لبنان

تراجع التفاؤل بهدنة قريبة.. العدو متمسّك باحتلال ثُلث غزّة

كتبت الأخبار:

على الرغم من المحاولات المستمرّة من مختلف الأطراف، خلال الأيام الماضية، لبثّ الأجواء الإيجابية والتفاؤلية حول المفاوضات الجارية بين العدو الإسرائيلي وحركة «حماس»، بوساطة قطر ومصر، ورعاية الولايات المتحدة، كشفت وسائل إعلام عبرية عن تعثّر واضح في مسار التفاوض في شأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط خلافات حادّة بين الأطراف، وقلق متزايد داخل الحكومة الإسرائيلية من «ضياع الفرصة».

وأكّدت مصادر مطّلعة، لقناة «كان» العبرية، أنّ «المفاوضات لم تحرز أيّ تقدّم يُذكر»، مشيرة إلى وجود «خلافات جوهرية»، وتحديداً في شأن خريطة انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، وهو ما يعرقل مسار التوصّل إلى اتفاق. وقال مصدر قطري متابع، بدوره، إنّ «الوضع معقّد للغاية»، لافتاً إلى أنّه «لا توجد أيّ اتفاقات حتى الآن، وقد يستغرق الأمر بضعة أيام إضافية».

ويتّسق هذا الكلام مع التصريحات والتعليقات الأميركية في اليومين الأخيرين، والتي انتقلت من الحديث عن اتفاق خلال أيام قليلة، إلى اتفاق خلال أسبوع أو أسبوعين.

كذلك، نقلت القناة نفسها عن مصدر فلسطيني مشارك في المفاوضات، قوله إنّ «الفجوات لا تزال كبيرة، على الرغم من محاولات الإيحاء بوجود تقدّم»، وإنّ «المفاوضات تشهد تقدّماً بطيئاً جداً، وكأننا نتقدّم خطوة ونتراجع خطوتين».

ووفق المصدر، فإنّ النقطة الأكثر تعقيداً حالياً تتعلّق بإصرار إسرائيل على «الاحتفاظ بما يقارب 35% من مساحة القطاع تحت سيطرتها»، وهو ما ترفضه حركة «حماس» بشكل قاطع. أمّا في ما يخصّ المساعدات الإنسانية، فقد جرى تسجيل تقارب نسبي بين الطرفين، لكن من دون التوصّل إلى تفاهم نهائي.

وفي موازاة ذلك، عبّر مسؤولون إسرائيليون كبار عن قلقهم من فشل المسار التفاوضي، معتبرين أنّ «القطار بات قريباً من محطة الاتفاق ولا يجوز السماح له بالخروج عن مساره».

وأفاد مراسل «القناة 12»، يارون أبراهام، بأنّ هؤلاء المسؤولين نقلوا هذا التحذير إلى المستوى السياسي في الأيام الماضية، مشيرين إلى أنّ «الفرصة الحالية قد تكون الأخيرة». وفي السياق نفسه، حذّر مسؤول أميركي كبير، خلال لقائه عائلات الأسرى الإسرائيليين، من «العبث بالصفقة»، في إشارة واضحة إلى الدور الذي قد يلعبه رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وحلفاؤه في اليمين المتطرّف، في تعطيل المفاوضات، فيما نقل موقع «واللا» عن وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، تفاؤله بإمكانية التوصّل إلى «اتفاق قريب»، وتأكيده أنّ الموفد الأميركي، ستيف ويتكوف، سيجري محادثات مكثّفة مع الجانبين، وأنه يعتزم السفر إلى الدوحة قريباً لبدء «مفاوضات تتعلق بإنهاء الحرب».

وكان نتنياهو أعلن، في ختام زيارته إلى واشنطن، أن «مفاوضات إنهاء الحرب ستبدأ فور سريان الهدنة»، مشدّداً على أنّ وقف إطلاق النار الدائم مرهون بـ«تحقيق الحد الأدنى من الشروط الإسرائيلية»، والتي تشمل نزع سلاح «حماس» وتفكيك قدراتها العسكرية والسلطوية.

وقال: «إذا لم يتم تحقيق هذه الشروط عبر المفاوضات، فإنّ إسرائيل ستستخدم القوة اللازمة لتحقيقها»، مستشهداً بالتجربة الإيرانية مع الولايات المتحدة، وكيف هاجمت إسرائيل، إيران، بعد انتهاء مهلة الـ60 يوماً التفاوضية.

وفي ما يتعلّق بصفقة التبادل، أوضح نتنياهو أنّ تحديد هوية الأسرى المُفرج عنهم ليس بيد الحكومة الإسرائيلية بشكل كامل، بل «حماس» هي من ستحدد هويات الأسرى، مدافعاً بأنّ هناك رغبة في إطلاق سراح الجميع دفعة واحدة، لكن الواقع «يفرض الإفراج عنهم على مرحلتين».

وتعليقاً على ذلك، أصدرت حركة «حماس» بياناً رأت فيه أن «تصريحات نتنياهو تؤكّد النوايا الخبيثة والسيئة» في «وضعه العراقيل أمام التوصّل إلى اتفاق»، مذكّرة بأن «الحركة عرضت في وقت سابق التوصّل إلى صفقة تبادل شاملة، يتمّ خلالها الإفراج عن جميع الأسرى دفعةً واحدة (…) لكنّ نتنياهو رفض هذا العرض في حينه، ولا يزال يراوغ ويضع المزيد من العراقيل».

وأكّدت «حماس» أنها «تواصل تعاملها الإيجابي والمسؤول في المفاوضات، للتوصّل إلى اتفاق يُفضي إلى وقف العدوان، وانسحاب جيش الاحتلال، وتدفّق المساعدات من دون عوائق».

وتأتي هذه التطورات في وقت يحاول فيه نتنياهو تفادي انفجار «أزمة ائتلافية»، على خلفية المفاوضات حول مستقبل الحرب على غزة، إذ نقلت قناة «كان» أنّ رئيس الوزراء يجري مشاورات مستمرة مع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، في محاولة «لمنعه من تفكيك الحكومة بسبب اعتراضاته على الصفقة المرتقبة». وأفادت مصادر القناة بأنّ «نتنياهو يخشى انسحاباً مفاجئاً من الحكومة قد يقود إلى أزمة حكم»، خصوصاً أنّ زعيم حزب «عوتسما يهوديت»، الوزير إيتمار بن غفير، يلوّح بالخروج من الائتلاف أيضاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى