برنامج القتل الإسرائيلي مستمرّ برعاية أميركية!

كتبت الأخبار:
فيما انتقل جزء من النقاش السياسي حول العدوان الإسرائيلي المستمر إلى نيويورك، حيث وصل الرئيس جوزيف عون على رأس وفد لبنانيّ للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وجّهت إسرائيل أمس، بارتكابها مجزرة جديدة في بنت جبيل، إشارة إضافية إلى عدم اكتراثها بكل الاتصالات الجارية.
وفي المقابل، يواصل الجانب الأميركي التمسّك بموقفه القائل إن لا أحد الآن قادر أو راغب في ممارسة ضغط حقيقي على إسرائيل، وهو ما عكسته النقاشات العسكرية والأمنية التي رافقت انعقاد لجنة «الميكانيزم»، حيث لا يزال الأميركيون يصرّون على أن الجيش اللبناني لم يُنجز مهمته المتمثّلة في نزع كامل سلاح حزب الله، لا جنوب نهر الليطاني ولا شماله.
وبحسب ما كان سائداً في الأوساط الرسمية قبل وصول الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، وما نُقل عن الموفد السعودي يزيد بن فرحان، فإن التقديرات كانت تشير إلى اتجاه إسرائيل نحو مزيد من العنف، في فلسطين ولبنان، مع التأكيد أنه «لا يجب على اللبنانيين انتظار أيّ ضغط أميركي على إسرائيل لإلزامها بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار»، في ظل استمرار تأكيد الولايات المتحدة على ما تسمّيه «هواجس إسرائيلية مشروعة».
ولم تبقِ إسرائيل هذه التقديرات في إطار النظريات، إذ واصلت الفصل الجديد من الاعتداءات الذي بدأ منذ يومين، مع حلول الذكرى الأولى للعدوان الواسع على لبنان. فمع انتهاء اجتماع لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في مقر قيادة «اليونيفل» في رأس الناقورة، بحضور أورتاغوس، ارتكبت إسرائيل مجزرة في بنت جبيل ذهب ضحيتها أبٌ وأطفاله الثلاثة.
فقد أطلقت مُسيّرة إسرائيلية عصر أمس صاروخين عند مدخل بنت جبيل الشرقي: الأول استهدف دراجة كان يقودها الشاب محمد مروة الذي استشهد على الفور، والثاني أصاب سيارة المواطن شادي شرارة الذي كان برفقة زوجته أماني بزي وأولادهما سيلان (14 عاماً) وسيلين (10 أعوام) والتوأميْن هادي وأسيل (سنتان). وفيما استُشهد الأب والتوأمان وسيلين على الفور، أُصيبت الأم وابنتها سيلان بجروح بالغة. وقالت مصادر محلية إن العدو يبدو أنه لم يعد يكترث لمصير السيارات المدنية التي يصدف أن تتواجد بالقرب من أهداف تطاردها قوات الاحتلال.
وقد أدان رئيس الجمهورية الجريمة عبر حسابه على منصة «إكس»، مناشداً المجتمع الدولي «بذل كل الجهود لوقف انتهاكات القرارات الدولية، ولا سيما الدول الراعية لإعلان وقف إطلاق النار والضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي اللبنانية والالتزام بالإعلان. فلا سلام فوق دماء أطفالنا».
من جانبه، اعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري في بيان صدر عن مكتبه مساء أمس أن «دماء هؤلاء اللبنانيين الذين يحملون الجنسية الأميركية برسم من كان ملتئماً في الناقورة وبرسم التظاهرة العالمية التي بدأت تتوافد إلى الأمم المتحدة». وسأل بري: «هل الطفولة اللبنانية هي التي تمثّل خطراً وجودياً على الكيان الإسرائيلي، أم أن سلوك هذا الكيان في القتل من دون رادع وحساب هو الذي يشكّل تهديداً للأمن والسلم الدوليَّيْن؟».
كما وصف رئيس الحكومة نواف سلام، من على منصة «إكس» الاعتداء بأنه «جريمة موصوفة ضد المدنيين ورسالة ترهيب تستهدف أهلنا العائدين إلى قراهم في الجنوب».
وقد أضيفت المجزرة إلى سجلّ المجازر شبه اليومية التي تستهدف الجنوب وأهله، في إطار سياسة إسرائيلية تحكم بالإعدام على بيئة جغرافية كاملة، وليس على المقاومين فقط، فيما تركّز الدولة اللبنانية جهودها على خطة الجيش لمصادرة سلاح المقاومة دون رادع دولي.
وشهد اجتماع الناقورة عرض ممثّلي الجيش اللبناني لتفاصيل الانتهاكات الإسرائيلية منذ اجتماع اللجنة الأخير في 7 أيلول، مع تأكيدهم على ضرورة انسحاب الاحتلال ووقف الاعتداءات لتمكين الجيش من تنفيذ خطته لنزع السلاح.
ولفتت المصادر إلى أنّ أورتاغوس أبدت تقديرها لما أنجزه الجيش تجاه مصادرة السلاح في جنوبي الليطاني، لكنها اعتبرته غير كامل، ويجب على الدولة أن تكون أكثر حزماً، فيما شدّد ممثّلو العدو على شمول المراحل الأولى للخطة منطقة البقاع التي يزعمون أنها تحتوي على مخازن للسلاح النوعي.
وبحسب المعلومات، غادرت أورتاغوس بيروت بعد الاجتماع، واقتصر برنامج زيارتها على لقاء الضباط الميدانيين، من دون أي لقاء مع قائد الجيش رودولف هيكل، الذي يصرّ على تنفيذ خطته بعيداً من الضغوط السياسية أو الغربية، مع اشتراط وقف الاعتداءات وسحب الاحتلال.
في غضون ذلك، قالت مصادر إن اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية والموفد السعودي يزيد بن فرحان قبل يومين لم يتطرّق إلى مبادرة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم تجاه المملكة العربية السعودية. وأضافت أن ابن فرحان وضع عون في أجواء الحوار الإيراني – السعودي، واصفاً إياه بأنه «إيجابي وقائم ومستمر»، لكنه تجاهل مبادرة قاسم من دون التعليق عليها سلباً أو إيجاباً.
كذلك علمت «الأخبار» أن اتصالات تجري لعقد لقاء لبناني – فرنسي – سعودي – قطري على هامش اجتماعات نيويورك للبحث في دعم الجيش اللبناني ودعم إعادة الإعمار.