لبنان

تجميد حساب “OSS” يحرم الخزينة من الإيرادات.. القمار الإلكتروني: هل يصحّح شعيتو أخطاء المسار القضائي؟

كتبت ندى أيوب في الأخبار: 

في جديد تطورات التحقيق في ملف القمار الإلكتروني، علمت «الأخبار» أنّ القاضية دورا الخازن، وأثناء ممارسة مهامّ المدّعي العام المالي بالإنابة (قبل أن يتسلّم القاضي ماهر شعيتو الموقع بالأصالة منذ ثلاثة أيام)، كانت طلبت من هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان، عبر النيابة العامة التمييزية، تجميد حسابات رئيس مجلس إدارة كازينو لبنان رولان خوري وزوجته وأولاده، وكذلك حسابات شركة «Olive Support System «OSS (التي تعاقد معها الكازينو لتشغيل منصّات الميسر والمراهنات أونلاين)، ومديرَي الشركة جاد غاريوس وداني عبود، وحسابات شركة «Intersektion (Holding) S.A.L»، التي كانت تملك الحصّة الكبرى في «OSS» قبل بيع الأسهم لرجل الأعمال سركيس سركيس.

وبما أن عمليات لعب الميسر والمراهنات الرياضية لا تزال مستمرة عبر منصّة «BetArabia»، فإنّ الإيرادات الناجمة عنها تدخل إلى حساب شركة «OSS». وبالتالي، فإن تجميد حسابات الشركة سيحول دون تسديد حصتَيْ كازينو لبنان ووزارة المالية، ودفع المبالغ اللازمة لتشغيل المنصّة نفسها، إضافة إلى الحصة العائدة للعملاء المتعاقدين مع «BetArabia».

ونتيجة لذلك، فإن خزينة الدولة التي كانت في الفترة الماضية تحصل على مبالغ مالية أقلّ من حجم الإيرادات المُستحقّ لها من قطاع القمار «أونلاين»، ستُحرم حتى من هذه الإيرادات ما دام القرار ساري المفعول.

على مقلبٍ آخر، بدا لافتاً أن الخازن كانت إلى ما قبل أيام قليلة – تاريخ تسلّم شعيتو مهامّ المدعي العام المالي – لا تزال تحتفظ بجزء أساسي من الملف، رغم إحالته إلى قاضي التحقيق في جبل لبنان طارق بو نصّار. وهو الجزء المتمثّل بتقرير ثلاثة خبراء مُحاسبة كلّفتهم بوضع تقريرٍ يشمل المعطيات الأساسية للنظام المُحاسبي المعمول به بين «OSS» وكازينو لبنان.

ومن شأنه كشف ما إذا كانت جميع عمليات المُحاسبة بين كل الأطراف المعنية، أي «OSS» والكازينو والـ«Agents»، قد احترمت الأصول المُحاسبية، وأن الأرقام جميعها متوافرة مع تبيان مصدر الدخل.

ووفق المعلومات، صدر تقرير أولي عن خبراء المحاسبة الجمعة الفائت، وأُحيل إلى بو نصّار، ما سيُساعده على تكوين صورة مبدئية حول حقيقة الشكوك في حصول عمليات تبييض أموال، وأدوار المتورّطين فيها إن ثبت ذلك، ولا سيّما أنّ أصل التُّهم التي ادّعت فيها الخازن على خوري وغاريوس وعبود وآخرين من أصحاب الـ«Agents» المتعاملين مع«OSS»، هي جرائم مالية قائمة على تهمة التربّح غير الشرعي، أي من خارج النظام المحاسبي المُعتمد لتوزيع الإيرادات حسب الاتفاقيات الموضوعة بين وزارة المالية والكازينو و«OSS».

وبنتيجة التقرير، تُقدّر المصادر أن يصبح بو نصّار أكثر قدرةً على قبول أو رفض إخلاءات السبيل التي يُقدّمها وكلاء خوري وسواه من الموقوفين، وسط توقّعات بأن يختم بو نصّار التحقيق الثلاثاء المقبل ويُحوِّله إلى النيابة العامة للمُطالعة تمهيداً لإصدار القرار الظني.

ومن المتوقّع أيضاً بسبب حجم الملف والمناخ الذي تشكَّل حياله على مستوى الرأي العام، أن يكون إخلاء السبيل – إن حصل – بسند كفالة مالية عالية.

وفي هذا السياق، عُلم أنّ بو نصّار قَبِلَ إخلاء سبيل خمسة من الموقوفين الصغار (أصحاب الـ«Agents» ) في الملف بكفالات مرتفعة، إلّا أنّ الهيئة الاتهامية في جبل لبنان برئاسة القاضية كارول غصن أبقت على توقيفهم دون أي إجراء لمدة ثمانية أيام، بعد استئناف النيابة العامة قرارات إخلاء السبيل. وفي ساعات بعد ظهر أمس، تنحّت غصن عن النظر في ملف الكازينو ومتفرّعاته، مُعلّلة ذلك بقرابة تجمعها مع أحد الخبراء في الملف، مروان غنطوس. وبات على عاتق الرئيسة الأولى، ميرنا بيضا، نتيجة لذلك، الخروج بقرار يُمكن أن يؤدي إلى تعيين هيئة أخرى سريعاً لمتابعة الملف، والنظر في أوضاع الموقوفين.

في العادة يستكمل الجهاز المُكلّف (جهاز أمن الدولة في هذه الحالة) التحقيقات الأولية بإشارة المدعي العام، وعند صدور طلبات الإحالة، أي الادّعاء، يُحال الملف برمّته إلى قاضي التحقيق، لا جزء منه.

فالمرجع الذي يتسلّم الملف (في هذه الحالة بو نصّار) يُفترض أن يكون قادراً على ممارسة صلاحياته كاملةً، وإلّا فسيكون دوره مبتوراً.

وفي هذا السياق، بدا مستغرباً إعطاء الخازن إشارةً لأمن الدولة بالإبقاء على الملف مفتوحاً، بعد إحالته إلى بو نصّار.

كما يُستغرب طلبها الاستماع مجدّداً إلى بعض موظفي الـ IT في الكازينو قبل أيامٍ فقط، رغم عدم جواز ذلك إجرائياً، إذ إن أحد محاضر الملف مبنيّ على أساس تقريرٍ حول الداتا المرتبطة بالقمار عبر الإنترنت، المخزّنة على أجهزة داخل الكازينو. وكانت الخازن قد وجّهت بعض اتهاماتها إلى الموقوفين بناءً على هذا التقرير، الذي يندرج ضمن الجزء المُحال من الملف إلى بو نصّار، وبالتالي هو وحده من يحقّ له تقرير التوسّع في التحقيق واستدعاء الموظفين من جديد.

بالتوازي، يُشار إلى أنّ الخازن التي فتحت قضية القمار الإلكتروني في الكازينو لم تتوسّع في الملف بشكلٍ يطاول السوق السوداء. وحتى تاريخ تسلّم شعيتو مهامّه قبل ثلاثة أيام، لم تكن الخازن قد أجرت تحقيقاتٍ حول القمار غير الشرعي، ولم توقف إلّا مُشغّلِين مُوقِّعين اتفاقياتٍ مع «OSS» والكازينو.

الحاجة إلى إصلاح الخلل القائم ومحاسبة المرتكبين في الشقّ المتعلّق بتشغيل الكازينو للقمار الإلكتروني لا تُعفي المدّعية العامة، بحسب معنيين، من «واجب دخول الوكر الأكبر الذي نشأ في عام 2008، وتوسّع إلى حدّ التغلغل في كل منطقة وحيّ بشكلٍ غير شرعي، مُتفلّتاً من أي ضوابط ترعى عمله، ما يجعله مصدر خطر اجتماعي حقيقي». وهي في مثل هكذا خطوة «لم تكن بحاجة لا إلى إخبارٍ ولا إلى جهاتٍ تدفع باتجاه فتح ملف القمار غير الشرعي».

وينتظر هؤلاء أن تشكّل الأجواء المحيطة بالملف، والتي تؤشّر إلى «وجود مصالح وأهدافٍ لا تمتّ إلى الإصلاح والمحاسبة بصلة»، دافعاً للمدّعي العام المالي الجديد للعب دورٍ في إبعاد الملف عن أي تجاذباتٍ ومصالح قد يكون هدفها استبدال «الحارس»، وليس تصويب الخطأ من منبعه. والمغارة المُنتظر منه فتحها بالتوازي، هي مغارة السوق السوداء. تجدر الإشارة أخيراً إلى أنّ شعيتو له أن يُقرر متابعة الملف بنفسه أو أن يترك دوراً للخازن فيه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى