً لخفْض مستوى تلك العصبيات في حال وجودها”.

وقال:”ما حصل يُقْلِقُني ويَدفعني إلى التساؤل عما إذا كان من شأن ما حصل أن يُيَسِّرَ عمليةَ إنشاءِ سلطاتٍ محلية تُعنى بإنماء المناطق ولا تَصرف طاقتَها وأموالَها على الكيْد والمنافسة والشتائم وتَبادُل الاتهامات”.

وبالنسبة إلى الخشية من أن يُفهم كلامه على أنه غير متحمّس للامركزية الإدارية الموسّعة أوضح أنه معها، وقال:” لكنني أخشى عليها من هذه الظواهر”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى