لبنان

رسالة أمنية لِمَن يعنيهم الأمر: “ما تاخدوا ريق حلو”!

كتب عماد مرمل في الجمهورية: 

فرضت تصريحات الموفد الأميركي توم برّاك حول احتمال ضمّ لبنان إلى بلاد الشام إذا لم يتحرّك سريعاً، إيقاعها الثقيل الوطأة على الساحة الداخلية التي انشغلت بتحليل أبعاد هذا التحذير ودلالاته، بالترافق مع ظهور إشارات بدت قابلة للتأويل في الجانب المتصل بالواقع الأمني.

ليس خافياً أنّ «قنبلة» برّاك صدمت البعض ممَّن كانوا قد استبشروا خيراً به وفضّلوه على الموفدة الأميركية السابقة مورغان أورتاغوس التي عُرف عنها بأنّها فجّة وعدوانية، قبل أن يكتشف هؤلاء أنّ «القفازات الحريرية» لموفد واشنطن تُخفي في «بطانتها» مقصّاً قد يُستخدم عند الضرورة الأميركية لتمزيق الجغرافيا الحالية!

وإذا كان برّاك قد حاول لاحقاً «ترقيع» تصريحاته وتوضيح حقيقة مقاصده منها بخلاف معناها الظاهر، إلّا أنّ محاولة الإستدراك هذه لم تكن كافية لطمأنة الشريحة الأوسع من اللبنانيِّين التي استشعرت في الموقف الأول و«الخام» لبرّاك خطراً وجودياً، لم تنجح عملية التصحيح اللاحقة في احتوائه أو لجمه.

وما عزّز عوارض القلق، هو أنّ ما أدلى به برّاك لم يأتِ من فراغ بل سبقه كلام من هنا عن مشروع لضمّ طرابلس إلى سوريا تعويضاً عن الجولان، وتلميحاً من هناك إلى إمكان تلزيم لبنان لسوريا الشرع إذا استعصت معالجة أزمته على القوى الدولية والإقليمية التي تتولى ملفه حالياً.

وعلى وقع هذه الموجة من التهويل بإعادة رسم الخرائط وترسيم الحدود للضغط على الدولة اللبنانية و«حزب الله» في قضية السلاح، إرتفع منسوب المخاوف الأمنية وكَثُرَت الإشاعات حول خلايا إرهابية استعادت نشاطها، وتحرّكات مُريبة على الحدود اللبنانية – السورية، ما دفع قيادة الجيش إلى نفي ما يتمّ تداوله على عدد من مواقع التواصل الاجتماعي، حول دخول مسلّحين إلى لبنان وانسحاب الجيش من مناطق حدودية في البقاع، مؤكّدةً أنّ الوحدات العسكرية المعنية تُواصل تنفيذ مهمّاتها الاعتيادية لضبط الحدود اللبنانية – السورية، في موازاة متابعة الوضع الأمني في الداخل لمنع أي مساس بالأمن والاستقرار.

كذلك، فإنّ توقيف عدد من الأشخاص الذين كانوا يؤدّون تدريبات عسكرية في جرود إحدى بلدات المتن الأعلى، فتح الباب أمام ترويج سيناريوهات بوليسية عدة، قبل أن يتبيّن بموجب التحقيقات الأولية أنّ الموقوفين وعددهم 10 (8 لبنانيِّين وفلسطينيَّين اثنَين) ليسوا على صلة بتنظيم «داعش» ولم يكونوا في صدد التخطيط لتنفيذ أي عمليات إرهابية، بل هم يتبعون، وفق المعلومات، إلى أحد التنظيمات اللبنانية.

وتؤكّد مصادر أمنية واسعة الإطلاع لـ«الجمهورية»، أنّ الضغوط السياسية المتصاعدة التي يتعرّض لها لبنان، لم تنعكس بعد مخاطر أمنية جدّية على الأرض، من دون أن يعني ذلك إبداء أي تهاون أو تساهل في مراقبة الوضع وملاحقة كل مَن يمكن أن يشكّل تهديداً للاستقرار الداخلي.

وتشير المصادر إلى أنّ الجيش كثّف خلال الأيام الأخيرة وتيرة دهم مخيّمات السوريِّين وتجمّعاتهم، بغية ضبط المخالفين للقوانين المرعية الإجراء، ومن ثم التدقيق في ما إذا كان لديهم أي ارتباط بخلايا إرهابية، بالإضافة إلى الدفع في اتجاه حضّ النازحين على العودة إلى بلادهم عقب انتفاء أسباب بقائهم.

وتضيف المصادر: «لاحظنا في الآونة الأخيرة شيئاً من التفلّت لدى جزء من النازحين السوريِّين، ما استدعى تشدّداً في مواجهته، أولاً لضبطه قبل أن يتفاقم، وثانياً حتى لا يظنّ أحد في مخيّمات النزوح أنّه يستطيع بعد تغيير النظام أن يأخذ «ريق حلو» ويرتاح على وضعه زيادة عن اللزوم والمسموح».

وتلفت المصادر إلى أنّه تمّ خلال الدهم، توقيف عدد من السوريين غير القانونيين الذين رُحِّلوا من لبنان على الفور.

وتدعو المصادر الجهات الرسمية اللبنانية إلى اتخاذ التدابير اللازمة لتسليم الموقوفين السوريِّين، الذين لم يتورّطوا في تنفيذ عمليات إرهابية وسفك دم عناصر الجيش، إلى دمشق في أقصر وقت ممكن. مشيرةً إلى أنّ السوريِّين يُشكّلون نسبة كبيرة من مجمل عدد الموقوفين لدى المخابرات والأجهزة الأمنية، ما يُرتّب أعباء كبيرة على كل المستويات.

وتعتبر المصادر أنّه يجب تريِيح السجون من السوريِّين أصحاب الارتكابات غير الخطرة كالمخدّرات والسرقات، مشدّدةً على وجوب إيجاد المخارج القانونية الضرورية لمعالجة هذا الملف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى