لبنان

ديوان المحاسبة يُسائل وزارة الأشغال: تلزيمات مخالِفة لقانون الشراء العام

كتبت ندى أيوب في الأخبار: 

رفض ديوان المحاسبة نحو 12 معاملة تتعلّق بمشاريع ومناقصات تلزيم أشغال صيانة وتأهيل مخالِفة لقانون الشراء العام، كانت وزارة الأشغال العامة والنقل قد أحالتها إليه خلال الأشهر الماضية.

ووجّه رئيس الغرفة الثانية في ديوان المحاسبة القاضي عبد الرضا ناصر، في 17 تموز الجاري، مذكّرة (حصلت «الأخبار» على نسخة منها) إلى وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني، تُبيّن مكامن المخالفات القانونية في عدد من ملفات التلزيم وعمليات الشراء العام المُقدّمة من الوزارة.

المذكّرة انطلقت من مخالفة المادة 12 من قانون الشراء العام، التي تنصّ على وجوب ألّا تقلّ مدة الإعلان عن مشروع الشراء عن 21 يوماً من الموعد الأقصى لتقديم العروض، مع إمكان تقليص المهلة إلى 15 يوماً في حالات استثنائية، شرط أن تُصدر الجهة الشارية (أي الوزارة) قراراً مُعلّلاً يشرح طبيعة هذه الظروف، ويُدوّن ذلك في سجلّ إجراءات الشراء، وفقاً للمادة 9 من القانون نفسه.

ولفت الديوان إلى أن المادة 12 تشترط أيضاً عدم احتساب يوم نشر الإعلان ضمن مهلة تقديم العروض، وأنه إذا صادف اليوم الأخير من المهلة عطلة رسمية أو حالة تعطيل قسري، تُمدَّد المهلة تلقائياً إلى أول يوم عمل يلي التعطيل، من دون الحاجة إلى إعلان مُسبق.

وتلقّى الديوان، في إطار ممارسته للرقابة المُسبقة، عدداً من المعاملات المتعلقة بمشاريع تلزيم، تبيّن له عند دراستها أنّها لا تتقيّد بمهلة الإعلان المنصوص عليها في المادة 12 قبل موعد جلسة فضّ العروض.

وأورد الديوان في مذكّرته مجموعة من هذه المعاملات المخالِفة، أبرزها: مشروع تلزيم أشغال تأهيل وصيانة 10 طرق في بلدتَي سحمر ومشغرة، مشروع تلزيم أشغال تأهيل وصيانة خمسة طرق في علمات ومزرعة السياد وعرب اللقلوق وأدونيس وسنور في قضاء جبيل، مناقصة عمومية لتلزيم أشغال تأهيل وصيانة الطريق الدولي سرعين التحتا – سرعين الفوقا – النبي شيت، مناقصة عمومية لتلزيم أشغال تأهيل وصيانة قصر عدل بعبدا، مناقصتان لتلزيم أشغال تأهيل وصيانة مرفأَي عين المريسة وعدلون، ومناقصة لتلزيم أشغال ضرورية في سراي صيدا الحكومي.

ولفت الديوان إلى أنّ المهل المحدّدة في قانون الشراء العام للإعلان عن المناقصات ليست تفصيلاً إجرائياً، بل تُعدّ من الضمانات الأساسية لـ«عدم التمييز بين العارضين الراغبين في المشاركة، من خلال معاملتهم بشكل عادل ومتساوٍ وعلني ونزيه»، وأن الإخلال بهذه المهلة يمسّ بـ«النظام العام القانوني».

فالمهلة الأدنى (21 يوماً، أو 15 يوماً في حالات استثنائية ومعلَّلة) تتيح للعارضين الوقت الكافي لإعداد ملفاتهم بشكل مدروس، وتالياً ضمان التنافسية الفعلية. أما تقليص المهلة بصورة متكرّرة وغير مبرّرة، فقد يؤدّي إلى إحجام عدد كبير من المتنافسين المحتملين، ويُثير، بحسب وصف الديوان، شبهات حول «خلفيات هذا التصرّف غير المألوف وغير المفهوم».

وكان القاضي ناصر، بصفته رئيس الغرفة المختصة في ديوان المحاسبة، قد طلب من وزارة الأشغال استرداد المعاملات المرفوضة وإعادة تلزيمها وفقاً للأصول. وقد استجابت الوزارة جزئياً، إذ استردّت بعض هذه المعاملات، من دون أن تُرسل حتى الآن ملفات بديلة، فيما أبقت على معاملات أخرى من دون استرداد. وفي الحالتين، لا تزال المشاريع معلّقة.

ولفتت المذكّرة إلى أنّ الغرفة كانت تنبّه، في كل مرّة تردّ فيها معاملات مماثلة، إلى أنّ «الخلل في مهلة الإعلان عن التلزيم في العديد من الملفات، من شأنه أن يؤدّي إلى تعطيل المشاريع أو تأخيرها، وانعكاس ذلك سلباً على مصالح الناس».

كذلك توقّف الديوان عند تجزيء اليوم الأخير من مهلة الإعلان (اليوم الخامس عشر) إلى فترتين زمنيتين في عدة معاملات، مثلاً: الموعد النهائي لتقديم العروض كان في 20/12/2024 الساعة 9 صباحاً، في حين كانت جلسة فتح العروض (التلزيم) في اليوم نفسه الساعة 10 صباحاً. وهذا ما دفع الديوان إلى التساؤل: «هل يُحتسب اليوم الخامس عشر ضمن فترة تقديم العروض أم ضمن مرحلة فتح العروض وإعلان النتيجة؟».

ونظراً إلى غياب أي نص قانوني واضح يُحدّد ما إذا كانت مهلة الإعلان 14 يوماً كاملة إضافة إلى ساعة واحدة من اليوم الخامس عشر، طلب الديوان من وزير الأشغال تزويده بنص قانوني يوضح هذا الاجتهاد.

وأكّدت المذكّرة أنّ «توصيات الديوان المتكررة لم تُؤخذ في الاعتبار من قِبل الموظفين المعنيين في وزارة الأشغال، ما أدّى إلى استمرار الخلل غير المفهوم».

بناءً عليه، يطلب الديوان من وزير الأشغال التدقيق في الملفات التي رفضتها الغرفة الثانية، وإفادته بالنتيجة خلال أسبوعين من تاريخ تسلّم المذكّرة.

وتعهّد الديوان بأنه في حال ثبوت وجود تغاضٍ متعمّد من موظفي الوزارة عن الملاحظات، ومخالفة قانون الشراء العام بشأن مهل الإعلان، سيُحوِّل هؤلاء الموظفين إلى رقابته القضائية، استناداً إلى المادتين 60 و61 من تنظيم الديوان، بالإضافة إلى البندين الثاني والثالث من المادة 112 من قانون الشراء العام التي تنصّ على معاقبة المخالفين لأحكامه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى