لهذه الأسباب لا تأجيل للانتخابات..

كتب عماد مرمل في الجمهورية:
يأخذ الإشتباك السياسي حول قانون الانتخاب وتعديلاته منحى تصاعدياً، تُرجم بثبات رئيس مجلس النواب نيبه بري على رفض إدراج اقتراح القانون المعجّل المكرّر للسماح بتصويت المغتربين لجميع النواب الـ128 على جدول أعمال الجلسة التشريعية الاثنين المقبل، ما دام لا يزال يخضع للدرس في اللجنة الفرعية، فيما يهدّد «رعاة» هذا الاقتراح بتصعيد الضغط لعرضه على الهيئة العامة. فهل ينتهي الأمر إلى إرجاء الانتخابات؟ أم أنّ إجراءها حتمي؟
بدأت بعض الأوساط السياسية تتداول في إمكان تأجيل الانتخابات النيابية المقبلة، تحت وطأة الخلافات المستحكمة بين القوى الداخلية، حول التعديلات المفترض إدخالها على قانون الانتخاب الحالي، خصوصاً في ما يتعلق باقتراع المغتربين.
لكن هناك في المقابل من يجزم بأنّ الانتخابات حاصلة في موعدها المقرّر في أيار المقبل، الّا إذا حصلت تطورات دراماتيكية فرضت تأجيلها قسراً، من نوع أن يشن العدو الإسرائيلي حرباً واسعة على لبنان مجدداً.
ومن دون ذلك، يبدي أصحاب هذا الرأي اقتناعاً بأنّ الاستحقاق الانتخابي النيابي سيتمّ في موعده لأسباب عدة، من بينها انّ كلاً من الأفرقاء المحليين يعتبر أنّ هذا الاستحقاق سيشكّل فرصة ثمينة لإثبات قوته الشعبية والسياسية، تمهيداً لترجمتها في معادلات السلطة والتوازنات الداخلية. إذ إنّ خصوم «حزب الله» يفترضون أنّ الظروف الحالية السائدة في لبنان والمنطقة هي مؤاتية لهم لكسب الأكثرية في المجلس النيابي الجديد، واستثمار مفاعيل الحرب الإسرائيلية على «حزب الله» وحلفائه الإقليميين في صناديق الاقتراع، بحيث يكون المجلس المقبل على صورة التحولات الداخلية والخارجية وانعكاساً لها. ويعتبر هؤلاء، أنّ التغيير الذي حصل في موقعي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة يجب أن يتمدّد إلى مجلس النواب، حتى تكتمل معالم «السلطة الجديدة» المتخففة من نفوذ محور المقاومة والممانعة.
أما الثنائي «حزب الله» وحركة «أمل» فيجد في الانتخابات المقبلة مناسبة لإعادة تثبيت حضوره وتمثيله داخل الطائفة الشيعية، ولتأكيد جماهيريته الكاسحة والالتفاف الشعبي حول خياراته الاستراتيجية، رداً على ترويج معارضيه في الداخل والخارج بأنّه أصبح مهزوماً وضعيفاً، وانّه فَقَد التأييد الواسع الذي كان يحظى به في بيئته، وبالتالي فإنّ المعركة في صناديق الاقتراع لا تقلّ أهمية بالنسبة إلى الثنائي، وخصوصاً «حزب الله»، عن المعارك الميدانية.
وبهذا المعنى يريد «الثنائي» عبر منصة الانتخابات إفهام القاصي والداني بأنّه كان وسيبقى رقماً صعباً في المعادلتين الشعبية والسياسية، غير قابل للطرح او للقسمة ولا يمكن تخطّيه.
ثم إنّ رئيس الجمهورية العماد جوزاف الذي أصرّ على إجراء الانتخابات البلدية الأخيرة، لن يقبل بالتأكيد «تشويه» عهده بالتمديد للمجلس الحالي وتأجيل الانتخابات، في اعتبار أنّ من شأن مثل هذا الامر أن يشكّل ضربةً قويةً للعهد ولصدقية الشعارات التي رفعها منذ ولادته.
وإلى جانب الاعتبارات المحلية، يصرّ الخارج بدوره على حصول الانتخابات في موعدها الدستوري، وليس خافياً في هذا السياق، انّه يضع الدولة اللبنانية تحت المجهر ويراقب سلوكها في الملفات كافة، وبالتالي هو يعتبر أنّ احترام لبنان لتلك العملية الديموقراطية يشكّل أحد معايير بناء الثقة فيه، والتأكّد من التزامه بالمسار الإصلاحي المطلوب منه.
كذلك، تأمل بعض الجهات الإقليمية والدولية، في أن تفرز العملية الإنتخابية توازنات سياسية ونيابية أكثر ملاءمة لحساباتها ومصالحها، وتسمح لها باستكمال الإطباق على «حزب الله» وحلفائه في الدولة.
وإزاء كل هذه العوامل المتشابكة والمركّبة، من المستبعد أن يكون في مقدور أي طرف لبناني تحمّل مسؤولية إرجاء الانتخابات والتداعيات التي يمكن أن تترتب على ذلك.