“إسرائيل” تستعجل التدخّل الأميركي: قمنا بما علينا!

كتبت الأخبار:
بينما تَدخل المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران يومها السابع، تبدو الصورة أكثر وضوحاً؛ إذ ليس ما يجري مجرد عملية تستهدف قدرات محدّدة لدى إيران لمنعها من تهديد إسرائيل في المستقبل القريب، كما ادُّعي في البداية، بل هو مواجهة إستراتيجية قد تحدّد مستقبل الشرق الأوسط، وموازين القوى فيه لعقود مقبلة.
ورغم أن إسرائيل تتبجّح بنجاحات تزعم تحقيقها في إيران، فإنها، وللمفارقة، لا تخفي ما يقلقها حقاً؛ ومفاده أنه لا يمكنها بمفردها بلوغ الهدف الحقيقي والإستراتيجي المعلَن من الحرب، وهو تدمير المشروع النووي الإيراني بشكل كامل. حتى الآن، أظهر الجيش الإسرائيلي قدرات عسكرية واستخباراتية، خاصة في الضربة الافتتاحية، إلا أنه ما يزال بعيداً من ضرب أهمّ هدف إستراتيجي من منظور إسرائيلي، أي منشأة «فوردو» النووية، التي تقبع تحت طبقات سميكة من الأرض والصخور، ولا يمكن ادّعاء النصر من دون تدميرها.
في المقابل، تدرك الولايات المتحدة، التي أرسلت، أخيراً، مساعدات عسكرية لتعزيز الدفاعات الإسرائيلية بوجه الضربات الإيرانية المتواصلة، مشكلة النقص الحاد في الذخائر الدفاعية الحيوية لدى إسرائيل – وخصوصاً صواريخ منظومة «حيتس» بأنواعها – (وفقاً لما كشفته مصادر استخبارية أميركية لوسائل الإعلام)، والذي يضغط على صاحب القرار العسكري والإستراتيجي الإسرائيلي، للإلحاح على واشنطن بالتدخل المباشر.
لكن الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب، تبقى متردّدة في الانخراط الكامل في الحرب، وذلك لوجود حسابات سياسية معقدة، ومخاوف من الدخول في نزاع طويل الأمد لا يمكن التنبؤ بنتائجه. ورغم ما تقدّم، لا يستبعد البعض في واشنطن وتل أبيب، احتمال التحرك الأميركي المباشر، «إذا توافرت الشروط المناسبة».
على أيّ حال، فإن الوقت يداهم الجميع: إسرائيل، الولايات المتحدة، وحتى إيران، التي تواجه ضربات غير مسبوقة على جبهتها الداخلية، من دون أن يشلّها ذلك عن الاستمرار في توجيه ضربات «ردّية» صاروخية. وهنا، يبرز تجاذب بين خيارين لدى الطرف المعادي الذي ابتدأ الحرب: الاكتفاء بما تَحقق حتى الآن، مع المخاطرة بأن يفقد «الإنجاز» قيمته في المستقبل القريب، أو المضيّ قُدُماً نحو إنهاء المشروع النووي الإيراني بشكل كامل، وربما أيضاً إنهاء النظام الإيراني نفسه في حال تهيّأت الظروف، وهو أمر لا يمكن إسرائيل بلوغه من دون دعم أميركي مباشر. وفي هذا الإطار، يحذر الخبراء العسكريون والأمنيون في تل أبيب من أنه إذا لم تتبلور «نهاية إستراتيجية» لهذه الحرب، وإذا لم تُدمر البنية النووية الإيرانية بشكل نهائي، فإن إيران ستكون لديها قنبلة نووية في أقل من عام.
ويُعيد احتمال وقوع فشل كهذا، أو في أحسن الأحوال الوقوف عند نجاح نسبي، إلى الواجهة كلام رئيس «الموساد» السابق، مائير داغان، قبل 14 عاماً، إذ قال إن أي تدخل عسكري إسرائيلي ضد إيران سيكون بمنزلة الذريعة التي تحتاجها طهران لإعادة تشغيل مشروعها النووي بجدية أكبر. فهل يتحقّق مضمون هذا التحذير الآن؟ الواقع أن الضربات الإسرائيلية، ورغم أنها ألحقت أضراراً بالمشروع النووي الإيراني، فإنها قد تُستخدم بالفعل مبرّراً لتسريع العمل نحو تصنيع القنبلة النووية، في اليوم الذي يلي الحرب.
ومن هنا، يحذر الكثيرون في إسرائيل من أن المضيّ قُدُماً من دون دعم أميركي مباشر، ومن غير خطة سياسية واضحة، ونقطة خروج من الحرب من شأنها ترجمة «الإنجازات» الموضعية إلى نجاحات على المدى الطويل، على رأسها تكبيل إيران وتهديداتها وقدرتها على ترميم نفسها، قد يؤدي – مهما كانت درجة الأذية التي ستلحق بإيران – إلى سيناريو كارثي بالنسبة إلى إسرائيل.
بناءً على ما تقدّم، تبقى الأنظار شاخصة نحو واشنطن، بعد أن قالت تل أبيب كلمتها، وأفهمت حليفتها بأنها غير قادرة على تحقيق الهدف الإستراتيجي الوحيد الذي تسعى إليه، وهو إجبار إيران على الجلوس صاغرة إلى طاولة المفاوضات لتوقيع وثيقة استسلام شاملة. فهل تقرر الولايات المتحدة التدخل؟ القرار ليس سهلاً، وهو محفوف بالمخاطر، خاصة أن القدرة الإيرانية على الرد على المصالح الأميركية، وما يتصل بها في المنطقة، ستكون بلا حدود في حال اختارت واشنطن الانخراط مباشرة في الحرب. ومع ذلك، تبقى شهية الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لتحقيق انتصار كاسح في هذه المعركة، بلا أثمان، في ذروتها.