لبنان

السيد فضل الله: لمواجهة المشروع الإسرائيلي بالتكاتف وعلى الحكومة تجنّب جيوب المواطنين في الموازنة

ألقى العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين ومما جاء في خطبته السياسية:
“عباد الله أوصيكم وأوصي نفسي بوصيّة رسول الله (ص) عندما قال للمسلمين المؤمنين برسالته وبما جاء به ولنا جميعًا: كونوا أخوة بررة متحابين متواصلين متبادلين، لا تحاسَدُوا، ولا تباغَضُوا ولا تدابَرُوا ولا تقاطعوا، ولا يبِعْ بعضُكمْ المسلِمُ أخُو المسلِمِ، لا يَظلِمُهُ ولا يَخذُلُهُ، ولا يَحقِرُهُ… كلُّ المسلِمِ على المسلِمِ حرامٌ، دمُهُ، ومالُهُ، وعِرضُهُ…
فلنستوصي بوصيّة رسول الله (ص)، لنكون المجتمع الّذي أراده رسول الله (ص) مجتمع التّواصل والتّبادل والتّراحم، هو كالبنيان المرصوص يشدّ بعضه أزر بعض ويقوّي بعضه البعض الآخر ولا يبغ بعضه على بعض، وإذا كان من خلاف يحصل داخله فهو لا يطول بل سرعان ما يزول وتعود الأمور إلى مجاريها وبذلك يكون أقوى وقادرًا على مواجهة التّحديات”.
وتابع:”البداية من التّصعيد الإسرائيليّ الّذي شهدناه أخيرًا والّذي استهدف العديد من البلدات الجنوبيّة والّتي أدّت كما حصل في مدينة النّبطيّة إلى إصابة العديد من النّساء والأطفال وحتّى الأجنّة في بطون الأمّهات وفي استمرار عمليّات الاغتيال لمواطنين لبنانيّين فيما يتابع العدوّ منع أيّ مظهر للحياة في الحافّة الأماميّة وهو يهدف من وراء ذلك إلى مزيد من الضّغط على الدّولة اللّبنانيّة وعلى اللّبنانيّين للقبول بشروطه وتحقيق أهدافه الّتي يريدها من لبنان والّتي أصبح من الواضح أنّها تأتي ضمن إطار مشروعه المعلن منذ وجد هذا الكيان وهو إنشاء دولة إسرائيل الكبرى”.
ودعا “الدّولة اللّبنانية إلى القيام بالدّور المطلوب منها لمواجهة هذا التّحدي بأن ترفع صوتها في المحافل الدّولية والإسراع بما وعدت من استراتيجيّة أمن وطنيّ تستنفر فيها كلّ مواقع القوّة لديها على كلّ الصّعد حتّى يشعر معها اللّبنانيّون أنّهم باتوا أمام دولة يثقون بها وأنّها قادرة على حمايتهم”، كما دعا “اللّبنانيّين جميعًا بكلّ طوائفهم ومذاهبهم ومواقعهم إلى أن يكونوا أكثر وعيًا لمخاطر ما يجري على بلدهم من هذا العدوّ وأن يعوا أنّ هذا العدوّ لم يعمل ولن يعمل لمصلحة أحد وأنّه لن يكون لحساب أحد، فكلّ الوقائع الّتي جرت وتجري تؤكّد أنّه يسعى لتحقيق مشروعه الّذي يهدف للهيمنة ليس على لبنان فحسب بل على كلّ المنطقة ومقدّراتها”.
ووجه فضل الله الدعوة الى “الدّول العربيّة والإسلاميّة إلى أن ترتقي إلى مستوى التّحدّي الّذي يواجهها والّذي يتهدّد أمنها وسلامة دولها جميعًا، بعد أن تمادى العدوّ في حدود استهدافاته الّتي كانت تطاول فلسطين أو لبنان أو سوريا أو اليمن لتصل إلى دولة قطر وقد تصل إلى غيرها ممّا جاء على لسان قادته من دون أن يأخذ هذا العدوّ في الحسبان موقعها المحايد والوسيط ولوجود أكبر قاعدة أميركيّة فيها والضّمانات الأمنيّة والسّياسيّة الّتي تحظى بها”.
وقال:”لقد أصبح واضحًا أنّ مواجهة المشروع الّذي يعمل عليه العدوّ على صعيد المنطقة يدعو إلى التّكاتف وتضافر جهود هذا العالم لمواجهته نظرًا إلى القدرات الّتي يمتلكها والتّغطية الدّوليّة الّتي يحظى بها والّتي تجعله قادرًا على ارتكاب جرائم لا يردعه في ذلك ضمير أو قانون أو محاكم دوليّة أو احتجاجات أو تظاهرات تتحرّك يوميًّا في كلّ عواصم العالم، وعلى أن يضرب في كلّ مكان وأيّ موقع والّذي لا يمكن أن يواجه بالتّفرّق والانقسام الّذي نشهده. والعالم العربيّ والإسلاميّ ليس ضعيفًا بل هو يمتلك الكثير من القدرات والإمكانات الّتي إن استنفرها واستفاد منها قادر على منع هذا العدوّ من تحقيق أهدافه وحتّى إلحاق الهزيمة به “.
اضاف:”لقد كنّا ننتظر مع كلّ الشّعوب العربيّة والإسلاميّة أن يؤدّي ما حصل أخيرًا إلى هزّة داخل هذا العالم تدعو دوله إلى موقف بمستوى هذه الأخطار الّتي تواجهه ويشكّل رسالة قويّة لهذا الكيان ولكلّ داعميه… يجعلهم يفكّرون مليًّا قبل أيّ استهداف لأيّ بلد من بلدانه وإعادة النّظر بمشروعهم التّدميريّ لبلدان هذا العالم، لكن مع الأسف جاءت القرارات دون مستوى مواجهة هذا العدوان الاستفزازيّ الخطير الّذي فرض نفسه على المنطقة… واكتفى ببيانات إدانة واستنكار من دون أن يقوم بأيّ خطوة عمليّة يمكن الرّهان عليها لردع الكيان الصّهيونيّ… ما أكّد مجدّدًا صورة الضّعف الّتي يعيشها هذا العالم أمام التّحديات الّتي يواجهها، وشكّل بدوره دافعًا للكيان الصّهيونيّ لمواصلة عدوانه”.
واردف:”إنّنا أمام كلّ الّذي جرى، نعيد التّأكيد على أنّه ينبغي أن لا نعيش ما بات يعيشه الكثيرون من الإحباط واليأس، بل سنبقى نشعر بالأمل بأن يؤدّي الصّمود الّذي نشهده في كلّ السّاحات الّتي تواجه التّحدي والتّضحيات الجسيمة الّتي قُدّمت وتقدّم والّتي نعيش في هذه الأيّام ذكراها في لبنان أن تنتج وعيًا عربيًّا وإسلاميًّا وأن نعيش أملًا يردّ كيد هذا العدوّ وعدوانه.
ونعود إلى لبنان لنؤكّد مجدّدًا ضرورة العمل لتعزيز الوحدة الدّاخلية وإزالة كلّ ما قد يؤدّي إلى شرخ بين مكوّناته والّذي مع الأسف بتنا ننتجه كلّ يوم حتّى عدّ هذا البلد بأنّه ولّاد للأزمات… ما يدعو الجميع إلى التّخلّي عن الخطاب القاسي المتوتّر والمستفزّ ويستبدل بخطاب وطنيّ عقلانيّ هادئ… وإذا كان من خلاف فليكن مكانه الغرف المغلقة وفي إطار حوار صادق وموضوعيّ وعقلانيّ يأخذ في الاعتبار مصلحة هذا الوطن وجعله قادرًا على مواجهة التّحديات الّتي تعصف به في الدّاخل والخارج”.
وختم داعيا “الحكومة الّتي تدرس الموازنة إلى أن تضع نصب أعينها أن لا تقع في أخطاء الحكومات السّابقة بمدّ يدها إلى جيوب اللّبنانيين لسدّ العجز بل أن تعمل لحسن استثمار لموارد الدّولة… وهنا نسجّل إيجابيات حصلت على هذا الصّعيد ونريدها أن تستكمل، ونؤكّد عليها مجدّدًا إلى أن تراعي في موازنتها ما وعدت به على صعيد إعمار ما تهدّم وأن تكون له الأولويّة والإسراع بالإيفاء بوعودها لتسهيل إعادة أموال المودعين… لكونها هي الضّامنة لهم وعليها أن تفي بما ضمنت”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى